الصفحات

رحلة ميدانية علمية || سمر كلاس

قصة من ذاكرة الأيام..
من هنا.. في غرفتي المتواضعه.. تتكئ عيني هناك في البعيد البعيد..على ظل العشب في غاباتها المخملية الناعمة الهادئة.. حيث نستطيع أن نخلد فيها بسبات هني.. نحن مجموعة من طلبة العلم بمختلف الجنسيات في بحث ميداني في الجزائر العاصمة لأحد الشواطئ الممتدة عبر غابات البلوط الشهية.. نتعرف على أنواع النباتات والفطريات ونصنف كل منها وفق مملكتها.
نجري معا.. نسابق الريح.. كان الفرح كزهر الربيع يحيطنا من كل جانب.. أنا وميسر، رضا، خالد، بهية، أسامة،خديجة، فاطمة، أحمد، مجموعة من عدة مجموعات نسير على شاطئ ضاحك..
تحيط بنا النوارس من كل الجهات.. نسمات عطرة بمياه البحر المالحة تتوسد الشفاه والخدود.. كان لابد أن أمنح عطري للبحر.. لينام الملح على يدي.. أجمع بيدي هلوسة العاشقين..لأضعَها على خدي واستعد لحفلة رقص شهي.. حين أكون في البحر.. أفقد شهيتي للأكل.. وأصبح راقصة بارعة.. كان لابد أن نسلك الدرب الطويل الممتد عبر الشاطئ.. قد يؤخرنا رقصتين.. لكننا سنزرع نرجس الكلام.. ونحظى بمرج فيه من زهر اللوز ما لذ وطاب.. لطالما أحب خالد صديقتنا بهية.. لهذا آثر أن يبقى برفقتها ليعدّا الطعام.. سألني ماذا أعددت.. قلت له تبولة.. و قطع دجاج متبل لابد من شوائه.. حسنا سأطهو ما جلبت كوني مطمئنة.. وأنت ميسر حمص بالطحينة ومتبل باذنجان.. وأنت خديجة.. فأجابته مسفوف.. ما إن انتهينا.. حتى باشرنا بالعدو السريع وكأننا في سباق. أعترف أننا أتعبنا الدكتور عباس العراقي في رحلتنا هذه.. كان من الأشخاص المركبة.. بسيط.. يتصنع الأنفة.. كان علينا جمع كل ما هو غريب مجهول النسب من النباتات ليتم تصنيفها ومن ثم نتعرف عليها.. امتلأ مخزوننا بالنباتات.. ونفذ الاحتياطي من ماء الشرب.. وكان علينا العودة لنشرب.. كل ما جمعته ذاكرتي من تلك المروج جميل.. اللوز والبلوط.. الفراشات الأفريقية كبيرة الحجم.. أعشاب غريبة الشكل.. النوارس تشكل دائرة تستع لوليمة أسماك كثيرة.. ها قد عدنا والجوع يصفع معدتنا.. المائدة على الأرض ممتدة بشكل مستطيل.. وعلى بعد نظرتين.. لفظت الدهشة صرختها… وقلت: ماهذا؟!! مشيرة بإصبعي على التبولة.. قال تبولة.. أجبته أعرف هذا.. اجابني أوه سمر لا تقلقي قمت بطهيها جيدا.. طار الحمام من برجه.. وسقط العندليب من شرفته.. ولفظت الروح يأسها.. جلس الدكتور عباس متحدثا وهو ينظر إلىّ.. كلوا كما يأكل السّوري.. قال الجمع وهو يضحك متعمدا إغاظتي.. وكيف يأكل السوري؟!.. أجابهم يأخذ الخبز ويشكلها كملعقة ويغرف من الأكل بيده ثم ببساطة يدخلها إلى فمه.. ضحك مستهزئا.. متعمدا إغاظتي.. ذلك لأنهم لا يعرفون استخدام الملعقة.. فار تنور غضبي.. وبعصبية أخذت ملعقة.. ووضعت في طبقه كمية كبيرة من التبولة التي لم تعد شهية.. وقلت باعتبار أنك مريض بالكولسترول والسكر وعندك ضغط.. لا يجب أن تأكل غير هذا.. هو طبقك لهذا اليوم بملعقة دكتورنا المعظم.. وافقني جميع الطلاب.. أخذه و شكرني على استحياء بصمت.. أكلنا.. رقصنا.. لعبنا بماء البحر حتى لبسناه. كنا كالريش نتطاير.. والريح يبسط عباءة الفرح.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.