الصفحات

فصل من رواية "دروب تشرين " ..**مريم حوامدة

كان فجر اليوم الأول بعد نجاتك من موسم الحمى الذي استمر اربعة أيام
استيقاظك المبكر وحركتك ومغادرتك السرير وذهابك إلى غرفة الجلوس وبرغم الهدوء الذي حافظت عليه كي لا تزعجني أدهشني في الواقع
هذا اللطف وهذه الرقة اللامتناهية سلبت عقلي قبل قلبي ، كم كنت سعيدة بك وبنفسي لأنك نجحت وتغلبت على المرض والتعب قفزت من السرير باتجاهك وقبل ان انطق بكلمة شكر لله نطقت انت " هل تسمحين لي بأن أحضنك قليلا ؟ "
طبعا طبعا لك ذلك قلتها بخجل ولكن داخلي كان يطلبها منك أكثر
يااااه لهذا الكم الهائل من الدفء من الرقة من الحنان

ضغطت أكثر وأكثر منك بل قسوت أكثر قبلت رأسك شعرت بارتجاف أوصالك بين أحضاني حتى بكيت أنت وبكيت أنا
وماذا الآن ؟
-دعني احضر لك الطعام انت لم تأكل منذ أيام ولا أنا
-لا لا لا أريد قهوة فقط أريد ان أستحم أريد أن أخرج لأشاهد المدينة
لكن السماء ماطرة جدا يا حبيبي وباردة
آسفة آسفة لكلمة حبيبي لم أقصد مضايقتك أنا أحبك نعم ولكن بالمفهوم الخاص بي أقولها عادة الى من أحبهم
وأنا أحبك مثلهم
حسنا جهزي نفسك الآن لنخرج
لتفتح المظلة اذن فعلا أنها تمطر ولكن هناك دفء وجمال دعينا نسير حتى أتعب
أنا أخاف عليك من البرد أخاف من عودة الحمى
لا عليك فقط اقتربي أكثر تحت المظلة
نحن لم نقترب نحن في الحقيقة التصقنا ببعضنا من شدة الاشتياق قبل البرودة ......
عندما تثمل ذاكرة الكون قليلا فإن المعجزات تحدث بدون ترتيب كما تريد
قوة الجذب لا تحاسب الزمان والمكان
قلت لك سابقا هذا الأمر
مجرد التفكير بأمر تعتقد أنه مستحيل مع التركيز عليه قليلا في أوقات متتابعة يأتي إليك سهوا وبلا توقعات المهم أن تكون جاهز بذاكرتك
من منا كان لديه أي فكرة أو أمل في لقاء مطول أو جلسة في ساحة الجامعة مثلا ؟ حتى مجرد فكرة الإتصال بك لقول هلو فقط كانت أضغاث أحلام بالنسبة لي
هاتفك الصامت أو خارج التغطية أو رنين بلا رد
ماذا كنت تتوقع ؟ هل سيحدث وأن نعيش ثلاثة عشر يوما في مكان واحد
تحت سقف واحد !!
في سرير واحد !!
نحنا سعداء لأول مرة في حياتنا هناك احتمالات بأن تكون الأخيرة
هل توافقني الرأي ؟
لا تقلق لقد تعودنا وأدمنا القسوة
ما حصل هو معجزة ....لا بل أنت معجزة
وأسطورة على الأقل بالنسبة لي
هل يروقك هذا القول ؟
استثنائية أنا... اعتقد لا ضرورة للحديث أكثر الجواب لديك
جلي هذا اللقاء بأن يكون استثناء
انتهى الوقت
هو الوداع الآن
انتظري... انتظري
وداعا... "سيدة السماء في أرضي "
سأنتظرك سألتقيك مجددا سألتقيك ...

*مريم حوامدة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.