ذات مساء شعرت بضيق شديد ورغبة عارمة في أن أتنفس بعض الهواء النقي فطلبت من والديّ الخروج لبعض الوقت إلى الحديقة المقابلة لمنزلنا وبعد إلحاح كبير وافقا على مضض وقبل أن يقوما بتغيير رأيهما دخلت مسرعة إلى غرفتي ، وعلى عجالة ارتديت عباءتي السوداء الفضفاضة ،حجابي ، معطفي ،حقيبتي ،حذائي ،ولففت شالا صوفيا أحمر حول عنقي ،وهرولتُ مسرعةً إلى الخارج ؛
شعرتُ أنني إن لم أخرج وقتذاك فلن أغادر أبداً ! ،فالهواء كاد أن ينقطع عن رئتي بنفس اللحظة التي خرجت بها من منزلي
،أخذت أستعيد أنفاسي بعمق ، ظهرتْ على وجهي ابتسامة نصر وفرح لم ترتسم على وجهي منذ سنوات ،فشعرت أنني أتنفس حرية وإن كانت مؤقتة ؛
بخطى خفيفة ، شفافة ، وواثقة سرت باتجاة الحديقة بينما أحاول أن أمتلئ بكل ما أراه حولي , أنظره بدقة وتمعن ، أتفحص كل التفاصيل التي أمر بها بعناية فائقة ،وكأنني لن أراها مجدداً ! ؛.. الطريق الذي أسير فيه ،عمود الإنارة المائل قليلاً باتجاة اليمين ، القطة الفارة من منزل جارتنا بعد أن تسللت وأخدت ما تبقى من طعام العشاء ، صغارها الذين ينتظرونها بولهٍ وينتظرون الطعام بصبر ، قلبي الذي كان يرقص فرحاً فيسارعني الخطى ، روحي التي كانت تحلق عالياً وتجوب كل الأركان ، وأنا ؛ .. وصلتُ منتصف الطريق الذي يفصل منزلي عن الحديقة ،وقفت مُلتفتة للوراء أتمعن السياج الحديدي المحيط بمنزلي بإصرار وقوة ثم ابتسمت له قائلة :
_ ” هأنذا استطعت أن أغادرك ، أتنفس خارجك ، وإن كان ذلكَ مؤقتاً لكنني أشعر بالنصر ”
أخذتُ أتفحصه لوقت طويل ثم انتبهت أن الوقت يداهمني وأنني لم أصل للحديقة بعد ركضت مسرعة نحو الحديقة على الرغم من أنه ليس ثمة من سأُقابلهُ هناك أو ينتظرني لكنني أردت أن أكون مع الحديقة لأجدني وصلت إلى الحديقة جلست على كرسي موجود في المنتصف على إطلالة جميلة لطالما رسمتها بمخيلتي وحين كان لا يُسمح لي بمغادرة السياج الحديدي ؛
قررت هذه المرة ألا أبكي ولا أنتحب كما فعلت منذ سنوات عندما غادرت السياج إلى الحديقة أخذت نفساً عميقاً ثم ابتسمت للأشجار المحيطة بي وللطيور التي تُحلّق بالقرب مني مُرحبةً بي وتلك التي ترجَّلتْ على الأرض لنتشارك معاً أكل ” الحب ” كأول عربون صداقة بيننا وفجأة تغير الطقس دون سابق إنذار رعد ،برق ،مطر ،وأنا حتى الطيور غادرتني آنذاك بسرعة خاطفة أخذت شالي الأحمر الملفوف حول عنقي وغطيت به رأسي ووجهي وركضت مُسرعة للعودة إلى المنزل لأصل في الوقت المحدد لكي لا يتم مُعاقبتي وحرماني من الهواء ورؤية الطيور والسماء لسنوات أخرى وحتى لا ينتشي السياج رؤيتي بداخله مطولاً بينما أنا أركض أوقفتني إمرأة ترتدي ثياب سوداء
وسترة سوداء طويلة وغطاء يغطي رأسها ونصف وجهها فلم أستطع تمييز ملامحها وجُل تفاصيلها طلبتْ مني شالي الصوفي الأحمر مُتججة أنها تشعر بالبرد نظرت لها بغرابة ولم يقنعني مُبررها كثيراً لكنني أردت أن أنهي ما يدور بيننا لأصل إلى المنزل بأقرب وقت ممكن رفعت رأسي ونظرت إلى منزلي الذي لا يبعد مسافة كبيرة عن الحديقة فوقعت عيناي على السياج وهو يبتسم لي بسخرية ممزوجة بتهكم لم أُعره اهتمام ثم أخذت أخلع شالي و أعطيتها إياه حتى أتخلص من هذا الانقطاع الذي لن يُغفر لي إن تأخرت أكثر وحتى أصل بسلام !!..
هممت بالمغادرة ومواصلة طريقي باتجاة السياج نحو المنزل وكل شيء فيني يسابقني إليه وقعت عيناي على السياج مرة أخرى لكن هذه المرة كان يضحك بصخب،خبث،ونصر تكاد تصلني حرارة قهقهاته وتلفحني شرارة ما يُضمره في قلبه ! ؛ توجست كما لم أكن أشعر ونظرت له بذهول وريبة كما لم أكن أفعل ،شعرت أن شيء ما تسلل إلى أعماقي بخبث بنفس اللحظة فأخذت اشهق بصعوبة بالغة ،تصببتُ عرقاً ،وجثوت على ركبتي ! ؛
سمعت ضحكات هستيرية تأتي من خلفي التفتُّ فإذا بنفس المرأة التي أخذت شالي تحمل قطعة حديدية تشبه السياج الحديدي حول منزلي أو أنها جزءٌ منه ،تغرسها في ظهري مرات عديدة ،تنتشي ذلك ،فتضحك أكثر ! ؛
أشحت وجهي عنها بعد أن عجزت عن مقاومتها ،حتى تنتهي مما تقوم به ،حتى لا تستمتع أكثر برؤيتي أتألم ،وحتى لا يكون بشاعة ما أمر به آخر ما أراه في الحديقة الجميلة ؛ سحبت المرأة الوحش القطعة الحديدية التي غرستها مرات عديدة فيَّ ، شعرتُ أنها نجحت في أن تُخرج الكثير مني إلاي ! ،تأوت بوهن ،قلة حيلة ،وكثير من الصبر ،لم تبال ! ، أخذتْ شالي الصوفي الأحمر ولفَّتْه حول عنقي بخفة ورتابة ثم غادرتْ المكان ؛ سقطتُ بقوة على الأرض المملؤة بالعشب الأخضر الغارق بدمي مُستلقية على ظهري ،كانت الأرض تحاول تضميد جراح جسدي ،فجأة عاد الطقس جميلاً مرة أخرى ،وابتعدت الغيوم لتحاول السماء تضميد جراح قلبي ! ؛
كنت أنظر للسماء بعشق وأتوق أن تحتضنني كما تفعل الأرض أخذت أجول ببصري في المكان الذي أحبه بشغف ،أردت أن أتشرّبه لأرتوي وأتشبّع منه قِطعة قِطعة لتبرأ روحي قبل جسدي ؛
ابتسمت للجميع للأشجار ،الأزهار ،الألعاب ،الكرسي الذي أحب الجلوس عليه ، نظرت للسماء ،ابتسمت لها ابتسامة مُودع لا يُريد فِراقها ،ويود الفرار من كل شيء يمر به إليها ! ؛
تنبّهتُ أنني لم أر الطيور بعد ،لم أودعها هي الأخرى ،لقد أصبحنا أصدقاء ينبغي أن أراها قبل أن أغادر ؛
غادرني كل شيء ابتداءً بأحلامي وانتهاءً بدمي إلا رغبتي في رؤية الطيور أبت أن تغادرني ! ؛ ..
أغمضتُ عيني بوهن على أمل أنني سأرى الطيور ،وأتحدث إليها لكن بمخيلتي ، حينذاك سمعت أصوات الطيور تناديني ! ،فتحتُ عيني بقوة وإرادة بالغتين رغم كل شيء ،فرأيتُ الطيور تُحلّق حقيقةً بالقرب مني ،بعضها كان يبكيني ،والبعض الآخر يبتسم لي بحزن وأسى بينما يحتضنّي الجميع بأعينهم قبل أجنحتهم ؛
قبل أن أغمض عيني لآخر مرة رأيت الطيور وهي تنتشلني ،تأخذني معها عالياً باتجاة الأفق لأعانق السماء ! ؛
شعرتُ بالامتنان للجميع لله ،للطيور ،والسماء ،ابتسمت باتساع ورضا ،ثم أغمضتُ عيني ،وغادرت !..
شعرتُ أنني إن لم أخرج وقتذاك فلن أغادر أبداً ! ،فالهواء كاد أن ينقطع عن رئتي بنفس اللحظة التي خرجت بها من منزلي
،أخذت أستعيد أنفاسي بعمق ، ظهرتْ على وجهي ابتسامة نصر وفرح لم ترتسم على وجهي منذ سنوات ،فشعرت أنني أتنفس حرية وإن كانت مؤقتة ؛
بخطى خفيفة ، شفافة ، وواثقة سرت باتجاة الحديقة بينما أحاول أن أمتلئ بكل ما أراه حولي , أنظره بدقة وتمعن ، أتفحص كل التفاصيل التي أمر بها بعناية فائقة ،وكأنني لن أراها مجدداً ! ؛.. الطريق الذي أسير فيه ،عمود الإنارة المائل قليلاً باتجاة اليمين ، القطة الفارة من منزل جارتنا بعد أن تسللت وأخدت ما تبقى من طعام العشاء ، صغارها الذين ينتظرونها بولهٍ وينتظرون الطعام بصبر ، قلبي الذي كان يرقص فرحاً فيسارعني الخطى ، روحي التي كانت تحلق عالياً وتجوب كل الأركان ، وأنا ؛ .. وصلتُ منتصف الطريق الذي يفصل منزلي عن الحديقة ،وقفت مُلتفتة للوراء أتمعن السياج الحديدي المحيط بمنزلي بإصرار وقوة ثم ابتسمت له قائلة :
_ ” هأنذا استطعت أن أغادرك ، أتنفس خارجك ، وإن كان ذلكَ مؤقتاً لكنني أشعر بالنصر ”
أخذتُ أتفحصه لوقت طويل ثم انتبهت أن الوقت يداهمني وأنني لم أصل للحديقة بعد ركضت مسرعة نحو الحديقة على الرغم من أنه ليس ثمة من سأُقابلهُ هناك أو ينتظرني لكنني أردت أن أكون مع الحديقة لأجدني وصلت إلى الحديقة جلست على كرسي موجود في المنتصف على إطلالة جميلة لطالما رسمتها بمخيلتي وحين كان لا يُسمح لي بمغادرة السياج الحديدي ؛
قررت هذه المرة ألا أبكي ولا أنتحب كما فعلت منذ سنوات عندما غادرت السياج إلى الحديقة أخذت نفساً عميقاً ثم ابتسمت للأشجار المحيطة بي وللطيور التي تُحلّق بالقرب مني مُرحبةً بي وتلك التي ترجَّلتْ على الأرض لنتشارك معاً أكل ” الحب ” كأول عربون صداقة بيننا وفجأة تغير الطقس دون سابق إنذار رعد ،برق ،مطر ،وأنا حتى الطيور غادرتني آنذاك بسرعة خاطفة أخذت شالي الأحمر الملفوف حول عنقي وغطيت به رأسي ووجهي وركضت مُسرعة للعودة إلى المنزل لأصل في الوقت المحدد لكي لا يتم مُعاقبتي وحرماني من الهواء ورؤية الطيور والسماء لسنوات أخرى وحتى لا ينتشي السياج رؤيتي بداخله مطولاً بينما أنا أركض أوقفتني إمرأة ترتدي ثياب سوداء
وسترة سوداء طويلة وغطاء يغطي رأسها ونصف وجهها فلم أستطع تمييز ملامحها وجُل تفاصيلها طلبتْ مني شالي الصوفي الأحمر مُتججة أنها تشعر بالبرد نظرت لها بغرابة ولم يقنعني مُبررها كثيراً لكنني أردت أن أنهي ما يدور بيننا لأصل إلى المنزل بأقرب وقت ممكن رفعت رأسي ونظرت إلى منزلي الذي لا يبعد مسافة كبيرة عن الحديقة فوقعت عيناي على السياج وهو يبتسم لي بسخرية ممزوجة بتهكم لم أُعره اهتمام ثم أخذت أخلع شالي و أعطيتها إياه حتى أتخلص من هذا الانقطاع الذي لن يُغفر لي إن تأخرت أكثر وحتى أصل بسلام !!..
هممت بالمغادرة ومواصلة طريقي باتجاة السياج نحو المنزل وكل شيء فيني يسابقني إليه وقعت عيناي على السياج مرة أخرى لكن هذه المرة كان يضحك بصخب،خبث،ونصر تكاد تصلني حرارة قهقهاته وتلفحني شرارة ما يُضمره في قلبه ! ؛ توجست كما لم أكن أشعر ونظرت له بذهول وريبة كما لم أكن أفعل ،شعرت أن شيء ما تسلل إلى أعماقي بخبث بنفس اللحظة فأخذت اشهق بصعوبة بالغة ،تصببتُ عرقاً ،وجثوت على ركبتي ! ؛
سمعت ضحكات هستيرية تأتي من خلفي التفتُّ فإذا بنفس المرأة التي أخذت شالي تحمل قطعة حديدية تشبه السياج الحديدي حول منزلي أو أنها جزءٌ منه ،تغرسها في ظهري مرات عديدة ،تنتشي ذلك ،فتضحك أكثر ! ؛
أشحت وجهي عنها بعد أن عجزت عن مقاومتها ،حتى تنتهي مما تقوم به ،حتى لا تستمتع أكثر برؤيتي أتألم ،وحتى لا يكون بشاعة ما أمر به آخر ما أراه في الحديقة الجميلة ؛ سحبت المرأة الوحش القطعة الحديدية التي غرستها مرات عديدة فيَّ ، شعرتُ أنها نجحت في أن تُخرج الكثير مني إلاي ! ،تأوت بوهن ،قلة حيلة ،وكثير من الصبر ،لم تبال ! ، أخذتْ شالي الصوفي الأحمر ولفَّتْه حول عنقي بخفة ورتابة ثم غادرتْ المكان ؛ سقطتُ بقوة على الأرض المملؤة بالعشب الأخضر الغارق بدمي مُستلقية على ظهري ،كانت الأرض تحاول تضميد جراح جسدي ،فجأة عاد الطقس جميلاً مرة أخرى ،وابتعدت الغيوم لتحاول السماء تضميد جراح قلبي ! ؛
كنت أنظر للسماء بعشق وأتوق أن تحتضنني كما تفعل الأرض أخذت أجول ببصري في المكان الذي أحبه بشغف ،أردت أن أتشرّبه لأرتوي وأتشبّع منه قِطعة قِطعة لتبرأ روحي قبل جسدي ؛
ابتسمت للجميع للأشجار ،الأزهار ،الألعاب ،الكرسي الذي أحب الجلوس عليه ، نظرت للسماء ،ابتسمت لها ابتسامة مُودع لا يُريد فِراقها ،ويود الفرار من كل شيء يمر به إليها ! ؛
تنبّهتُ أنني لم أر الطيور بعد ،لم أودعها هي الأخرى ،لقد أصبحنا أصدقاء ينبغي أن أراها قبل أن أغادر ؛
غادرني كل شيء ابتداءً بأحلامي وانتهاءً بدمي إلا رغبتي في رؤية الطيور أبت أن تغادرني ! ؛ ..
أغمضتُ عيني بوهن على أمل أنني سأرى الطيور ،وأتحدث إليها لكن بمخيلتي ، حينذاك سمعت أصوات الطيور تناديني ! ،فتحتُ عيني بقوة وإرادة بالغتين رغم كل شيء ،فرأيتُ الطيور تُحلّق حقيقةً بالقرب مني ،بعضها كان يبكيني ،والبعض الآخر يبتسم لي بحزن وأسى بينما يحتضنّي الجميع بأعينهم قبل أجنحتهم ؛
قبل أن أغمض عيني لآخر مرة رأيت الطيور وهي تنتشلني ،تأخذني معها عالياً باتجاة الأفق لأعانق السماء ! ؛
شعرتُ بالامتنان للجميع لله ،للطيور ،والسماء ،ابتسمت باتساع ورضا ،ثم أغمضتُ عيني ،وغادرت !..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.