الصفحات

قِصَّة الجَرِيمَة | الرجل الخطير ...*بِقَلَم الْأَدِيبة: عبيرصفوت

⏪⏬
الثَّالِثَة صباحاً ، غُمُوضٌ يَلفّ الْمَدِينَة ، أَقْوَامٌ تَتَسَارَع بِالْخَبَر ، وَعُيُون تقراء بفضولية ، فِي جَرِيدَةٍ الصَّبَّاح .
لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ مريباَ قَطّ ، كَان محبوباَ بَيْنَ الْجَمِيعِ ، لَم نتوقع ذَلِك ابداَ ، صدمنا صدمنا بِاَللَّه صدمنا .
نَظَرٌ الْمُحَقِّق مِن نَافِذَةٌ صَغِيرَة ، كَانَت تَطُل عَلِيّ ساَحة خَضْرَاءَ فِي مَدِينَةٍ جَدِيدَة تَطُل عَلِيّ الْبَحْر ، ثُمَّ جَمَعَ بَصَرِه نَحْو الْمُتَحَدِّث يُتَابِع متنهدا :
الأجْوَاء مُتَقَلَّبَه دائماَ ، هَل تَعْتَقِدَ أَنَّ الرِّيَاحَ ستستقر ؟ ! وَنَحْن بِشَهْر تِشْرِينَ الْأَوَّلِ .
انْدَهَش "فَريد" الْقَاطِن بواجهة الْمُحَقِّق ، يرثوا لِحَال نفسه متسائلاً بَيْنَ نَفْسِهِ :
تُري هل هِي مُداعَبَة ؟ ! أَم التَّنَكُّر لبرائتي .
تَابِعٌ الْمُحَقِّق أَقْوَالِه يَكْشِفَ عَنْ غِطَاء الْحَقِيقَة مُفَادُهَا :
أَنْت غَيْر مُدَّان بِهَذِه الجَرِيمَة .
جَهَر الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بِعُنْف :
كَيْفَ ذَلِكَ ؟ ! أَنَّه الْجُنُون ، أَرْبَعَةٌ مِنْ الذُّكُورِ لَيْسَ لَهُمْ ادني عِلاقَة بِالجَرِيمَة .
تَابِعٌ الْمُحَقِّقُ فِي خُمُولٍ وَهُو يَفْرَك أَنَامِلِه :
مَات الرَّاحِل نَتِيجَة هُبُوطٌ فِي الدَّوْرَةِ الدَّمَوِيَّة .
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ يُؤَكِّد :
مَات نَتِيجَة الذُّعْر وَالْخَوْف .
أَخْرَج الْمُحَقِّق مِن الْحَافِظَة ، عِدَّة أَوْرَاق نثرها بعفوية :
أَقْرَاء ذَلِك .
تَجَنَّب الطَّبِيب الْحَافِظَة وَوَضَعَهَا جَانِبًا متأففا :
أَعْلَمُ عَنْ كُلِّ تِلْكَ الْأُمُورِ .
الْمُحَقِّق :
إذَا الْمَوْت طَبِيعِيٌّ والانجال ابرياء .
يَبْرُز الطَّبِيب الشَّرْعِيّ وَرَقَة خَاصَّة يصوبها نَحْو الْمُحَقِّق :
انْظُرْ عَنْ ذَلِكَ .
جَهَر الْمُحَقِّق بِصَوْت عَالِي :
بَلاغٌ مِنْ ابْنِهِ الرَّاحِل ، أَلَمْ تَكُنْ بِخَارِج الْبِلَاد .
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ :
نَعَمْ كَذَلِكَ .
وَاسْتَنْكَر الْمُحَقِّقُ هَذَا الاتِّهَام .
يَجْلِس "سمير" نَجْل الرَّاحِل وَهُو يَرْتَجِف :
لَيْسَ مِنْ السَّهْلِ هَذَا الْأَمْرِ ، كُنْتُ أُحِبُّ أَبِي أَنَا واخواتي الثَّلَاثَة ، حُبًّا جَامًا .
تَتَلأْلأ الدُّمُوعُ فِي عَيْنِ ابْنِه الرَّاحِل ، تُرِي بِعَيْن الْيَأس وَعَيَّن الاتِّهَام لِأَخَوَاتِهَا :
كَانَ يَضَعُ قَيَّد الْهُمُومُ فِي مِنْوَال ضِيق صَدْرِه ، يَكْظِم التَّخَوُّف بِكِبْرِياء وَقُوَّة ، لَم أُرِي رجلاَ يَرْتَاب مِن انجالة مِثْلَمَا رَأَيْت ياربي .
تَنَبَّه الْمُحَقِّق لِمَا عَلَيْهِ مِنْ أَقْوَالِ السَّيِّدَة وَتَابَع باهْتِمام :
مَا الدَّافِع وَرَاء أَقْوَالِك ؟!
قَالَت ابْنِه الرَّاحِل بِبُكَاء حَارّ :
السَّاعَة وَالْقِلَادَة ، هَذَا كُلُّ مِراثي مِنْ أَبِي الرَّاحِل .
تَسَاءل الْمُحَقِّق :
أَلَمْ يَكُنْ اباكِ مِن الأثرياء .
جُفِّفَت السَّيِّدَة دُمُوعُهَا وناحت بِبِضْع كَلِمَات :
قَالُوا إخْوَتِي ، إِنَّ أَبِي قَام بِإِخْرَاجِي مِنْ الْمِيرَاثِ .
الْمُحَقِّق يَتَفَكَّر قَائِلًا :
أَلَم تَقُولِين ، أَن دَافِعٌ الزُّجّ بِك بِالْخَارِج ، سَبَبٌ خَوْف اباكِ عليكِي .
أَكْدَت السَّيِّدَة :
نَعَمْ كَذَلِكَ ، لِذَلِك بَعَثْت إلَيَّ الْخَارِج .
يَنْظُر الْمُحَقِّق صَوْب قِلَادَةٌ كَانَت ترتديها السَّيِّدَة ، حَتَّى قَالَ :
لِمَاذَا اعطاكِ أَيُّهَا ؟ !
قَالَت ابْنِه الرَّاحِل :
الْقِلَادَة بِهَا صُورَةَ أَبِي وَأُمِّي .
يُشْعِر بِالْقَلَق والتوتر ، حَتَّي أَخْرَج الطَّبِيب الشَّرْعِيّ عَن شُعُورُه :
لَا تَفْسِيرًا لِلْأَمْر ، كُلّ التَّحَرِّيَات تَقُولُ إنْ أَبْنَاءَ الرَّاحِل لَهُم عِلاقَة برجلُ خَطِير ، مِنْ اتِّبَاعِ السَّوَابِق والتخطيط .
الْمُحَقِّق يُؤَكِّد :
مَاتَ الرَّجُلُ جَرَّاء أَزْمَةٌ قَلْبِيَّةٌ .
قَاطِعَةٌ الطَّبِيب :
هُنَاك خَطَب مَا عَلَيْنَا كَشْفُه .
جَلَس الطَّبِيب الشَّرْعِيّ يَسْرُد مِمَّا رَأَت عَيْنَيْه قَائِلًا :
صَاحِبُ الْحَانُوتِ ، هَذَا الرَّجُلُ الْخَطِير الَّذِي يَتَرَدَّدُ عَلَيْهِ أَبْنَاء الرَّاحِل ، يَمْلِكُ كُلُّ ذَلِكَ .
يَنْظُر الْمُحَقِّقُ فِي بَعْضًا مِنْ الصُّوَرِ الفوتوغرافية مُتَابِعًا :
أَنَّهَا قَلَائِد وساعات مِنْ نَفْسِ الَّتِي مَعَ ابْنِهِ الرَّاحِل .
قَالَ الطَّبِيبُ ضَاحِكًا :
هُنَاك إحْدَاث وَحِكَايَات وَرَاءَ ذَلِكَ .
تَسَاءل الْمُحَقِّق :
مَاذَا تُقْصَد .
قَدِم الطَّبِيب لِلْمُحَقِّق الْقِلَادَة وَالسَّاعَة لِبِنْت الرَّاحِل .
قَالَ الْمُحَقِّقُ وَهُو يَتَمَعَّن النَّظَرِ بِمَا قَدَّمُوه الطَّبِيب ، يَنْفُض يَدَاه وَفِكْرُه :
لَا أَفْهَمُ .
الطَّبِيب بتمكن :
هُنَاكَ مَا يَدِينُ الانجال بِمَقْتَل أَبِيهِم .
كَانَت مَزْحَة وتقاسمنا الْأَمْرِ بِهَا ، أَشاد إلَيْنَا أَخُونَا فِي ذَلِكَ ، قُمْنَا بمراودة أَبِينَا بِالْخَوْف وَالتَّرْهِيب ، لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مَرِيضٌ الْقَلْبِ ، هَذَا مَا اعْتَرَفَ بِهِ ابْنُ الرَّاحِل .
اِبْتَسَم الْمُحَقِّق قَائِلًا :
أَلَم تتساءل كَيْفَ عَلِمْت التَّحَرِّيَات عَنْكُم ذَلِك ؟ !
نَكَّس ابْن الرَّاحِل رَأْسَهُ قَائِلًا :
كُنْت اعْتَقَدَ أَنَّ اخواتي قَامَا بطمس الْأَدِلَّة .
أَشَارَ الْمُحَقِّقُ باهتزازة مِنْ رَأْسِهِ :
نَعَم لَيْسَت هُنَاك أَدِلَّة ، إلَّا شَيّ وَاحِدٍ لَمْ تتوقعة .
لَوْح الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بكلاتا يَدَيْه :
لَم أَتَوَقَّع أَبَدًا إنْ الْأَدِلَّةَ فِي قِلَادَةٌ صَغِيرَة .
الْمُحَقِّق :
الميكرو فَلَم الَّذِي وَضَعَهُ الرَّاحِل فِي الْقِلَادَةِ ، كَفِيلٌ بِكَشْف الْحَقَائِق بِمَا بِهِ مِنْ فِيدْيُو مُصَوَّرٌ وَمَن يَقُوم بارهابة .
الطَّبِيب : لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُ أَبَدًا إلَّا بِاعْتِرَاف الِابْن وَالرَّجُل الْخَطِير .
الْمُحَقِّق يُؤَكِّد :
اعْتَقَدَ أَنَّ الرَّجُلَ الْخَطِير ، هُوَ صَاحِبُ الفِكْرَة ، بَعْدَمَا ابْتَاع الْأَبِ مِنْهُ السَّاعَةُ وَالْقِلَادَة .
الطَّبِيب الشَّرْعِيّ :
لَا تُنْسِي أَنّ الْأَبْنَاءَ كَانُوا متعاونين مَعَ الرَّجُلِ الْخَطِير ، بَعْدَمَا تَمَكَّنَ مِنْ إقناعهم لتخويف الرَّاحِل بِلَا بَصَماتٌ أَو أَدِلَّة .
الْمُحَقِّق :
دَائِمًا هُنَاك أَدِلَّة مَهْمَا كَانَتْ الجَرِيمَة مكتملة .
الطَّبِيب : حَقًّا لَا فوق عَدْل السَّمَاء .
الْمُحَقِّق :
حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمًا تتبصر فِيه الْعُيُون .
-
*عبيرصفوت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.