نملك جميعنا تلك الغرفة النائية، التي نلجأ إليها كلما ضاق علينا العالم بما رحب.. فيها تتصارع الأشياء والأفكار والنقائض والغرائب، ويتعارك الضد مع ضده الذي يكون قرينه وصورته.
تلك الغرفة هي وجه آخر للحلم والواقع معاً، وللحضور والغياب سوياً، ولتقلبات المزاج وأسرار الخواطر وحميمية الهواجس، وجميع الأفكار المكبوتة والمقموعة.إنها في النظرة العميقة تشبه القنبلة.. بل إنها بركان خامد ينتظر لحظة الانفجار، وهي أيضاً بمعناها العميق، النفس البشرية بكل هندستها ودهاليزها.
لا شيء يجعل من التحكم فيها سهلاً سوى البوح والفضفضة والتعبير عما يخالجها، ولا يحتاج ذلك لغة معقدة ولا عبارات طنانة، فقط البوح، وما أدراك ما البوح، بالموازاة مع رغبة الاكتشاف، وضرورة التحلِّي بالجرأة في مواجهة بعضها في مراياها الداخلية، حيث الفرد يكون عارياً أمام نفسه.. وكما نعلم، لا سبيل إلى مخادعة المرايا الشفافة يا قوم.. وبالتالي لا سبيل إلى نكران وجود تلك الغرفة الأشياء تخاف الحركة والدفء عادة، وتخاف أن يهرب منها الحب إن فعلت، وتخشى فقدان الحياة، فالحب كالمعدة القوية، يهضم أي شيء، يجعل الأشياء المؤلمة تمضي بسرعة، ثم يجعلك مصاباً ببعد النظر والتحمل.
تلك الأشياء الساكنة لا تدرك أن الحركة تجديد، واسترسال في الحلم، وتطوير للذات ونمو لا بد منه، لهذا أقول: ادخلوا غرفكم المحرمة وسجن الاشتهاء، ستجدون الحياة هناك مليئة بالأشباح، فتخلصوا منها جميعها.. الخوف، والخضوع، والذل، والتردد، والحزن، والكآبة، والأفكار السلبية، وعدم تقدير الذات.. فنحن نصبح أقوياء بالمعرفة، ونعرف كيف نسلك سبيل السلام إذا تخلصنا من الشوائب، ما كل ما فينا محرّم صدقوني، فنحن نحرّم أشياء بقدسية موهومة.
-
*نوال يتيم
كاتبة وشاعرة ـ الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.