الصفحات

رسائل زمن الورد 10 | وليدة عنتابي

الرسالة العاشرة 
يا رجلاً من نيران وأشواق ..!.
أكاد أُجزم أنّي يوم تلقيت نداءك لأول مرّة,كنت أبزغ من قميص غفلتي , وأنسلّ من أحزمة توتّري ,بقلب أبلج كالوليد, وحواس تنبض بيفاعتها واخضلالها, كان صوتي يناضل سلطنة الوصاية,ويصرخ في بهو الصّمت , بكل اللغات , بأنّ ما من روعةٍ كروعة السّر , وما من بهجةٍ كبهجة الوصل, فيا من يلوح من أهل الأشواق , متذوّقاً عسل صيامه على خوان هيامه, رافعاً إلى سدرة روحه كأس تبتله, لتتكاثر الظلال والأبعاد , مشكّلة أراجيح مسرّة لسكرات الوجد , وقد شعّ قطر الحميّا على عندم الفجر.

ألفيتك على على مدارج المجاهدة,ومطبّات المغالبة لكل ما يثقل الروح,ويبلبلها,لتبقى مشدودة إلى الجسد,ألفيتك في انخطافٍ يكشف روح الأشياء , ويقاربها ( بوعي الثمالة لا بوعي الدلالة ) لكي تغادر جمودها, وتطلق صرخة الولادة.
وأنت على مشارف انجذابك إلى السّر المكنون الذي دونه محيطات , وقارّات من نزاع وصراع, ومكابدة ومجاهدة ,تلوّح لغيابي الذي يؤرق سلامك, ويستلّك من شفيف حدسك,بأنّ كلّ ما يستلب الحواس قائم على الجهل,مبنيّ على التسليم والانصياع.
طوبى لتلك الإشراقة التي لاحت في أفق وعيك, الذي لا مثيل له في حساسيته, وصدق شعوره,وهيَفه الذي يتجاوز جَلَفَ هذا الزمن الأخرق ,قنّاص الفرص المغموسة بالعوز, وسوء الحال.
إنّ وعياً مثل وعيك لاحت له بوارق السّر, وإنْ من بعيد , في انخطافة برقية , لجدير بالتقديس والتبريك, فمن أين لعين الروح أن تدرك النور إن لم تعارك أمواج الظلام ؟
أولى بغيابي أن يريك( الشمس في منتصف الليل),فكان لابدّ لي من الاختفا ء.
أتظنّ أنني لو بقيت لصيقة بك كظلّك ستكون كما تريد وتتمنى أن تكون؟ أكاد أجزم أنّ الأمر سيكون على غاية من التعقيد .
إنّ (طبع
الكائنات الذي هيّأ لنا تلك الضربة القاصمة للظهر, أعني ضربة انشطارنا إلى اثنين, أوانفصال كلّ منّا عن الآخر ).لو لم يفعل بنا ما فعله , لم نكن لنحنّ إلى المثال , أو لنتطلّع إلى مشاهدة الرؤيا الصاعقة, تلك الرؤيا التي لا تكون إلّا إذا انفك النظر من شروطه, وغدا حرّ المسار, يغزّ ويوغل في البعيد .
ولكنّك يا توءم الروح أضعف من أن تغادر محابس طبع الأشياء , فلا يحزنك تقهقرك المغلوب , بعد أن بلغت عتبة كهف الأسرار...لأنّك لم تخلص البحث, والتوغّل في براري السّر,بل شغلتك مآسي البشر وتطلعاتهم, واندحاراتهم أمام الجشع , ذلك الذي يؤسسّ كلّ المصائب , والكوارث .
إنّ الذي انتزعني منك ليحيلني إلى شغفٍ يشغلك, وسهاد يمنع عن روحك الهجوع ليبقيها ساهدة سادرة, تتأمّل وجوه الحقائق مقلّبةً مفاتيح انطلاقها لعبورٍ (خلاصّي ) يهيب بكلّ ما من شأنه الولوج إلى (كهف الأسرار) , أنْ يتدارك مسألة الانشطار, متجاوزاً مزالقها المهلكة,لينجو بإنجاز تصالحه الخاصّ مع كلّ ما لا يمكن له أن يصالحه من مسائل , وإلّا سيكون عالقاً بين الأرض والسماء , بين القوة والفعل
فأيّ عذاب أن لايملك المرء قرار المصالحة, إلّا إذا كان مشروطاً بكلّ ماهو زائل وأرضيّ ؟!
عند ذلك تكون الاستحالة , وتظلّ الحرب قائمة, وبقى الحال على ما هو عليه .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.