الصفحات

لا سُكَّر في قَهوَتها | سليمان دغش ـ فلسطين

أُعِدُّ قَهوَةَ الصَّباحِ وَحدي
وَتُعِدُّ قَهوَتَها في ذاتِ اللَّحظَة
أسكُبُ ما يملأُ فِنجانينِ لي ولَها
وَتَملأُ فِنجانَينِ اثنَيْنِ لنا
أتأمَّلُ طَقسَ القَهوةِ بَينَ يَديها منْ أوَّلهِ حتّى آخِرِها
تكفي إصبَعَتانِ لِتَرفَعَ فِنجانَ القَهوَةِ،يَشهَقُ في يَدِها
شَوقاً للقاءِ القَهوَةِ بالشَّفَتَين
تُبطِئُ تُبطِئُ فالدَّربُ طويلٌ بينَ المِنضَدَةِ وَبَينَ الشَّفةِ السُّفلى
والعُليا تَشهَدُ دَربَ الشّهدِ الوَهمِيِّ

تَعُدُّ اللّحَظاتِ ،ثَمَّةَ لَحظات تُصبِحُ ساعاتٍ في عُرْفِ الشَّهوةِ والهَيَمانْ
أنتَظِرُ على شَوقٍ لحظاتِ وُصولِ الفِنجانِ إلى شَفَتَيها السّمراوَيْن
تأخُذُ رَشفَتَها الأولى فأخالُ العُصفورةَ تَلتَقِطُ حُبَيْباتِ الطَّلِّ
على شَفَةِ الوردة
وأراها تَهتمُّ بكُلِّ طُقوسِ القَهوَةِ عندي
تَتَأمَّلُ حَرَكاتِ يَدَيَّ تداوِمُ بَينَ القَهوَةِ والسّيجار
تَعْرِفُ أنّي أَعرِفُ كمْ يُغريها التَّبغِ وَنَكهَةُ أوراقِ السيجار
وبِخُبثِ أنوثَتها الُمُتَجَلِّي ليلاً في عينَيها تَقرَأُ أفكاري
وَتُدرِكُ أنّي هِمْتُ بِها وأهمُّ بِما في يَدِها ذاكَ الفِنجان
وَتَهِمُّ تَهِمُّ بِفِنجاني وَبِسِحرِ القهوةِ والنَّكهَةِ والتَّبغِ الهائمِ والموسيقى
تَشتَعِلُ بِنا الغاباتُ وتَندَلِعُ إلى آخِرِها وآخِرِ آخِرِ ما فينا النيرانْ
أرتَشِفُ بَقايا القَهوَةِ،تَرَكَتها شَفَتاها الدّافِئَتان على شَفَةِ الفِنجان
فَتَرتَشِفُ القَهوةَ حَتّى وَهَجَ المُتعَةِ مِنْ فِنجاني
لمْ نَضَعِ السُكَّرَ في قَهوَتِنا فكلانا نَشرَبُها مِنْ غيرِ السُكَّرِ
لكِنَّ القَهوةَ مُذ لَمَسَتْ شَفَتَيْها صارتْ شَهداً أحلى منْ شَهدِ الفِردَوسِ
تُوَزِّعُهُ الحورِيُّةُ كُلَّ صباحٍ بأَوانٍ مِن ذَهَبٍ ودِنانْ
ارتَوَتِ القَهوَةُ مِنْ شَفَتَيْها حدَّ السُّكْرِ
وارتَعَشَتْ شَفَتايَ على قَطَراتِ القَهوةِ سَقَطتْ منْ شَفَتَيْها
فتأوَّهَ نايٌ في شَفَتَيَّ وَبَكت في الروحِ طَويلاً أوَتاَرُ كمانْ

وَنُعِدُّ القَهوَةَ كُلَّ صَباحٍ على نارِ القَلبِ ودِفءِ الحُبِّ
نَشرَبُها أو تَشرَبُنا لا فَرقَ لَدَينا
فالحالُ سَواءٌ في مُتعَةِ طَقسِ القَهوةِ والفِنجانْ
نَتَساءَلُ بعدَ الفِنجانِ الثالِثِ أو أكثَر
هَلِ ارتَوَتِ القَهوَةُ مِنا؟!
- يُمكِنُ ذلك ...
لكِنّا نُدرِكُ في قاموسِ العِشقِ
بأنّا أبَدا أبدا
لــن نُـــرْوى أَبَـــدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.