لأم خليل شغف بقصص المرحومة ثريا إحدى نساء العائلة القويات ، وأجمل ما استعادته ام خليل من قصص ثريا كانت: حين حضر أحد الشبان الصغار يطلب منها استعارة حمارة إبنهاحسين ..
بادرته يومها بأسئلتها الإستفسارية ظاهريا لكنها تحقيقية وتتابع كل كلمة بدقة متناهية :
: ماذا تريد يا ولد ؟
( كل أعزب مهما بلغ من العمر يبقى في نظرها ولد الى أن يتزوج فيصبح رجلا ورب أسرة )
: جدي أبو فضل أرسلني ، يريد استعارة حمارتكم لننقل محصول العدس .
إتسعت حدقتاها وهي تتخيله يأخذ الحمارة وتتأخر عنده كالعادة، وسيتعطل عمل ابنها حسين الذي ينوي نقل الزبل إلى أرضه جنوبي القرية .
أجابت مدعية صعوبة السمع:
حسين في عمله بالخضارة ( مخضر)
فاعتقد انها حقالم تسمعه جيدا فكرر طلبه:
جدي أبو فضل أرسلني لاخذ الحمارة
أصرت على موقفها مدعية السمع الثقيل
: تسال عن الصغير علي ؟
علي يلعب في الحارة .
احتار الشاب فكرر قبل ان يفرغ صبره: الحمارة ، اقول لك الحمارة ..رافعا صوته عاليا كمن يستغيث.
ولكن ثريا عنيدة لا تتزحزح عن موقفها :
الآن فهمت ،أنت تسال عن زوجة ابني حسين ...لا ليست موجودة ذهبت في زيارة .
بدأ الغضب الشديد ونفاذ الصبر ينتابانه من هذه الصماء.
يائسا رفع صوته:
: أقول الحمارة، الحمارة ..
وكمن ينفخ في قربة مقطوعة ، جاءت إجابة ثريا الصامدة في وجه طلبه تابعت غربلة القمح، متجاهلة وجوده .
نكص الشاب على عقبيه نافخا.
بمغادرته قفز الصغير حفيدها علي مستغرب تصرف جدته:
جدتي ، هل تشعرين بشيء في أذنيك ؟ ما بالك اليوم ؟
ضحكت حتى بانت سنها الذهبية : انا اسمع دبيب النملة يا ولد ،لكن ابا فضل أكثر من استعارة الحمارة ، (إللي بدو يعمل فلاح بيقتني كل عدة الشغل )
منذ سنة وهو يستعيرها ووالدك يعطيه إياها خجلا...بإمكانه أن ينعتني ب الطرشاء والخرساء لو أراد لكنني نفذت ما أريد ولم أعطه مراده .
ووسط عاصفة ضحك الأبناء وبعض الأحفاد أخذ مذيع الأخبار في التلفزيون ينقل آخر صرعات الرئيس ترامب توقفت أم خليل عن سرد قصص ثريا معلقة : وهذا أشاع دعاية تنعته بالمجنون ليفعل ما يريده وسيعلق الجميع : إنه مجنون ولا حرج عليه أو رادع له، ونحن العرب أتقنا الترويج لجنونه .
(المُخَضٌِر هو حارس جوال يتفقد الأراضي الزراعية من السارقين والمعتدين ويمارس عمله باتفاق مع اهل القرية )
أسمهان خلايلة
الجليل الفلسطيني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.