الصفحات

قبل الرعشة.. الأولى || غادة كمال


كنت حرة قبل القذفة الأولى..
قبل الرعشة.. الأولى
قبل تسعة أشهُر في ظلمةٍ ونور...
قبل تحديدِ هويةٍ أنثويةٍ وربما ذكرية في بعض الأحيان..
قبلَ اسمي وصوتي وحدودي الجنسية وبقايا العدم في جسدٍ موجود..
وكأنني قطبي مغناطيسٍ لايعمل..
قد تكونَ شحناتهِ لخطأٍ جينيٍ مقصود متشابهة..
لا يستطيعُ جذبَ السالبِ أو الموجب أو حتى المُطلَق..
هو مغناطيسٌ عجوز لسببٍ ما...

يجلِسُ حائر على كرسيٍ خاوٍ في جُزيئةٍ عجوزة..
فتمرُ به شحنةً جميلة مجهدة..
تستريحُ على المقعد وتبتسم..
فينسى عجزَه
وبعد وهلةٍ من الزمنِ الضوئي..
تختفي......
فيبكي دونَ أن يستطيعَ حضنَ طرفيه العاجزين...
ويسيرُ يدندنُ في تلكَ الجزيئةَ العجوز..
أغنيةَ رحيلٍ..
ويختارَ مكاناً لشحنةٍ كانت مريضة ليكونَ قبره..
تحضُرُ تلك الجزيئة العابرة جنازته...
وتبكي...
ولكنه الآن بلا مرضٍ أو إرادةٍ أو وجود...
فهو مجرد عابر سبيلٍ بطرفين مريضين...
تبتسم جزيئاته من العدم عندما تراه..
  
وتمضي..
وللقمر حديثٌ مع بويضتي المُختارة لتوجدِني...
خيرَ إخوتي فتكاسل بعضَهم...
والآخرين رفضوا إما من التعب أو من البرد أو الأصحُ من الخوف..
أما أنا فكنتُ تلكَ البويضة الجريئة..
أنظرُ بشدة لوجودٍ لا أعلم عنه شيء سوى أصواتٍ لا أعرفُ ترجمتها..
أوصوت أمعاء أمي ودقاتِ قلبِها...
ودَعت إخوتي الذين أتى بعضهم لاحقاً وقرر الباقي البقاء في دفء أمي...
والآن أنظرُ للقمر ليلاً وأبتسم.. بخبثٍ
أفكرُ مع أي بويضةٍ يعقدُ صفقته الليلة
كنت حرة قبل القذفة الأولى
كنت حرة قبل الحدود..
فالعدم حرية والوجود قيود..
أفكر
كيفَ أقنِعُ تلك الخلية الأولى من العدم على أن تعقد معي صفقة..
كي أعيدها مرة أخرى للعدم فتختار هي الوجود..
أما أنا فسأعبث في العدم حرة أنظر لهؤلاءِ الحمقى في عجبٍ..
هم يركضون من وجودٍ لعدمٍ..
وأنا أعبثُ في عدمي حرة من كل وجود..
وحينها سأقهقه عالياً وأشربَ كأسَ نبيذي ممتلأً ..
وقد أسكُب نصفَه على هؤلاء..
فيسجدون خارين لمن وهبهم النبيذ من السماء..ِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.