الصفحات

من المسؤول عن ضياع القدس وفلسطين ؟

من المسؤول عن ضياع القدس وفلسطين ؟
⏪⏬
جلست إحدى الأمهات الفلسطينيات أمام قبر ابنها الشهيد في انتفاضة الأقصى تبكيه بدموع الحزن، فنظر إليها رجل شيخ نجا من مجازر الصهاينة فقال:
لقد أحرزت هذه المرأة السبق على الرجال العرب في هذا الزمان، زمن الإذلال والاستسلام والتنازلات، إنها متميزة وليست مثلنا، إنها تعرف تمام المعرفة على من تبكي ومن الذي سبب لها في هذا الجزع الشديد إنها موفقة لأنها تدرك حالها وتدرك من أجل أي شيء يجب البكاء.
أما العرب فقد اعتراهم الهم والغم وقد جلسوا يكابدون الأحزان والهزائم تلو الهزائم طوال 70 سنة مضت فأصبحت أجسادهم واهنة وإرادتهم ضعيفة لذا وقعوا في الحيرة فتحولت حقوقهم إلى تنازلات وتحول الممكن إلى أمنية وربما إلى مستحيل حتى صارت الأمة العربية لا تعي أن التنازل عن حقوق الشعب الفلسطيني يجر تنازلات أخرى وأن التنازل يدفع العدو الصهيوني إلى التشدد لتحقيق أطماع أخرى ومزيدا من المكاسب على الأرض.
وقد أصيب العقل العربي بالجمود ومني التفكير بالاضمحلال فتبخر مبدأ اللاءات الثلاث:
«لا صلح لا اعتراف لا تفاوض مع العدو الصهيوني» الذي اتفق عليه العرب في مؤتمر الخرطوم في فاتح سبتمبر 1967 فكانت هذه الكلمات القومية لا تعبر فعلا عن إرادة عربية جماعية بل كانت تخفي وراءها خيانات ودسائس ومؤامرات خطيرة ضد القضية الفلسطينية.
كان مؤتمر القمة العربي في الرباط سنة 1971 نقطة تحول جذرية في تاريخ القضية الفلسطينية يمكن اعتبارها بداية النكبة السياسية التي وصلت بها إلى حضيض منحدر التنازلات الاستسلامية عن حقوق الشعب الفلسطيني والتي أصبحت نتائجها وأبعادها أخطر بكثير من النكبتين العسكريتين عام 1948 وعام 1967، في مؤتمر الرباط كان الإعلان عن تراجع كبير في تاريخ القضية الفلسطينية وقد وضع كالمعتاد في قالب انجاز ضخم وهو اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
فمنذ ذلك الحين بدأ التحول الإعلامي والسياسي والعسكري الموجه من اعتبار القضية الفلسطينية قضية الأمة العربية بكاملها إلى اعتبارها قضية الفلسطينيين على وجه التخصيص وبدأ الترويج الإعلامي لمصطلح «أزمة الشرق الأوسط «الذي حول الصراع العربي الإسرائيلي إلى نزاعات ثنائية بين مصر وإسرائيل حول سيناء والأردن وإسرائيل حول المياه والحدود وإلى نزاع بين سوريا وإسرائيل حول الجولان في حين أن الصراع الحقيقي هو بين الأمة العربية والكيان الصهيوني.
و بعد هذه المؤامرة الخطيرة التي خطط لها جهاز المخابرات الإسرائيلي الموساد لتشتيت أفكار العرب وتحويل القضية الفلسطينية من قضية قومية إلى نزاعات بين الدول المجاورة، بدأت مطارق المذابح تنهال على الشعب الفلسطيني وتحولت منظمة التحرير الفلسطينية من هدف العمل الفدائي والمقاومة المسلحة إلى هدف العمل السياسي والتسوية السلمية عن طريق تقديم تنازلات عن حقوق الشعب الفلسطيني وإذا بالقضية تتحول إلى صفقات انفرادية، كان أشهرها اتفاقية كامب ديفيد وكان آخرها أوسلو، والحصيلة هي النكبة السياسية والعسكرية التي نعيشها اليوم بوتيرة متلاحقة من مذابح وتقتيل وتدمير في غزة وفي كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة أمام أنظار ملايين العرب.
عندما أحرقت القدس سنة 1967 قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلي غولدا مائير:
«لم أنم طوال الليل فكنت اعتقد أن العرب سينزحون إلى إسرائيل من المحيط إلى الخليج لرمينا في البحر وفي الصباح تأكدت أن العرب نائمون لا يستطيعون فعل أي شيء».
هذا صحيح لأن العرب لا يقدرون على مواجهة إسرائيل، لكنهم يستطيعون إشعال نار الحروب والفتن والاقتتال فيما بينهم، ويتسابقون إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، إذن من المسؤول عن ضياع القدس وفلسطين؟
لقد مضى أكثر من 14 قرنا على وجود الأمة العربية والإسلامية ولا زالت متفرقة ومشتتة لم تتوحد وهي متأخرة في جميع الميادين في حين أن ميـلاد الولايـات المتحدة الأمريكـية لا يتعدى 4 قرون وهي الآن موحـدة في دولـة واحـدة تضـم 53 ولاية وتمـثل أكـبر قوة اقتصـادية وعسـكرية في العـالم.
إن تحرير فلسطين وحماية القدس لن يتم إلا عن طريق الوحدة العربية الحقيقية لا عن طريق الشعارات المخادعة والمزايدات السياسية…

*كاتب من المغرب
  القدس العرب  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.