التاريخ هو الماضي بكل ثقافاته وبكل أحداثه وبكل منجــــزاته العلمية دوَّنها لنا مجموعــة من
المؤرخين لنعرف حيثيات هذا الماضي بكل أطيافه والتي في أغلبها كان ممهوراً بخـــاتم القــــوة
والسلطة السياسية حيث أن الأحداث دارت في زمـــن غاية وجــــوده الأســـاسية تمجيد القـــــوة
وإعطـــاء صورة ناصعة البياض لأصحاب السلطة ..
لا أريد أن أدخـــل في متاهة ما سجله التـــاريخ من أحـــداث كانت غير حقيقية حيث أنها كانت
تخدم القوة في مراحل تكوينها ولكن لو تساءلنا عن ماذا أعطانا هذا التسجيل وما فائدة الاعتمـاد
على الماضي . هل يا ترى قـدَّمَ شيئــاً للمستقبل.؟ الماضي دفنته عــربة الزمن كجثــة دفنت تحت
التراب لا نأخذ منها إلا ما صدر عنها من وعي معرفي أدى إلى خدمة البشرية ...
قد يسأل أحدكم .. من أين جاء هذا الواقع لولا الماضي ؟ .. نعمْ الواقـع هو الحاضر والماضي
ذهب وأخذ معه أحداثه فمهمته الأسـاسية نقل ما فيه إلى الزمن الحاضر لكي يتفاعل معه الإنسان
بشكل كامل وهنا الإشكال الموجـود لأن الفرد قدَّسَ هذا الماضي وجعله أساس حياته وحاضرهـا
فـَخـُلقت له الأزمات من خلال السياسات للسلطة وهنا يكمــن الخلل الأسـاسي الذي أدَّى بالبشرية
إلى هذه الانقسامات عامة فمرجعية التاريخ كأحداث لا تفيد في صنع الحــاضر لأن للحاضر وقائع
جديدة لا تعتمد على الماضي وإنما على حيثيات من الواقــــع وما يحيط فيه من مؤثرات في خلق
وجود يختلف عما مضى ...فإعطـــاء هذه الأهمية للتــاريخ والماضي وتقديسه وتجسيده في ظـل
الحاضر أثـَّر على صيرورة التقدم ... بقيَ الإنسـان يراوح في تقديس وتمجيد الأحـــــداث وتمجـيد
السلطة والتاريخ الماضي وانقسمت إلى فئات ومذاهب تمجد وتقدس الماضي بمفــاهيم قديمة قلنا
عنها أنها لا تفيــد في صنـــاعة الحـــاضر ولا المستقبل إلا من حيث الصيرورة المعرفيـة فالنظــر
إلى الوراء وتقديسه يمنــــــعنا أن نبحث عن ماهية المستـقبل والحـــــاضر وعن ضرورياتٍ يجب
وجودها لتخلق واقعاً جديداً يكون في أركانه محفـزا يدفــع الإنسان دفعاً قوياً نحو المستقبل كي لا
ينظر إلى الماضي مشدوداً إليه بمعتقدات لا تفيد المراحل القادمة
ومن هنا كان للثورة العربية الحالية في معظم أقطارهــــا توجّه في نظرة الشباب إلى المستقبل
وبناء الحاضر بعيداً عن الماضي والنظر إلى مستقبلها بكل آفاقه لا يعتمد على كينونة الماضي
بل اعتمـد الوعي المعرفي القيمي لينظـــــم حياته ويدفعهــــا نحو المستقبل من خــلال حاضــره
هوَ ليكون المستقبل حاضراً إلى جيل آخر كي يخلق مستقبلاً يعتمد اعتماداً جوهريا على الوعي
المعرفي لجيل قادم آخر وهكذا دواليك ..
الاهتمام بتقديس السلطة وتاريخها وتقديس بعض الثقــــــافات وتمجيد بعض السياســات التي
أصبحت من الماضي أدت إلى حروب في الحواضر المتتالية مزقتها وجعـلت الأفراد في حالة عداء
إنساني علماً أن الوعي المعرفي القيمي يحاول أن يخلق توافقاً إنسانيا يصنع حاضراً يتفاعل معه
بشكل إيجابي بحيث يخلق أحداثاً تكون ركيزة ايجابية لمستقبل قادم في أوانه لجيل آخر ...
فكيف يمكن لماضي أصبح جثة هامدة أن يخلق ما هو مفيد كيف له أن يصنع مصائرنا ويجلـَّها
ويقدرها .. كيف لنا أن نحترم ما يمزقنا ويجعلنا أقسـاماً متفرقة على هذا الكوكب الذي هو قرية
صغيرة جداً في هذا الكون فالحقيقة تؤكد أن الماضي وتقديس تاريخه لا يؤدي إلا إلى النزاعـات
والحروب ويخنق الحالة الإبداعية لأنه لا يجعلنا نفكر بماذا نحتاج في حاضرنا ومستقبلنا القادم .
ومن يراجع تاريخ الدول الأوربية يرى أن حراك الحـــــالة المعرفية بدأت عندما استغنوا عن
الماضي ليكون مؤثراً في الحاضر وأضحت الحالة المعرفية الخلاقة المبدعة التي ترى المستقبل
بمنظار واضح .. لم تلتفت إلى خلافات تاريخية مذهبية وكنسية مقدسة ..فنرى أن ما أنجــز في
الثلاث قرون الأخيرة في أوربا وأخذها الوعي المعرفي هو الأساس قد جعلها تحقق قفزة نوعية
في التقدم على كافة الأصعدة وتقدم المفيد إلى البشرية جمعاء ..
تراكم الكم المعلوماتي للمعرفة يفرض وجوده على الإنسان لأنه حاجة ضرورية ولو كان هذا
من الماضي , فهو الذي يحرض الفرد على الإبداع والخلق ليضيف جديداً يخدم فيه البشرية ...
الماضي بأحداثه يذهب دون عودة ولكن ما يبقى فعلاً هو الوعي المعرفي الذي يجب علينا أن
نجلـَّه ونقدره فهو الذي يضيف إبداعـــات جديدة تخدم الكون والإنسان .. فلو أخذنا مثالاً كالذي
اخترع الشرارة الكهربائية والمصبــــاح الكهربائي والإبداعات المتتالية التي وصلنا إليها ضمن
هذا المنحى لوجب علينا أن نجلَّ هذا ونحترمه لأنه أعطى البشرية دفعاً جديداً للإبداع تحتـــاجه
البشرية جمعاء ليكون الإنســان في وعي معرفي متميز .. وما الحروب التي جرت في الماضي
إلا نتيجة لاحترام وتمجيد وتقديس السلطة ومصالحها
--------------------------------------------------------------
سمير سنكري
( sa.sankary@gmail.com )
المؤرخين لنعرف حيثيات هذا الماضي بكل أطيافه والتي في أغلبها كان ممهوراً بخـــاتم القــــوة
والسلطة السياسية حيث أن الأحداث دارت في زمـــن غاية وجــــوده الأســـاسية تمجيد القـــــوة
وإعطـــاء صورة ناصعة البياض لأصحاب السلطة ..
لا أريد أن أدخـــل في متاهة ما سجله التـــاريخ من أحـــداث كانت غير حقيقية حيث أنها كانت
تخدم القوة في مراحل تكوينها ولكن لو تساءلنا عن ماذا أعطانا هذا التسجيل وما فائدة الاعتمـاد
على الماضي . هل يا ترى قـدَّمَ شيئــاً للمستقبل.؟ الماضي دفنته عــربة الزمن كجثــة دفنت تحت
التراب لا نأخذ منها إلا ما صدر عنها من وعي معرفي أدى إلى خدمة البشرية ...
قد يسأل أحدكم .. من أين جاء هذا الواقع لولا الماضي ؟ .. نعمْ الواقـع هو الحاضر والماضي
ذهب وأخذ معه أحداثه فمهمته الأسـاسية نقل ما فيه إلى الزمن الحاضر لكي يتفاعل معه الإنسان
بشكل كامل وهنا الإشكال الموجـود لأن الفرد قدَّسَ هذا الماضي وجعله أساس حياته وحاضرهـا
فـَخـُلقت له الأزمات من خلال السياسات للسلطة وهنا يكمــن الخلل الأسـاسي الذي أدَّى بالبشرية
إلى هذه الانقسامات عامة فمرجعية التاريخ كأحداث لا تفيد في صنع الحــاضر لأن للحاضر وقائع
جديدة لا تعتمد على الماضي وإنما على حيثيات من الواقــــع وما يحيط فيه من مؤثرات في خلق
وجود يختلف عما مضى ...فإعطـــاء هذه الأهمية للتــاريخ والماضي وتقديسه وتجسيده في ظـل
الحاضر أثـَّر على صيرورة التقدم ... بقيَ الإنسـان يراوح في تقديس وتمجيد الأحـــــداث وتمجـيد
السلطة والتاريخ الماضي وانقسمت إلى فئات ومذاهب تمجد وتقدس الماضي بمفــاهيم قديمة قلنا
عنها أنها لا تفيــد في صنـــاعة الحـــاضر ولا المستقبل إلا من حيث الصيرورة المعرفيـة فالنظــر
إلى الوراء وتقديسه يمنــــــعنا أن نبحث عن ماهية المستـقبل والحـــــاضر وعن ضرورياتٍ يجب
وجودها لتخلق واقعاً جديداً يكون في أركانه محفـزا يدفــع الإنسان دفعاً قوياً نحو المستقبل كي لا
ينظر إلى الماضي مشدوداً إليه بمعتقدات لا تفيد المراحل القادمة
ومن هنا كان للثورة العربية الحالية في معظم أقطارهــــا توجّه في نظرة الشباب إلى المستقبل
وبناء الحاضر بعيداً عن الماضي والنظر إلى مستقبلها بكل آفاقه لا يعتمد على كينونة الماضي
بل اعتمـد الوعي المعرفي القيمي لينظـــــم حياته ويدفعهــــا نحو المستقبل من خــلال حاضــره
هوَ ليكون المستقبل حاضراً إلى جيل آخر كي يخلق مستقبلاً يعتمد اعتماداً جوهريا على الوعي
المعرفي لجيل قادم آخر وهكذا دواليك ..
الاهتمام بتقديس السلطة وتاريخها وتقديس بعض الثقــــــافات وتمجيد بعض السياســات التي
أصبحت من الماضي أدت إلى حروب في الحواضر المتتالية مزقتها وجعـلت الأفراد في حالة عداء
إنساني علماً أن الوعي المعرفي القيمي يحاول أن يخلق توافقاً إنسانيا يصنع حاضراً يتفاعل معه
بشكل إيجابي بحيث يخلق أحداثاً تكون ركيزة ايجابية لمستقبل قادم في أوانه لجيل آخر ...
فكيف يمكن لماضي أصبح جثة هامدة أن يخلق ما هو مفيد كيف له أن يصنع مصائرنا ويجلـَّها
ويقدرها .. كيف لنا أن نحترم ما يمزقنا ويجعلنا أقسـاماً متفرقة على هذا الكوكب الذي هو قرية
صغيرة جداً في هذا الكون فالحقيقة تؤكد أن الماضي وتقديس تاريخه لا يؤدي إلا إلى النزاعـات
والحروب ويخنق الحالة الإبداعية لأنه لا يجعلنا نفكر بماذا نحتاج في حاضرنا ومستقبلنا القادم .
ومن يراجع تاريخ الدول الأوربية يرى أن حراك الحـــــالة المعرفية بدأت عندما استغنوا عن
الماضي ليكون مؤثراً في الحاضر وأضحت الحالة المعرفية الخلاقة المبدعة التي ترى المستقبل
بمنظار واضح .. لم تلتفت إلى خلافات تاريخية مذهبية وكنسية مقدسة ..فنرى أن ما أنجــز في
الثلاث قرون الأخيرة في أوربا وأخذها الوعي المعرفي هو الأساس قد جعلها تحقق قفزة نوعية
في التقدم على كافة الأصعدة وتقدم المفيد إلى البشرية جمعاء ..
تراكم الكم المعلوماتي للمعرفة يفرض وجوده على الإنسان لأنه حاجة ضرورية ولو كان هذا
من الماضي , فهو الذي يحرض الفرد على الإبداع والخلق ليضيف جديداً يخدم فيه البشرية ...
الماضي بأحداثه يذهب دون عودة ولكن ما يبقى فعلاً هو الوعي المعرفي الذي يجب علينا أن
نجلـَّه ونقدره فهو الذي يضيف إبداعـــات جديدة تخدم الكون والإنسان .. فلو أخذنا مثالاً كالذي
اخترع الشرارة الكهربائية والمصبــــاح الكهربائي والإبداعات المتتالية التي وصلنا إليها ضمن
هذا المنحى لوجب علينا أن نجلَّ هذا ونحترمه لأنه أعطى البشرية دفعاً جديداً للإبداع تحتـــاجه
البشرية جمعاء ليكون الإنســان في وعي معرفي متميز .. وما الحروب التي جرت في الماضي
إلا نتيجة لاحترام وتمجيد وتقديس السلطة ومصالحها
--------------------------------------------------------------
سمير سنكري
( sa.sankary@gmail.com )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.