الصفحات

نحو انقلاب جذري في تعريف الشعر العربي | عبد الحميد دلعو ـ راوند

نحو انقلاب جذري في تعريف الشعر العربي .... مما يسقط الكثير من العمودي و يدخل الكثير من النثر الموسيقي .....
الشرط اللازم و الكافي للكلام كي يكون شعراً هو
( الشاعرية الخلّاقة للموسيقا )... و كل ما زاد على ذلك عبارة عن قيود و شكليات أرهقت القصيدة العربية في عصور الكلاسيك، إذ كبلت عواطفها بالتفات الشاعر إلى المبنى مراعياً الجزالة و استحضار تراكيب العصر العباسي ، فتراها قصيدة اليوم لكن بروح الأمس .... لكأني بها خارجة للتو من عباءة أردأ شاعر في العصر الطباشيري (و هذه ليست إساءة إذ إن كبار كلاسيكيي اليوم يعترفون بأن أقصى أحلامهم تذييل مؤخرة الشعر العباسوي إذ يصفون أنفسهم بكل فخر على أنهم امتداد للشعر العباسي .... مجرد امتداد ! ).
فأكبر عملية تسطيح للشعر العربي تمت على يد مقلدي بحور الفراهيدي و قاصري مسمى الشعر على الموزون المقفى فقط.
لذلك نجد أن الشعر الحر أصدق بالتعبير عن العاطفة حيث يعطي جوهر العملية الشعرية حقها فيركز على الذات لا الأدوات ... و بذلك يتحول الشعر من مجرد كلام موزون يتسيده حدادو الهيكل كالجواهري و شوقي إلى فيض وجداني يتصدره الشعراء الحقيقيون أولئك الذين يربون المعنى بماء العيون إذ تجتاحهم رياح العواطف ميمنة و ميسرة فينقادون إليها وحدها بغض النظر عن القالب بل وحتى نوع اللغة.
و بذلك تسقط الشاعرية عن كثير مما يسمى الشعر العمودي حيث يغيب ركن الشعرية المقرر في صدر المقال .... ( كألفية ابن مالك _مثالاً _حيث أنها جمل موزونة مقفاة لتعليم قواعد العربية دون أن ترح رائحة ذرة من شاعرية) ، ثم لتقوم الشاعرية بكثير من النثر الموسيقي .... ككثير من نثريات جبران.
و هنا نبلغ العالمية بالأداء و نخرج بالصنعة من مجرد حدادة و نجارة الهياكل الجزلة ، إلى رقة و انسياب العواطف الدفاقة لينبثق معنى (التجربة الشعرية) إلى الوجود بعد أن كبتها و قزمها التقليد بكل أشكاله.
ملاحظة: لا ينُطنَّ أحدهم ليدعي بأنني ألغيت الشاعرية عن كل العمودي _ فأنا شخصياً ألعب العمودي لعبي للحر _، فما حصّل الركن قامت به الشاعرية و ما لم يحصله لم تقم.
لكنني أشير إلى أن من يصرف حريرات دماغه على نحت الكلام الموزون المقفى وفق بحور الفراهيدي مع خلوه من المشاعر ... إنما يمارس صنعة أخرى بعيدة جداً عن ما يسمى الشعر ( ش ع ر ) .... فلنسم حرفته مثلاً ( وزّان فراهيدي جزل ) أو( حداد عبارات عباسية مفرهدة ).
من وحي مقدمة ديواني (يالِثارات اللّجين)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.