الصفحات

أطيافكم لا تغادرني | مريم زامل

برغم وحدتي والسكون يلفُّ حياتي،أنهض من نومي على نداء أحدكم المتثاقل يطلب أن أناوله كأس ماءٍ يروي به عطشه ثم يغادر دفءَ فراشه،يغسل وجهه فيعود مشرقاً ببسمته.يعابثني بقوله وهو يرتدي ثيابه للخروج -أين قهوتي تأخرتُ وماذا عساني أختلق لهم عذراً..أأقول لهم :تأخرت الحجّة بتحضير قهوتها،فأخّرَتني ..أترضين بذلك?!..

ويربت على ركبتي ويأخذ بالضحك.يشرب رشفتين بسرعة ويحمل الحقيبة والمعطف ويغادر..
فأبقى مع صدى صوته وعذب ضحكته لأرتشف بقايا قهوة فنجاني..
وربما رفعتُ رأسي لأرى غيره يهم بالدخول من الباب مسرعاً يحتقب كتبه وأشياء أخرى،يضعها أمامي وينادي بقيّة إخوته:-هيّا أين أنتم?
-ألا تسمعون لقد أحضرتُ مفاجأة لكم،ولن أنتظر أحداً إن تأخّر..هيّا تعالوا
ويسرع بعرض حلواه وتقسيمها..ليعاود النداء:-اتركوا ما بأيديكم واحضروا.
وإن أنس لا أنسى تحلُّقَكم حول التلفاز الذي كان مازال مُضاءً تنتظرون إعلان نتائج الثانوية،وحين يبدأ المذيع الحديث تصمتون وعيونكم معلَّقة بشفتيه وكأنّكم تستنطقونها أسماءكم عنوةً.
أستغرق في الأحلام بعضاً من الوقت لأصحوَ من جديدٍ على دفءٍ طيوفِكم تتحلّقون حول فراشي وقد ألمَّ بي المرض،بعضكم أحضر لي الدواء،والآخر رفع لي الوسادة وطلب مني أن أتناوله بانتظام.ويبقى رجعُ أحاديثكم تطمئنني..لا عليكِ ياأمّي مرضكِ عارض،ونحن نثق بقدرتك على تجاوزه..ورميه وراء ظهركِ .أيّامُنا لاطعم لها بدون إشراقةِ بسمتِكِ وحنوِّك.
وتدور الأيّام..فتغادرون.
وأبقى وحيدة تشرق أطيافكم بصباحاتي لتعيد لي البهجة وترسم البسمة ونور الأمل على محيّاي.
يعود البيتُ مناراً بكم،ولاتغادره السعادة سعادة الذكرى وأمل اللقاء.وريثما يحين ذلك أبقى أسترجع صوركم أحاديثكم وحتى مشكلاتكم..فقد رحلت بصحبتكم.
وبقيت أطيافكم.
مريم زامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.