الصفحات

أول الغيث ونصوص أخرى ــ بقلم : د.يوسف إسماعيل

يوسف اسماعيل
الطيران 
طار من باب خيمته..
حلّق..
حلّق..
ارتفع… ارتفع..
اجتاز حدود خيمته… سدّد نظراته، كفوهتي بندقية صيد؟
نحو خيمته..
أطلق النار على جناحيه،
وانتحر.

أول الغيث 
قالوا له: هذا أوّل الغيث، اللون الأخضر للربيع القادم، والأسود…
كان يكره الألوان المتناقضة بحدة،
والأبيض لأيامك الحالمة..
وحين طغى الحلم حتى استوت الألوان سواداً.. جمع ما تبقى من نتف الثياب الممزقة على طريق العابرين إلى الجحيم.. وصنع خيمة بكل الألوان
واستراح.
أوّل الفرح 
في أوّل الفرح.. قالوا له: خذ نصيبك من الصراخ.. واغتنم فوضى الانتماء..
ركن لسانه على جرف قصيّ…
سار بأشلائه نحو الخيام..
هناك أعادوا له لسانه، وقالوا له: اغتنم فرصة للانتحار.
 الشبه 
على أبواب العبور إلى المخيم، لاحظ على الوجوه حزناً، لم يره من قبل
كالحاً.. مغبرّاً..
ولم تكن لديه مرآة لينظر في وجهه..
إن كان يشبههم.
في الصباح.. لاحظ على الوجوه، في الخيمة.. صمتاً.. ودهشة.. وعيوناً تائهة، تحدِّق في السراب.. ولم تكن لديه مرآة لينظر في وجهه..
إن كان يشبههم.
في الظهيرة، اشتد الحر… جرى نحو برميل المياه.. فوجده جافاً وحارقاً. جلس في الخيمة صامتا.. بعيون تائهة، تحدق في السراب.. ودون أن ينظر في المرآة.. عرف أنه يشبههم.
هذه ليلتي 
في آخر الليل،
كنا نتهامس
أنا وهي،
على ماذا ستذبل أزهار سهرتنا الليلة؟
أقول: “هذه ليلتي”.
تقول: “أيظن… لتنام كالعصفور بين يديه”..
في الصباح الأول
بعد الخراب الكبير،
سألتها: أين نمت الليلة؟
قالت منهكة: لم أنم!…. بقيت أحرس شامتنا حتى ذبل الصباح، وابتعدت القذيفة عن مجرى تنفسنا.
بقعة ضوء 
هي: مع توسّع بقعة الضوء من شقوق الخيمة،
نهضتْ؛
…………..
أخفت سكينها الصغيرة بقطعة خيش في يدها..
خرجتْ نحو الشرق..
حلمت بالعسل البري، وبعشرة أطفال يتنططون حولها.
هو: كان ينتظر، بشهوانية كلب مسعور، ردفة باب
تستر عورته.
السكين: تلوّتْ بلهفةٍ، وهي تقطع، بخفة، آخر ما
يربطه بشقوق الباب.
غرام على جذع شجرة 
هي: كتبت على جذع شجرة في وسط القلب “أحبك غداً”
هو: كتب على جذع الشجرة في محيط القلب “موعدنا غداً”
الشجرة: ظلت تنتظر غداً
حتى تاه العاشقان عن الغد..
ثم جاء القصف، واقتلع الشجرة.
وفي الغد..
سجل هو اسمه في الخيمة 5
وسجلت هي اسمها في الخيمة 503.

* كاتب وناقد وشاعر من سورية