الصفحات

المعرفة العلمية وخصائصها...* الدكتو:ر زهير شاكر

⏪موسوعة العلم والمعرفة والابداع

يتميز الإنسان بقدرته على إنتاج الثقافة، وهذه أهم خصيصة تميزه عن بقية المخلوقات، ولكل مجتمع ثقافته الخاصة التي يتسم بها ويعيش فيها، ولكل ثقافة ميزاتها وخصائصها ومقومات المادية التي تتألف من طرائق المعيشة والأدوات التي يستخدمها أفراد المجتمع في قضاء حوائجهم والأساليب التي يضعونها لاستخدام هذه الأدوات.
فكلمة الثقافة هي أكثر كلمة شهدت انتشارا وازدهارا، وليس هناك مفهوم أكثر تداولا واستخداما كمفهوم الثقافة، التي تندرج تحت اتجاهين، الأول اتجاه واقعي يرى الثقافة كل ما يتكون من أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو جماعة معينة من البشر، والثاني اتجاه تجريدي يرى الثقافة مجموعة أفكار يجردها العالم من ملاحظته للواقع المحسوس الذي يشمل على أشكال السلوك المكتسب الخاص بمجتمع أو بجماعة معينة.
وقد يكون التعريف السوسيولوجي للثقافة يشمل المقاربات الأخرى لفهمها (الأنثروبولوجية والأيديولوجية)، باعتبارها (الثقافة) تحليلا لطبيعة العلاقات والترابطات الموجودة بين أنماط الإنتاج الفكري وسماته العامة من جهة، ومعطيات البنية الاجتماعية بكل أبعادها الاقتصادية والسياسية والبيئية، التاريخي منها والمعاصر من جهة أخرى، وبالتالي دراسة وظائف هذا الإنتاج الفكري ولآلياته وتفاعلاته في المجتمعات على مستوياته كافة.
فالثقافة كمفهوم سوسيولوجي تشمل كل ما في البعد الأدبي والتراثي والمسرحي والفني، كما تشمل البعد الأنثروبولوجي الذي يطال الأدب والفن، ويطال حقل التعابير التي نطلق عليها عادة صفة "اجتماعية"، إذا الثقافة هي حاضر ومستقبل من المنظور السوسيولوجي.
وأحسن وصف لأي ثقافة يقوم على معرفة نظمها الاجتماعية وتحليل هذه النظم التي تحل فيها الثقافة، ويمكن تحديدها بتسعة نظم: الأسرية والتربوية والدينية والأخلاقية والجمالية واللغوية والاقتصادية والقانونية والسياسية، ويكتسب الأفراد هذه الأنماط الثقافية المناسبة عبر عملية التنشئة الاجتماعية، بدءا بأساليب السلوك المتنوعة وصولا إلى الأنشطة الجماعية وسلوكياتها.
"
يعود التباين بين الثقافات إلى عوامل موضوعية مثل البيئة الجغرافية وطبيعة الاتصال والتعاون وحجم الجماعة الإنسانية التي يجري فيها التفاعل، والقيم السائدة في المجتمع تلعب دورا كبيرا في التنوع الثقافي
"
وكما ينفرد الإنسان عن جميع المخلوقات بقدراته على صنع الثقافة فإن كل مجتمع بشري ينفرد بخصائص ثقافية تميزه عن بقية المجتمعات، فالثقافة نتاج اجتماعي وإنساني، ولا وجود للثقافة من دون إنسان، والمجتمعات دائمة التغير، فالتغير قانون تخضع له جميع الظواهر، فقد تموت الثقافة إذا تفكك المجتمع الذي أنتجها.
الثقافة إذن تتحرك وتتطور، ذلك أن كل جيل يقوم بالإضافة إلى "الموروث الثقافي" من خلال التعليم والتجربة، وتسمى هذه العملية التراكم الثقافي، والعناصر الثقافية المتراكمة تعمل وتستمر في صور كثيرة طالما استمرت الوظيفة التي تؤديها في المجتمع.
ولعل ظاهرة الانتشار من الظواهر التي حظيت بنصيب كبير في علم الاجتماع الثقافي، لأنها تتعلق بحركتها الخارجية، وقد ثبت أن أكثر التغيرات تأتي من الخارج، وقد فتحت آلية الانتشار الثقافي الباب منذ زمن لمسألتين: الأولى تتعلق بوسائل الانتشار نفسها، مثل الهجرات والحروب والتجارة، والثقافة اليوم أصبحت أكثر قدرة على الانتشار، والثانية تتعلق بالموقف من الثقافات الأخرى، وكيفية استقبال المجتمع للعناصر الجديدة الوافدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.