الصفحات

بلا رجوعٍ ...*سُميَّةُ جُمعة - سُوريةُ

 ⏪⏬
عندَما تودِّعُني ، اتركْ و لو ورقةً صغيرةً كي أستطيعَ أنْ أقولَ : كانَ يوماً ما رفيقَ روحي ، فحتَّى الغرباءُ يتركونَ أثراً وراءَهم ، في زمن ما قالتْ لي أمي : إنَّ الأحبابَ لا نودِّعُهم ؛ لأنَّهم يسكنونَ القلبَ ، في كلِّ زاويةٍ لهم فيها ذكرى ،و ها أنتَ ترحلُ تاركاً كلَّ
شبابيكِ القلب مفتوحةً تلعبُ بها الريحُ ، فعندما دخلتَها لم تكن تدري بأنها ستظلُّ مفتوحةً ، و إنْ جاءَ مَنْ يغلقها.
ارحلْ !
فكلُّ الدروبِ بعدكَ لا أريدها ، و لا حروفَ كنتُ أكتبُها ، سأعتزلُ اللغةَ التي تقرِّبُني إليكَ و سأقولُ : وداعاً يا مَنْ استعذبتَ قتلي ، و تركتني .
بَيْدَ أنِّي لا أقوى على مُفارقةِ عَبيرِكَ المُنعِشِ الذي كنتُ أحيا معهُ هانِئةً في حياتي ، و مُنذُ أنْ غادرتَني باتَ طيفُكَ توءَمَ روحي ، و زائري الذي يطرقُ بابي كلَّ حينٍ ، لِيُداعِبَ وحدتي ، و يسلو بهُمومي في دُنيا الوَحدةِ القاتلةِ و غُربةِ الروحِ المُوجِعةِ ، حتَّى بِتُّ على يقينٍ تامٍّ ألَّا سَكينةَ للروحِ و طُمأنينةَ للقلبِ إلَّا في أحضانِ حُضورِكَ .
صهلتْ خيولُ الشوق ، و حميَ وطيسُ غليانها، حاولتُ ردَّ هذهِ المعركةِ و التصدِّي لها إلَّا أنَّ أمرَ القلب كانَ أقوى .
دخلتُ في صراع ما بينَ عقلي و قلبي ، فقدْ أغلقتُ كلَّ دفاتر الماضي و قرَّرتُ الانعتاقَ من حزنٍ تسرّبَ إلى روحي ، و لكنَّني أدركتُ أنَّي حبيسةُ ماضٍ أخذَ مني العمرَ و تركَني مُعلَّقةً على مشانقِ الوقتِ ، أعرفُ مُسبقاً بأني في معركةٍ خاسرةٍ ، فهشاشةُ قلبي أتعبَتْني ، و جيادُ الوقتِ دخلتْ مسرعةً إلى ذاكرتي ، كلُّ وسائل الدفاعِ كانتْ عقيمةً أمامَ سطوتي ، و قالَ القلبُ كلمتَهُ أخيراً .
و قرَّرتُ أنْ أشرعَ ذاكرتي ، و أفرِّدَ أوراقها ، فربما الزمنُ ينصفُني .
-
*سُميَّةُ جُمعة
سُوريةُ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.