الصفحات

يوميات نصراوي: ذكرى لا تنسى مع استاذي المرحوم الشاعر د.. جمال قعوار - نبيل عودة

المرحوم الشاعر د.. جمال قعوار
⏪⏬
حادثة معبرة جرت بيني وبين استاذي الشاعر المبدع في ثقافتنا الفلسطينية والعربية عامة الدكتور جمال قعوار، وهي التي فتحت باب الزمالة الأدبية بيننا، منذ كنت طالبا بالفصل الأول وانا بالصف العاشر.
في درس الانشاء العربي طلب استاذنا جمال قعوار (وكان قد بدا لتوه يعلم اللغة العربية في مدرسة اورط عمال في الناصرة) ان نكتب موضوع انشاء عربي عن "شخصية احببتها".
كعادتي أنجزت موضوعي مساء نفس اليوم، كتبت عن يوري غغارين الانسان الأول الذي حلق في الفضاء الكوني، لكن زميلان لي طلبا مساعدتي في كتابة موضوعين لهما. بلا تردد كتبت موضوعين آخرين لهما، الشخصيات التي اخترتها للزميلين في الصف هما جمال عبد الناصر وجمال الدين الأفغاني.
نبيل عودة


من الواضح ان تمرسي بالكتابة الصحفية (كنت عضوا في هيئة تحرير مجلة "الغد" الشبابية الشيوعية التي كان يحررها سالم جبران، الذي مارست تحت اشرافه وتوجيهه الكتابة الصحفية) اضفى على اسلوبي قيمة صحفية، خاصة موضوع غغارين، الذي جعلته تحقيقا صحفيا وليس مجرد كتابة لطالب في الصف التاسع يتحدث عن انطباعاته.
استاذي جمال اعاد لي دفتر الانشاء مع ملاحظة تقول "لا أدري من اين نقلت هذا الموضوع" واضاف ما معناه ان "الهدف ان اكتب بلغتي وان لا انسخ موضوعا من المجلات".
اصبت بدوار وقلق عميق ولا أنكر أني كنت غاضبا ومستفزا. الموضوعان الآخران للزميلين حصلا على علامات مرتفعة جدا، واشادة بالزميلين لقدرتهما على كتابة انشاء جيد، الأمر الذي أضحكني بمرارة.
اخذت دفتري الزميلين معي وطلبت مقابلة الاستاذ جمال، فاستقبلني بدماثته وبسمته التي افرغت توتري.
صارحته أني كاتب الموضوع عن رائد الفضاء غغارين حقا، واني لا اعرف مجلة نشرت عن غغارين باسلوبي وكما جاء في موضوعي عنه، وان مادتي عنه ستظهر في مجلة "الغد" ايضا في عددها القادم، وانا عضو في هيأة التحرير، ولي مواد عديدة نشرت في مجلة الغد، عن مسرحيات وكتب وندوات أدبية، وقصص وصور قلمية، ثم قدمت له مجلة "الجديد" مع قصتي الأولى المنشورة في المجلة بقلم الشاب الناشئ نبيل توفيق عودة، تأملني للحظة وقال لي انه متفاجئ حقا من طالب في جيلي استطاع ان ينشر قصة في الجديد التي كانت تعتبر أفضل المجلات العربية اطلاقا وليس داخل مناطق 48 فقط، وان كوني ناشط اعلامي وبجيلي الصغير هذا نادر او غير مسبوق.
عندها سألته ما رايه بالموضوعين عن جمال عبد الناصر وجمال الدين الافغاني اللذان قدمتهما باسم زميلين لي من الصف، بان التفكير على محياه ولم يجب فورا، تأملني بعين فاحصة ولمحت ابتسامة ترتفع فوق شفتيه وسألني وهو يكاد يضحك: "لا تقل لي أنك صاحب الموضوعين؟"
هززت راس مبتسما ولم اقل شيئا. قال: "أعطني دفترك"
قدمت له الدفاتر الثلاثة...
شطب ملاحظته من دفتري وكتب: "ممتاز 110 / 100 وتستحق أكثر!!" ثم اضاف: " ماذا عن صاحبيك"؟
قلت "يبقى الأمر سرا بيننا!"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.