الصفحات

"علم الاجتماع الريفي" إصدار علمي للدكتورة عبير سرور والدكتور أديب عقيل

⏪⏬
أتي أصالة الدراسة أنها مضت فيما سبقت إليه وكثرت الدراسات فيه فمصيرها أن يأكلَها الغبار على الرفوف ويطويها النسيان، لأنه لا يستفاد منها على أرض الواقع، في حين لا نكاد نظفر بدراسات أخرى في سوق العلم لسرعة رواجها وأهميتها، ولا شك أن الأخيرة
من الأولى كـالإبل المئة لا تجد فيها راحلة، وأرجو أن يكون بحثي هذا من الأخيرة، فإن الدراسات الأنثروبولوجية تعد من الدراسات القليلة التي بحثت المجتمع العربي السوري، ولاسيما الدراسات التي اهتمت بالمجتمعات الريفية، ولست بحاجة إلى القول: "إن هذا البحث هو الأول من نوعه عن هذا المجتمع دون استثناء"، فلم يسبق لأحد أن درس هذا المجتمع وهذا الموضوعَ دراسة أنثروبولوجية كما درستها، في الوقت الذي كانت فيه هذه النقطة مركز قوة وأصالة لهذا البحث؛ كانت مركز الصعوبات خلال مراحل البحث الميدانية، ولا يخفى أن طريق البحث البكر الأصيل وعرة، ولما كانت كذلك وكان من المتعذر السير عليه من غير منارات هادية، فنصبت ما رأيته منارات، إن أنا بلَغَتْها وبلَّغَتْها فقد تم المراد، ومناراتي التي أريد هي أهداف هذا البحث، الأهداف التي ما انفككت أسعى بدأب وجد ما أمكنني ذلك لبلوغها، وعملت باستمرار ودون توان على تحقيقها، وقد حددت هذه الأهداف ضمن الإطار المنهجي للدراسة، وسأترك للقارئ أن يحكم بنفسه على مدى نجاحي في تحقيقها، وهذا أمر متيسر من خلال الاطلاع على متن البحث.

هناك مجموعة من مقترحات عامة لتحسين الواقع الاجتماعي في القرية المدروسة تتمحور في تفعيل وتشديد العقوبات على تسرب الأولاد من المدرسة، لرفع المستوى التعليمي لأبناء القرية، والتأكيد على دور الموجه التربوي والمرشد النفسي في المدرسة، وتوجيه محاضرات المركز الثقافي في القرية لتوعية الأهالي حول العلم وأهميته، وتبصير الناس بأنه المخرج لهم من كل ما يعانون مادياً واجتماعياً ونفسياً، وتفعيل دورات محو الأمية للرجال والنساء، ليكون التواصل معهم أكثر فاعلية، وتشديد أمر الفحوصات الطبية السابقة للزواج، كما يجب أن نولي الطبقة الأولى من الأطفال ثم المراهقين أهمية وعناية خاصة؛ لأن الأمل الحقيقي في هذه الشريحة، وهي نواة التغيير المرجو، في المقابل لو نشأت هذه الشريحة على ما تحاول الشريحة الجاهلة تنشئته عليه فستكون مستقبلاً أكثر صعوبة من آبائهم وأجدادهم، ربما أتجرأ بالقول الاستفادة من هذه الدراسة لتشجيع الباحثين على دراسة مجتمعات ريفية أخرى على امتداد القطر، لتشابه الظروف الطبيعية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية لريفنا كله، مع خصوصية لكل منها، ودراسات موسعة من هذا النوع، وتقديم مثل هذه الدراسات للجهات الحكومية للاستفادة منها في خطط تنمية الريف، مع العمل على الاستفادة من طابع التدين في المجتمع الريفي لتصحيح كثير من القناعات والعادات والتقاليد البالية التي لا يرتضيها الدين ولا العقل، وإلا فإن التدين غير الصحيح يؤدي إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية لا إلى حلها، كما في قضايا التعليم والمرأة والميراث، وهنا ينبغي التعاون مع المشايخ والخطباء، وتوصلت إلى وضع مقترح مشروع تنموي تثقيفي ناتج عن الدراسة الميدانية التي تم تطبيقها على قرية "القيسا" وتأكيداً منا المقولةَ التي تقول: "إن المرأة هي نصف المجتمع وهي تربي النصف الآخر"، وأن أي خطة باتجاه تطوير وتنمية أي مجتمع لا
من خلال مشاركة المجتمع ككل، فأي مشروع تنموي في هذه القرية يستلزم تفعيل فئة النساء فيها، وذلك من خلال إعدادهن وتثقيفهن وفق برنامج تثقيفي يعد جزءاً من مشروع تنموي يمكن تطبيقه في هذه القرية».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.