الصفحات

أيام ... الكبير الحبيب عباس النوري ( مسرح الضوء ) 1 و 2

⏪⏬
عرفته أول مرة في مطلع ثمانينيات القرن الفائت ، أحد أبرز المحببين لأهل في ذلك الحي الدمشقي القديم الذي سكنته وأحببته وأحببت ناسه " القيمرية " ، والذي يوجد فيه سكن عائلته في طالع الفضة ، الزقاق الضيق المكتنز بأقاصيصه وحنين أهله ، والذي يفصله بضع أمتار عن سكني الذي يشاركني فيه آنذاك الفنان الحبيب الراحل نضال سيجري ، والكاتب والباحث الدكتور محمد بصل ، والفنان القدير جورج حداد ، وبالطبع عرفت أهله الكرام ، وسمعتهم العطرة بين أهل الحي ، ومنهم جارهم وجاري الفنان الحبيب القدير علي كريم ، الذي كان لايزال يعمل نجاراً في منشرة قريبة من سكنه إضافة إلى هواية التمثيل ، وعرفت الكثير من خصاله الطيبة ومواهبه من خلال رواد حلاق الحي الذي شاركه يوماً هواية التمثيل والكتابة ، ثم عرفته كاتباً من خلال تجارب جمعته مع المخرج الراحل الحبيب سمير سلمون ، وعرفته أيضاً مخرجاً خبيراً من خلال عملي في مديرية الإنتاج التلفزيوني ، وعرفته أكثر فأكثر مع الأيام التي حقق فيها مشروعه الفني وشهرته الواسعة .. وأجمل ما عرفت به أنه لم تغره الألقاب والجوائز والتكريمات الكثيرة ،غير أن كل الصفات والعناوين التي يمكن أن يختارها المرء لنجم شق طريقه بتحد وثقة صالحة لأن تكون لقباً أو صفة لشخصيته ، وكل السمات الحسنة التي يمكن أن تخطر في بال أحد تصلح لأن تردد عنه لأهمية سيرة حياته وبراعته كفنان لم يعرف في حياته سوى الارادة والتصميم للفوز بالنجاح .
وكل وكل ما يخطر في البال من ضروب الفن والحياة شغلت تفكيره العميق فانصرف بكل هواجسه لينجزها باحتراف محكم البناء منذ أن بدأ شق ملامح طريقه الفني في طفولته مع تأسيسه فرقة مسرحية أطلق عليها اسم ( مسرح الضوء ) .. ومنها كانت البدايات الأولى لخطوات تحبو نحو سيرة حياة حافلة بالعطاء .. سيرة نجم كبير كان ولا يزال الانموذج للتفوق الابداعي والجماهيري بامتياز .. الكاتب والمخرج والممثل الكبير عباس النوري .في حارتي بدمشق القديمة " القيمرية "ولد الجار الحبيب عباس النوري عام 1952.. ونشأ مع أقرانه من الحي ، طفلاً وسيماً ، أنيقاً ، ذكياً ، موهوباً في الصدق والمحبة لرفاقه وخاصة ممن استمر بصادقتهم لخالص محبتهم ووفائهم له على مدار السنين .
ومن ذلك البيت الدمشقي العتيق كانت المدرسة الأولى لطفل متأثر بأسرته الدمشقية الأصيلة بكل عاداتها وتقاليدها الإنسانية الراقية .. تلك الأسرة التي لم يعرف عنها سوى الأنس والسلام الدائمين مع الجوار.. إضافة لمثابرته الدائمة على نهل العلم ومطالعة العلوم الإنسانية بنهم ومن مختلف أنواع الأدب وأجناس الفنون الدرامية ..
بدأت أحلام ومشاريع النوري منذ أن كان طالباً في المرحلة الإبتدائية .. ومع انتسابه في تلك المرحلة العمرية المبكرة إلى النادي الاجتماعي الثقافي في حي القيمرية بدأت تتفتح عنده رؤى المشوار الفني ..
وبعد مشاركات فنية متنوعة في الأنشطة المدرسية والنادي الاجتماعي الثقافي كانت رغبته شديدة في تحقيق رسم ملامح عوالمه بنفسه أكبر من تلك المشاركات ، فجمع بعض أقرانه من النادي والمتحمسين للعمل الفني ، وأسس بواكير فرقة مسرحية أطلق عليها أسم ( مسرح الضوء ) ، ولأنها كانت البداية لمشوار طويل يمتدد بسنوات عمره إلى يومنا هذا أطلقت على فيلم توثيقي أنجزته عنه اسم ( مسرح الضوء ) ..
لم تكن البداية مع فرقة مسرح الضوء سهلة لموهوب بعمر الفتى ، فكان الإداري والكاتب والمخرج والممثل ، وكان مع شركائه معنيين بتصميم وتنفيذ الديكورات والملابس والمكياج وغير ذلك من أعمال تقتضي الاستعارة من بيوتهم أو صرف نفقات مالية من جيبوبهم ..
وذاع صيته وأصبح له شهرة جيدة بين أهل مجتمعه والمهتمين بالشأن المسرحي في دمشق ، مستمراً بالمشاركات الفنية المتميزة إلى أن التحق بفرقة الجامعة ، ومنها كانت النقلة الأفضل لشاب موهوب لفت أنظار المخرجين الأكاديمين إلى موهبته كممثل جذاب في الأداء والحضور ..
-

*الياس الحاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.