الصفحات

قد أعلنوها يا نزار ...*شعر: عبدالغني بن الطالب

     ⏪⏪⏬سنة 1994 نشر الشاعر السوري نزار قباني قصيدة بعنوان (متى يعلنون وفاة العرب؟)

تحدث فيها عن حلمه منذ كان صغيرا بأن يعيش في وطن عربي حر وديموقراطي تحترم فيه كرامة الإنسان ويسعدَ فيه الناس. فلا عسكر ولا تزوير ولا عبادة للفرد.. ولكن رسمه لصورة الوطن الجميل منذ خمسين سنة لم تكن سوى حلم استفاق منه على واقع يسير نحو الموت التدريجي في انتظار إعلان الوفاة.

قد أعلنوها يا نزار
عبدالغني بن الطالب
قد أعلنوها يا نزار فلا تحاول رسم بلادٍ للعربِ
أقمارنا مكسورةٌ
أرواحنا مهجورةٌ
أوطاننا مفتوحةٌ
وهواك كترنيمةِ العصفور غريباً يَحِنُّ إلى الشجرِ
خمسون عاما..
خمسون.. ضيَّعْتها في رسم بلادِ العربِ
ضَيَّعْتها في عَصْرِ ثوبكَ عند هطولِ المطرِ

=
ما عاد حتى الشعرُ يُسعفني لرسم صورةٍ للحلم.. للوطنِ
كل المقاهي نكهتها واحدةٌ
حيث ارتحلت من الرِّباطِ إلى الشَّآمِ إلى عدنِ
كل القبائلِ واحدةٌ..
من لم تصبْهُ الحرب فهو راكعٌ إلى وثنِ
قد أعلنوها يا نزار بعد مرور الزمنِ
فلا نُصوصُك التي ارتديتها
ولا نُصوصُك التي أحرقتها
ولا قصائدُك التي أحببتها
ولا قريشُ
ولا مضرُ
ولا كليبُ.. حافظتْ على العهودِ
على البنودِ
على الرمالِ والمطرِ

=
فلترحل..
ولا تحاول رسم بلادٍ للعربِ
لا وجهَ للوطنِ
لا لونَ للوطنِ
فعلبة الألوان مكسورةٌ
وفندق الحب أيا نزار مهجورُ
والعاشقون قد تمردوا
وأعلنوا ذبَح الـحَمامْ
وأشعلوا كل الحروبِ
كل الدروبِ
بغضا وكراهيهْ
ف(الحب لا يليق بماضي العرب)

=
لا ترسم..
أحلامك الطفوليهْ
فلا قمرٌ في سما أريحا
ولا سمكٌ في الفرات
ولا شذىً لقهوة اليمنِ
ولا قصائدُ الهوى التي زرعتها
-لتنبت النخيل على أرض بلا ظلٍ
بلا هُدُبِ-
قد أنبتت عشقا على أرض الوطن
فأهل قريتي قبائل بلا قلب
بلا حب
والشعر قربان لمن يعطي أكثر
ويدخلُ الحروبَ
رعدا بلا مطرِ
ليرسم الهزائمَ نصراً
ويعلن التطبيعَ فتحاً
وينتهي حلمُ الوطنِ

=
سبعون عاما..
سبعون عاما.. بعدها
قد أعلنوا موتَ العربِ
قد أعلنوا موت الوطنِ
قد أعلنوها يا نزار فلا تحاول رسم بلادٍ للعربِ
ما عاد من عرفتهم عُرْباً عَرَبَا
فلا قريشُ حافظت على العهودِ
ولا مضرُ
حيت اتجهتَ لا ترى
لغير إسرائيل بنودا تنتشرُ
حيث اتجهت لا ترى
إلا عُرَيْباً في هوى صهيونَ ينتحرُ
باعت كليب عزها
باعت كليب مجدها
باعت مهلهلا:
"قد وُضِـعَ الفخُّ فماذا تصنعي" أيا كليب غيرَ أن تسترجعي
عزًّا، وإلا فانْقُري "ما شئت أن تُنَقِّري"
"قد رَجَعَ الصيَّاد ولابد أن تُصادي يوما فاحذري"
قد رجع الصياد وباعت كليب الوطنا
ولم يعد غير الهوى بين الضُّلوع لنا سكـنا
قد أعلنوها يا نزار فلا تحاول رسم بلادٍ للعربِ
سبعون عاما.. بعدها
باعوا جميعا ما كان حلما ترسمهُ
وسرى على الأوطان أسى لم تكن تحسَبهُ
ولئن رجعت أيا نزار ستعلنها:
فليسقط الأَعْرابُ وليحْيى الوطنُ
فليسقط الأمواتُ وليحْيى الوطنُ
فليسقط التطبيع ويحْيى الوطنُ
-
*عبدالغني بن الطالب
فاس 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.