إنه لمن المدهش للوهلة الاولى ، قوله تعالى : ( الـذي جَـعَـلَ لَـكُـمْ مِـنَ الـشَـجَـرِ الأَخْـضَـرِ نَاراً ) يس 80 .
فكما نعلم ان النار تكون من الشجر اليابس عادة، وليس من الشجر الاخضر ، فلماذا قال الله تعالى (مِنَ الشَـجَرِ الأَخْضَـرِ )!؟.
وبالتأكيد لو قلنا من الشجر اليابس فهو أقرب للعقل البشري، ولو كان القرآن الكريم من عند غير الله لكانت الآية تقول : [ مِنَ الشَـجَرِ اليَابِسِ نَـاراً ] ، لاسيما وقد وردت كلمة يابس في القرآن الكريم : ( وَ لاَ رَطِـبٍ وَ لا يابسٍ ) الأنعام 59 .
لكن الآية قالت : ( مِـنَ الـشَـجَـرِ الأَخْـضَـرِ ) يس 80 ، وفي ذلك كشف علمي مذهل ، إِذ تشير الآيَة إلى دور مادة اليخضور في النبات ، وهي المادة التي تقوم بتخزين طاقة الشمس الحرارية في النبات عن طريق عملية التمثيل الضوئي ، فلولا وجود اليخضور في اوراق النبات لما تمت عملية التمثيل اليخضوري ولما تم تخزين طاقة الشمس الحرارية في النبات وبالتالي لما احترق النبات ولما اعطى النار وحرارتها .
واليخضور عبارة عن خضاب أخضر يكسب النباتات اللون الأخضر وتسمى أيضآ دماء النباتات، توجد في الطحالب وفي أنواع من البكتيريا، كما أنه يقوم بدور أساسي في عملية التمثيل الضوئي التي تشكل أساس الحياة على الأرض، والعملية الأساسية في اختزان طاقة الشمس على شكل طاقة كيميائية ضمن جزيئات الجلوكوز ( المصدر الأساسي للأحياء) واستخلاص الأوكسجين من ثاني أكسيد الكربون الموجود في الهواء والماء في نفس الوقت.
و الجلوكوز هو المادة الغذائية للخلايا النباتية، به تنمو وتتكاثر وينمو النبات حيث يتحول جزء منه إلى نشا يختزنه النبات وبهذا ينمو النبات ويكون ثمارًا، خلال تلك العملية أيضًا ينشق الأكسجين من جزيء الماء وينطلق إلى الهواء.
من اليخضور توجد عدة أنواع، تختلف فيما بينها اختلافًا بسيطًا. وطبقًا لاختلافاتها في بنيتها فهي تختلف في قدرتها على امتصاص الأشعة الشمسية، فبعضها يشتد امتصاصه للأشعة الشمسية الحمراء وبعضها يمتص الأشعة الشمسية الصفراء .
وفي الخلايا النباتية يوجد اليخضور في أغشية على هيئة أقراص تُسمى ثيلاكويدات، وتوجد في معظم أنواع النباتات، داخل أجسام دقيقة في الخلية تسمَّى البلاستيدات الخضراء، وهي تتولى القيام بكل عمليات التركيب الضوئي داخل أوراق النبات، حيث توجه الطاقة الضوئية التي يتم امتصاصها إلى مراكز تفاعل خاصة في الثيلاكويدات.
وتتولى هذه المراكز ومعها الجزيئات حاملة الإلكترونات، تحويل الطاقة الضوئية إلى طاقة كيميائية، وينطلق الأكسجين أثناء هذه العملية. وفي هذه العملية، يكون النبات في حاجة إلى الطاقة الكيميائية للحصول على غاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، وهي العملية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى إنتاج المواد السكرية وغيرها من المواد الغذائية كالنشا والدهن والبروتين والفيتامينات.
خلاصة يمكن القول إن عملية إحراق الشجر، هي إعادة الحصول على طاقة الشمس الحرارية ، التي كان النبات قد خزنها عن طريق عملية التمثيل اليخضوري، ولذلك قال تعالى : ( مِـنَ الـشَـجَـرِ الأَخْـضَـرِ نَاراً ) ، ( أ فَرَأَيْتُمُ الـنَارَ الـتي تُورُونَ أ أَنْتُمْ أَنْشَـأْتُمْ شَـجَـرَتَهَـا أَمْ نَحْـنُ الـمُـنْشِـئُونَ ) الواقعة 71 .
وبالمثل فإن كل الطاقات الحرارية التي نحصل عليها من حرق المواد كالبترول مثلا، ما هي إلا طاقة الشمس المخزنة في هذه المواد، وعملية الإحتراق تعيد لنا هذه الطاقة من جديد ، على شكل نار .
-
*تغريد بو مرعي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.