الصفحات

ارْتِحالٌ إِلَى شَطٍّ غَرِيْبٍ | للشَّاعِرِ عادِل نايِف البِعَيْنِي


الآنَ تختصِرُ المساحاتُ الجَرِيحَةُ غربتـي،
تغتالُ صَبْرِيَ، تَخْتَفِي كلُّ
الجِهاتْ.

لا لونَ يَرْسُمُنِي، يلوِّنُ وَحْدَتِي،
لا ظِلَّ يأْلَفُنِي، يُبَلْسِمُ غُرْبَتِي،
قمراً أُضِيءُ ولا ضِيَاءْ.
غَسَقاً أَجِيءُ، ولا
مَجِيءْ.



الآنَ تَنْتَزِعُ المَرَايا مِنْ فُؤَاديِ
قَطْـرةَ الشَّوْقِ المُغَرِّدِ
في الغِيَابْ.

أَلْقاهَا تَأْتِي فَوْقَ قَوْسٍ مِـــنْ حَنينْ.
فتغازِلُ الألوانَ، تقطفُ، سِرَّها
تَبْنِي وُعُوداً
من سَرَابْ.

الآنَ تَصْلُبُني الحَقِـيْقةُ شامِخاً،
تجتاحُني، فأَتـيهُ في غبشِ
الضَّياعْ.

تَجْتَازُنِي الأَحْلامُ، تَتْرُكُ ظِلَّها،
في عَتْمَة ِ الغَسَقِ المُعَلَّقِ فوقَ
أَسْوارِ العذابْ.

وتُبَعْثِرُ الضَّـوءَ الذي حاكَتْهُ
شَمْسِي من سَنَا وردِ
العتابْ.

الآنَ تَذْكُرُني غَرِيــباً
في مَتاهاتِ الحِصارْ
مِنْ عَتْمَةِِ الأَضْواءِ
عُدْتُ أُغَرْبِلُ الْوَعْدَ
الجريحْ.

الآنَ أَلْقاني بلا لغةٍ تُـنَـهْـنِــهُنِي ،
على غيرِ انْتِظَارْ.
وَأَنَا المُسافِرُ تائِهاً
مِثْلَ الغُبَارْ.

أَتُرَى أَضِيْعُ بِحَيْرتِي، وَيَــتِــيْهُ
دربِيَ عِنْدَ أَقْدَامِ
الحريقْ.

هل جرَّحَتْ ضَوْئِي الغمائمُ، حينَمَا راحَتْ
تداعِبُها نسيماتُ الصَّبا ؟.
أم عُدْتُ من وَعْيِ
الزَّمَانِ بِلا قَرَارٍ
كالْغَرِيقْ.

الجرحُ يلتهِمُ المسافَةَ من جَدِيدٍ،
يَعْتَلِي دَرْبَ المجرَّةِ،
يعبرُ الآفاقَ للشطِّ
الغَرِيْبْ.

شَوْقِي يُـعَـانِقُنِي ، يُـلَمْلِمُ مُهْجَتِي،
و جميلَ صَبْرِي، واحْتِرَاقِي
في مَتِاهاتِ
الذُّهُولْ.

شوْ قِي يُسَـابِقُنِي
يـُعَنْدِلَُ فَرْحَتِي، ويُـخصِّلُ الحزْنَ
الفتيَّ سنابلاً حَيْرَى،
على مُقَلِ
النَّخِيلْ.

كَمْ كنْتُ أَحْياني، أجادِلُنِي
على أعتاب ِ فاتحَةِ
الفُصُولْ.

كم ْ كنتُ آهِ
أُغالبُ التيَّارَ كَيْلا أَنْثَنِي،
وأُعاوِدَ الإِبحارَ في عَتْمِ
الْمَحَارْ.

أتصادرُ الأيـامُ شَوْقِي غفلةً.
وأنا المحلِّقُ دائِماً في زُرْقَةِِ
الْحُلُمِ الْمُضَيءْ.

يجـتاحُني وجــعٌ أَلِيـمْ.
مـوجٌ يـُـعانِدُ قـارَبِــي،
ويُــمزّقُ الميناءَ،
والشَّطَّ الدَّفِيءْ.

الآنَ أَخْرُجُ من أنايْ،
لأَطُوفَ في وَعْيِ الزَّمانْ.
الآنَ أعْبُرُها المسافَةَ،
فوقَ طوفٍ من
يبابْ.

الآنَ أعرفُ، أنَّني كنتُ الفضاءْ
فعلامَ تَنْـسَانِي المرايا كلُّها ؟
والحبُّ! يُومِضُ نازفاً،
يَِحْكِي حِكَاياتِ
الرَّجاءِ. ويُجَدِّلُُ الغيماتِ
ضوءاً من حَنِيْنْ!

كلُّ النوارسِ نَوْرَسَتْ دمعاً،
تحدَّرَ دافئـاً
عِنْدَ الأصيلْ.

كلُّ العنادِلِ عَنْدَلَتْ نَغَماً
شَجِيَّا هادِئاً وَقْتَ
الرَّحِيلْ.

كلُّ الزُّهُورِ تناثرَتْ أعرافُها،
فَــغَدَا العبيْرُ بِــلا
وُعُودْ.

كلُّ المساحاتِِ الجَريحةِ تَعْبُرُ
الشُّطْآنَ، للشَّطِّ
الجَديدْ.

وأنا هُنا ما زِلْتُ أَحْيا في ارْتِحالٍ
باحثاً عَنْ وَمْضَةٍ
أَمَلٍ سَعِيدْ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.