الصفحات

قراءة في نص الشاعرة فردوس النجار "على سفح وجودي" بقلم أدونيس حسن

أدونيس حسن
ليس نثراً ,,وليس نظماً ,, بل شعراً
تشرقُ من بؤرةِ قصيدتِه ,, طفولةُ الذاتِ الشاعرة ,,رافضةً كلَّ الصحو المتراكمِ عبرَ زمنٍ رسمَ وخلقَ رسماً وخلقاً ,,لاعلاقةَ لها به ..
إنَّها تريدُ إرادتَها تلكَ اللامحدودةَ من محدوديتِها ,,وهي تفيضُ عليها من أمطارِ سماءٍ خارجَ الثنائيات ,,وكذلكَ ليستْ واقعة في الثالث ..
إنَّه الصعودُ المتدحرجُ على سفوحِ الوجود ,, حيثُ لا سنةٌ ولا قانونٌ يحكمُ رميةَ النردِ وحجرِه إلا احتمالاتُ الوجوهِ الستةِ ونقاطِها العدة ,, وجهةُ الرميةِ وحوافُ الطاولة ,, وتوضعُها بينَ أصابعِ الرامي ,,وطريقةُ إطلاقِ الحجرِ من بين أصابعه .
.
حيثُ الفكرُ هناكَ بعيداً عن الوجودِ ,, والاختيارُ في قلبِه يُقلِبُه بعددِ المتاحِ من الخيارات ,, وما أُتيحَ وما يمكنُ أن يُتاحَ ..
خياراتٌ موجودةٌ غيرُ مصنوعةٍ ,, تتنفسُ الخلقَ منَّا ,,غيرُ مخلوقةٍ وليستْ خالقة ,, ليستْ فينا أو نحنُ فيها ,, وكذا لا داخلة ولا خارجة ..
طفولةُ الذاتِ الشاعرة ,,تطلقُ إرادةَ اللا إرادة ,, تتركُ كلَّ شيءٍ وتمسكُ كلَّ شيء ,, ولا تأخذُ لا منْ هذا ولا من ذاك ,, تُعْتقُ الأشياءَ من قبِلها ,, حتَّى تُعْتِقُها الأشياءُ من بعدِها ..
طفلةٌ تنهبُ سهولَ الوجودِ بخطواتِها القصيرةِ الواسعة ,, بمساحةِ أقدامٍ ضيقة عميقةٍ فوقَ أرضِ السهول ..
تنبتُ من حفرتِها زهرةٌ هنا وشجرةُ رجاءٍ هناك ,, واستجابةٌ لنداءِ الرحيقِ من نحلةٍ ترسمُ لغةَ النداءِ لزميلاتِها العاملات ..
طفولةٌ عادلةُ الميزان ,, فكما حضنتها الحقولُ وخيمتْ فوقَ رأسِها السماءُ ,, ولفَّتها الجهاتُ الأربعُ والست ..
كذلكَ هي فعلتْ ,, حضنتْ الحقولَ بصدرِها الضيق ,,وأسكنتْ السماءَ في خيمتِها الصغيرة ,, وطوتْ الجهاتِ بأنامِلها الناعمةِ القصيرة ..
فكان الوجودُ بينَ الأسئلةِ والأجوبة ,, حكايةً أخرى ,, لا تغرقُ في سؤالٍ ولا تختنقُ بجوابٍ ..
ويبقى على سفحِ الوجودِ صعودُ التدحرجِ ,,وتدحرجُ الصعودِ ,, إلى ذرى الوديان ,, وقاع الذرى ,, بعيداً عن الفكرِ ونائياً عن الاختيار ..
هكذا تُعلِّمنا الشاعرة كفكفتَ الثملِ ,,والتعششَ في بتلاتِ الجوارح ,,والتدفقَ بالعوم ..

 الشاعرة فردوس النجارعلى سفحِ وُجودي: (قصيدة نثر):
للصباحاتِ العارمةِ بالحكايا.. أقول:
كفكفي ثـَمَلي..
تـَعَشـَّشي .. في بتلاتِ جوارحي
تـَدَ فـَّقي بـِعَوْمي
علـِّميني..
(كلَّ ما ظننتـُه ُ مختلطاً .. بحليبِ رِضَاعتي )..
وجَهـِلـْتـُه !
أمهليني في الغياب
فأنا ..
(منذ ُ أتيتـُكِ .. أو أتيتِني )..
محظورة ُ الحضور
أودِعـْتُ ..
خارجَ أسوارِ الحياة
أ ُهـَيِّؤها للإستيقاظ
أنا ..
مَن تـَداعـَتِ السماءُ ..
على زنديها المُرهَقـَتـَين
وأنا ..
مِن أشارتْ بالصبرِ (لملائكتِها) ..
فَمَلـَّتْ إشاراتـَها الفوضوية !
_مَكـَثـْتُ ..على حافة ِالدفءِ للأرض
مَنـَحـْتـُها من وريدي .. الكثيرَ الكثير
فـَخـَذَلـَتـْنِي ..قرونُ الثور
بل تـَعـَهَّدَتِ الأرضُ ..بـدورانيَ الأبدي !
وسبَـقـَتـْنِي الحياة ..
تـَعـَلـَّقـْتُ ..بذيل ِ ثوبـِها المَيلـَوي
فانهَمَكـَتْ .. بشَقـْلـَبـَتي العبثية
يا إلهي !
كل هذا الفجرِ هباء ؟!
ما أوسع انتظاري !..
حين جعلتُ الأملَ..
تفاحاً ..لا يغادر الجنان !
حينَ جعلتُ الزمنَ..انفتاحاً..
على ثقوبٍ سوداء..
ذاتَ عيونٍ لاتعرف النومَ أبداً
_ كلُّ محاورِ القـَدَرِ ..صلبتني
كلٌّ ..عـَلـَّقـَنِي.. على هواه !
ياالله
تعبتُ مِنـِّي !
كم أشعلـْتُ أصابعي..
حينَ حاولتُ ..إخمادَ صدري ؟!
كم غـَنـَّيـْتُ عشقاً ..
للضياءِ الباحثِ .. عن ملاجئ ؟!
كم دَلـَفـْتُ معَ الندى..
وتـَلـَبَّستُ ضوعاً..
لعِطر الترابِ..
في تلافيفٍ ..
ملتويةِ المكوث ؟!
الآنَ تـَحَسَّستُ ..
أنَّ السماءَ طباقاً ههنا
كـلـُّها ههنا !..
وكتفايَ ضئيلتان
ولسانيَ عـَثِرْ
فعذراً لبوحيَ الخجول
عذراً 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.