الصفحات

البنطال ونصوص أخرى | عطا الله شاهين

1
كاتب بارز يجنّ في عزلته بسبب امرأة
عطا الله شاهين
لا يدري متى ستنتهي عزلته فذاك الكاتب بات يعيش في عزلة، لا لشيء فقط لأنه وقع في حُبّ امرأة، لكن المرأة تركته وهاجرت مع رجلِ ثري، وحين تركته قالت له ماذا ستنفعني كتابتكَ؟ ستظلّ فقيرا،
فكلماتها أثّرت في ذاك الكاتب البارز، وفضّل العزلة كي ينساها، لكنه لم يستطع نسيانها، لأنه وقع في حبّها .. هجرَ الكتابة لأجلها، وعزل نفسه عن محيطه، فتلك المرأة جعلته يجنّ.. ففي عزلته لا يفعل شيء سوى أنه يقوم برسمِها على جدرانِ الغرف المبعثرة أرضيتها بأوراق بيضاء وكتب أدبية كثيرة ونصوص شعرية لم تنشر بعد، .. فذاك الكاتب برع في رسمها على تلك الجدران، وبات يكلمها كل ليلة بصوت خافتٍ، لكن ما السّرّ في حبّه لها ؟ من خلال كلامه للوحة التي رسمها لتلك المرأة يتضح بأنّ هجرها له كان بسببِ فشله في إسعادِها في حُبّ مختلف، وبسببِ فشله في قولِ كلماتٍ لها تكون مختلفة عمّا يكتبها في نصوصه لكن يقول بينه وبين ذاته معقول حبي لتلك المرأة جعلني أعيش في عزلة لا أتعقد بأنني فشلت في إسعادها، فهي في همساتها كانت تقول اعتبرني نصّا فلماذا هجرتني إذن لا أعتقد بسبب ثراء ذاك الرجل، الذي فشل في الحُبِّ

2
بالْطُو
عطا الله شاهين
على الرّصيفِ المُتجمّد من الجليدِ خطا ذاك الشاب يفكّر: ماذا لو لم تقبل تلك المرأة البائعة أن تعيد هذا البالطو الذي اشتريته يوم أمس؟ لكنْ إذا أبتْ أن تردّ المبلغ فلتمنحني بسعره بالطُو آخر. مرّ ذاك الشابّ بمحاذاة متسوّلةٍ ترتدي ثياباً رثّة تشحذ بطريقة مهذّبة. رنتْ إلى المالِ في يديه، فعَلَت محياه كآبة. المتسوّلة قادرة على أن تبتاع خمسة بالطوهات، وربّما أكثر، بربح نصف يوم شغل! انتبهتْ المتسوّلة إلى تحديقه بها، وسارع إلى تخبئة المالِ في جيبه. فقالتْ بصوتٍ مرتفع: الله يحمي شبابَك اعطف عليّ. أشاح ببصره عنها، وتابع طريقه صوب متجرِ الثّياب. لم ينتبه إلى صاحبِة المتجر، التي كانت تسير وراءه عائدة من المطعم. ألقتْ المتسوّلة السلام على صاحبة المتجر كالعادة، وعلى غير عادةٍ ردّت صاحبة المتجر هذه المرّة، ثمّ دنتْ منها، وقالت للمتسوّلة لها لأوّل مرّة: مرّي إلى عندي على المتجر بعد قليل، يوجد لكِ عندي شيء. فسرّتْ المتسولة وراحت تدعو لها، فأكملتْ صاحبة المتجر سيرها ووصلت إلى متجرها.
ألقى التحيّةَ على صاحبة المتجر عندما دخل ذاك الشاب. ردّت صاحبة المحل مرحبا، وأمعنت النظرَ فيه، فتذكّرته، فقال لها: يوم أمس ابتعتُ من عندك هذا البالْطُو، ولم يجسر أن يقولَ لها يرغب بإعادته، وقال أريد أن أغيّره إذا سمحتِ. أخرجتْ صاحبُة المتجر البالْطُو من الباكيت النايلوني لتتفحّصَه، وقالتْ له: لا يتبدل، وألقته على كاونتر أمامه، فسأل عن السّبّب. فقالتْ له: انظر ماذا أنت عملتَ به؟ فالْبالطو كما تراه ها هو مجعلك ومكرمش، يصعب أنْ أبيعه مرة أخرى. حاول ذاك الشابّ أن يستجمع وبدأ بالبحثَ عن كلمات قد تغيّر من رأي صاحبة المتجر. في هذه الأثناء دخلتْ المتسوّلة، وكانت تنتظرُ خروجه. شعرَ ذاك الشابّ أنه على وشكِ الخسارة، فدنا من صاحبةِ المتجر وقال لها: صدقيني لا يوجد معي نقودٌ لكيْ أبتاعَ بالْطو آخر. فصاحتْ صاحبة المتجر أنتَ أتيتَ إلى هنا لكيْ تتسوّل، واستدارتْ، وفتحت الباب في إشارة منها بأنها لا تريد الكلام معه.
سار خارجا من المتجرِ وحاول قدر استطاعته أن يمنع الدّموع، التي ملأت مقلتيه من أن تذرف. منحتْ صاحبة المحل المتسولة نقودا ليست بقليلة، فدستها في جيبها وشكرتها بسرعة وخرجت. نادت عليه المتسوّلة، فالتفتُ وقالتْ المتسولة خذ. تجمّد ولم يمد يده، فقالت هذا ثمن البالْطو، وقبل أن يتفوّه شيئا أردفت المتسوّلة: صاحبة المتجر أرسلتهم لكَ .
قبض النقودَ، وقال هذا المبلغ أكثر، فقالتْ المتسولة: هي ندمتْ، لأنها غلطتْ معكَ، وبعثتَ لك زيادة على المبلغ، كتأسّفٍ منها، وكانت في تلك الأثناء تقفُ فتاةٌ على إشارة مرور، ورآها تبتسمٌ حين رأته يهبُ المتسوّلة ما زاد عن سعرِ البالْطُو، التفتتْ إلى فتاة واقفة على يسارها وقالت لها: بدل ما يمنح المتسولة نقودا، فليبتاع بالْطو. قهقهتا، وسارتا على الموجة الخضراء لإشارة المرور.

3
بات يفتقدُ ابتساماتِ ناتاشا
عطا الله شاهين
ذات مساءٍ كانّ ذاك الرّجُل يجلسُ على أريكةٍ بيضاء ممزقة، ويحدّقُ في لوحةٍ مُعلّقةٍ على حائطِ غُرفته المطلية جدرانها بلونٍ مملّ، عندما لمحَ ناتاشا التي خطتْ بخطواتها المتمايلة، فهي التي جذبته وفتنته كما فعلتْ بالكثيرين من غيره. وصلتْ ناتاشا إلى بابَ الشُّرفة دون أنْ تنظرَ صوبه بنظرة، وكأنَّها لا تشعرُ بوجوده البتّة، فتحتْ بابَ الفرندة، ووقفتْ تنحني إلى الأمامِ مُتكئةً على حافةِ شرفتها بعد أنْ ردّتْ البابَ ورائها.
ذهبَ ذاك الرّجُل إلى شُرفته المليئة بحبالِ الغسيل، ورَنَا إليها بنظرةٍ قاطبة، كانتْ تبدو بتنورتها البيضاء القصيرة كزهرةٍ تفوح أريجاً، وهذا ما زاد في حنقِه وسخطه عليها. كانت حنجرتها تطلقُ ضحكةً فتبلغ أُذنيّه رنّانة، وتثيرُ في نفسه أحاسيس حانقة، وكأنها كانتْ تتعمّد العزفَ على أوتارِ عذابه ومعاناته. كان يتنهّدُ بصوتٍ مسموع ويشهقُ شهقةً ملؤها الحُرقة، وشاهدُها تأتي بحركةٍ رشيقة بيدها البيضاء، التي طالما توسّدتها قُبلاته.. فكان يقول في ذاته : لمنْ يا ترى ناتاشا عساها تلوحّ بيدها؟ ربّما كانتْ تلوّح إلى جارتها الثّرثارة البشعة التي ملّ من كلامها ذات مساءٍ، حينما التقاها في بيت الدّرج، وكانت تحدّثه عن مغامراتها، لكنّه كان يزدادُ حنقاً ويزدادُ جنوناً في وقوفه على شُرفته هناك كلما رأى ناتاشا. بالأمسِ جلسَ ذاك الرجل في مكتبِ عمله المُكركب كعادته وكان يصارعُ المللَ، ويقلّبُ إحدى الصُّحف، ولفته أحد العناوين وكُتبَ بخطٍّ عريض: امرأة من بلاد السند ومِنْ أصلٍ كرواتي تتقدّم بدعوى فصل بحقِّ زوجها، فتظفر بحضانةِ ولديّها وتزجّ بزوجِها المفصول في الحبسِ لمدة شهر كاملٍ، ففهمَ ذاك الرجل حينها بأنَّ الحديثَ يدورُ عنْ ناتاشا تلك الواقفة الآن على الشُّرفة، فابتسمَ للنّبأ وزادَ غُلّه على قانونٍ أعتبرُه جائرا. فشَكَا أمره لزميلِه في المكتب، والذي كانَ صديقاً شخصيا له، فكان يتأسّفُ لحالِه، لكنَّه كان ينصحُه بالحكمةِ والتّروي ويذكّره بأنَّ القانونَ دائماً إلى جانبِ المرأة في هذه البلد. فدوت في داخله صرخةُ احتجاج.. هلْ يبقى القانون في صفِّ المرأة حتّى وإنْ كانتْ تمارسُ الخيانة بحقِّ زوجها؟ إنْ كانَ الأمر كذلك، فما في يدِه من حيلة، سيعتصمُ بالصّبر ويحاولُ ردّها إلى السَّبيل القويم، ولعلّ الله يهديها!
وها ذاك الرجل يقف هنا وما يزالُ ينظرُ إلى ناتاشا تلك من على الشُّرفة. وهي تبدو بعيدةً عنه، ألهاها عنه عالمها المليء بالضّحكاتِ والإيماءات. فغابَ عنها ما يعانيه مِنْ عذابٍ وضياعٍ واحتراق بنارِ ذاته المُتأجّجة
وبغتة أطلقت ناتاشا ضحكةً عالية مُجلجلة ذات أصداء.. فضربت على وترِ جنونه، صرّ بأسنانه وكوّر قبضته.. وهي ظلت لا تزدادُ إلا بُعداً عنه وانغماساً في عالمِها وحركاتها الباعثة على الجُنون..
فجأة حدّق إلى سيقانِها اللذين كشفتْ التّنورة عنْ مساحةٍ كبيرةٍ منهما بفعلِ هُبوبِ الرّياح:
وقال في ذاته ما الذي يبقيني صامتاً حتّى الآن؟ ليس لدي أولاد أخشى من ضياعِهم.. نارُ الغُربة التي تكويني طعمها سواء في شتّى الأحوال، فما الذي يمسكُني عن التّصرف.
قادته قدماه إلى غرفةِ نوْمه الغير مرتّبة كعادتها، غابَ فيها برهةً من الزمن ثم عادَ وهرولَ نحو الشُّرفة، حيثُ مازالتْ ناتاشا تقفُ هناك. فتحَ ذاك الرّجُل البابَ بحركةٍ عصبيّة، وعلى ما بدا بأنّها لمْ تسمع صريرَ الباب أو أنّها لمْ تردْ الالتفاتَ إليه.. ناداها بصوتٍ مسموعٍ ناداها باسمها :
ناتاشا..
التفتتْ إليه بحركة سريعة، وابتسمتْ وراح حينها يبتسمُ ودخل حُجرته مسروراً، وبعد مرورِ وقتٍ قصير سمعَ صوتَ رصاصٍ، فخرجَ ليستعلمَ ما الأمر، فقالَ له الجيرانُ بأنّ زوجَها أطلقَ عليها النّارَ وقصدوا ناتاشا، فنظرَ إليها وكانتْ تبتسمُ، وقال في ذاته ها هي ناتاشا أمامي عيني، جثة لا تتحرك وحزن وعاد ذاك الرّجل إلى غرفته، ونظرَ إلى الشُّرفة، التي كانت تقفُ عليها ناتاشا، وقال في ذاته: لم أعد أرى ابتسامات ناتاشا من على شرفتي حتى أنني لا أريد الخروج إلى الشّرفة، فأنا كنتٌ أخرج لأرى ابتسامات ناتاشا، لأن ابتساماتها كانت تسرّني، أما الآن فأنا افتقد ابتساماتها..

4
خوْفُ امرأة ذات ليلةٍ ماطرة
عطا الله شاهين
بينما كانت تسير امرأة مبتهجة ومتشوّقة لزيارة صديقتها، التي لم ترها منذ مدة، لكن المرأة المتشوّقة ضلّتْ طريقها ذات مساء ماطر في غابة موحشة، ولمْ تعدْ تدري حينها إلى أين ستتجه، وبعد أنْ خطت خطواتٍ عدّة رأتْ من بعيد كهفاً، فخطتْ صوبه وكانت ترتجف لأنها تبللت من المطر، ودخلتْ إلى داخل ذاك الكهف، الذي بدا لها للوهلة الأولى موحشاً، وجلستْ في إحدى زواياه، وكانتْ ترتعشُ مِنْ شدّة البرْد، فملابسها تبللت تماما من المطر، وبعد دقائق تناولت هاتفها الخليوي من جيب بنطالها الجينز، لكنها لم تتمكن من الاتصال، فبطاريته نفذت، وبعد دقائق سمعتْ خطواتٍ كانت تقتربُ من مدخلِ الكهف، وفجأة ظهرَ رأت أمامها شخصا وكان يرتدي معطفا،فقالت له أرجوك لا تؤذيني فردّ عليها: لا تخافي، وظل جالسا على مدخل الكهف وراح يقصّ عليها قصته وقال لها: إن شدة غزارة المطر هي التي أجبرتني أن آتيَ إلى هذا الكهف، لكن تلك المرأة ظلّت صامتة وخائفة منه، وبعد أن صمتَ نهضتْ تلك المرأة وقالت له: لا أريدُ أنْ يعلم أحد بأنّكَ كنتَ هنا معي في هذا الكهف فقالَ لها: لا تخافي، أنا عندي نساء وأنا شخص أحافظ على شرف نسائنا، فلا تقلقي، سأخرجُ الآن، وأسير تحت المطر في العتمة، ولن أجلب لكِ أي عارٍ وأقسم بأنني لن أؤذيك، فسرّت المرأة بداخلها، وقالت في ذاتها ما زال في الدنيا أناس طيبون، ونظر ذاك الرّجُل المبلول تماما، فإذا المطر بدأ يتوقف عن الهطول، وقال لها: أنا سأذهب في طريقي، وخرج ذاك الرّجُل وهي لم تصدّق بأنه لم يعتدي عليها ولم يؤذيها، وقالت في ذاتها ليس كل الرّجال يبيتون ذئابا متوحشة، حينما يختلون بامرأة، ومن شدة التعب غفتْ هناك حتى الفجر، وفي الصباح خطت صوب مدخلِ الكهف، ورأت بأن المطر توقف تماما، وانقشعتْ الغيوم، فخرجتْ من الكهف، وسارت بين الأشجارِ، واشتمت رائحة الغابة، وظلت تخطو في اتجاه أرشدها عليه ذاك الرّجُل أن تسلكه، لكي تصل بسرعة إلى وجهتها، وحينما وصلتْ إلى المكان، الذي كانتْ تبتغي الوصول إليه البارحة، تنفّستْ الصعداء على بقائها سالمة بدون أيّ أذى، وقالتْ في ذاتها: ما زلتُ لا أصدّق بأن هناك أناسا ما زالوا يحافظون على قيّم الأخلاق، كذاكَ الرّجُل الذي تركني ليلة البارحة، لكنني لا أعلم ربما الحظّ أسعفني بأنه كان رجلاً تقياً، مع أنني بقيتُ طول الليل خائفة من أنْ يفترسني..

5
خوْفُ مبلل لامرأة تاهتْ في غابةٍ
عطا الله شاهين
بينما كانت تسير امرأة مبتهجة ومتشوّقة لزيارة صديقتها، التي لم ترها منذ مدة، لكن المرأة المتشوّقة ضلّتْ طريقها ذات مساء ماطر في غابة موحشة، ولمْ تعدْ تدري حينها إلى أين ستتجه، وبعد أنْ خطت خطواتٍ عدّة رأتْ من بعيد كهفاً، فخطتْ صوبه وكانت ترتجف لأنها تبللت من المطر، ودخلتْ إلى داخل ذاك الكهف، الذي بدا لها للوهلة الأولى موحشاً، وجلستْ في إحدى زواياه، وكانتْ ترتعشُ مِنْ شدّة البرْد، فملابسها تبللت تماما من المطر، وبعد دقائق تناولت هاتفها الخليوي من جيب بنطالها الجينز، لكنها لم تتمكن من الاتصال، فبطاريته نفذت، وبعد دقائق سمعتْ خطواتٍ كانت تقتربُ من مدخلِ الكهف، وفجأة ظهرَ رأت أمامها شخصا وكان يرتدي معطفا،فقالت له أرجوك لا تؤذيني فردّ عليها: لا تخافي، وظلّ جالسا على مدخل الكهف وراح يقصّ عليها قصته وقال لها: إن شدة غزارة المطر هي التي أجبرتني أن آتيَ إلى هذا الكهف، لكن تلك المرأة ظلّت صامتة وخائفة منه، وبعد أن صمتَ نهضتْ تلك المرأة وقالت له: لا أريدُ أنْ يعلم أحد بأنّكَ كنتَ هنا معي في هذا الكهف فقالَ لها: لا تخافي، أنا عندي نساء وأنا شخص أحافظ على شرف نسائنا، فلا تقلقي، سأخرجُ الآن، وأسير تحت المطر في العتمة، ولن أجلب لكِ أي عارٍ وأقسم بأنني لن أؤذيك، فسرّت المرأة بداخلها، وقالت في ذاتها ما زال في الدنيا أناس طيبون، ونظر ذاك الرّجُل المبلول تماما، فإذا المطر بدأ يتوقف عن الهطول، وقال لها: أنا سأذهب في طريقي، وخرج ذاك الرّجُل وهي لم تصدّق بأنه لم يعتدي عليها ولم يؤذيها، وقالت في ذاتها ليس كل الرّجال يبيتون ذئابا متوحشة، حينما يختلون بامرأة، ومن شدة التعب غفتْ هناك حتى الفجر، وفي الصباح خطت صوب مدخلِ الكهف، ورأت بأن المطر توقف تماما، وانقشعتْ الغيوم، فخرجتْ من الكهف، وسارت بين الأشجارِ، واشتمت رائحة الغابة، وظلت تخطو في اتجاه أرشدها عليه ذاك الرّجُل أن تسلكه، لكي تصل بسرعة إلى وجهتها، وحينما وصلتْ إلى المكان، الذي كانتْ تبتغي الوصول إليه البارحة، تنفّستْ الصعداء على بقائها سالمة بدون أيّ أذى، وقالتْ في ذاتها: ما زلتُ لا أصدّق بأن هناك أناسا ما زالوا يحافظون على قيّم الأخلاق، كذاكَ الرّجُل الذي تركني ليلة البارحة، لكنني لا أعلم ربما الحظّ أسعفني بأنه كان رجلاً تقيّاً، مع أنني بقيتُ طول الليل أرتجف من تبللي وخائفة من أنْ يفترسني..

6
قصّة البنطال
عطا الله شاهين
أتته مرتدية بنطالها المُمزّق، لكي يأخذَها إلى أهلِه لتتعرّف عليهم، لكنّه قال لها في الطّريق أشكُّ بأنَّ أُمّي ستتقبلكَ هكذا وأنتِ مرتدية هذا البنطال المُمزّق، ألمْ تجدين بنطالا آخر، فأنتِ لديك 30 بنطالا بحسب ما أعلمُ، فقالتْ له: أُحبُّ هذا البنطال لأنّه يجعلني مختلفة عن الأُخريات، فقال لها بالنسبة لي هذا البنطال لا أراه مشكلة، أما بالنسبة للأهل فربما يستغربون، وحين وصلا أجلسها في الصّالون ونادى على أهله، وحين دخلتْ أُمّه ورأتها امتعضتْ من لبسها، لكنها ظلّتْ تتحدّث مع الفتاة، لكنّ الفتاةَ لاحظتْ بأنها تنظر صوبها باستغرابٍ، وعندما رحلتْ تلك الفتاة قالتْ الأُمُّ لابنها: ذات البنطال المُمزّق راقتْ لي، لكنني لا أحبّذ أن ترتديه حينما تصبحُ زوجتكَ، فصمتَ الشّابُّ وقال: لا يهمني إن لم تتقبليها هكذا، المهم عندي ليس في البنطال، إنّما في أخلاقِها العالية..




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.