الصفحات

الطفل الذي أسقط طائرتهم ...*متولي محمد متولي بصل

⏪⏬
كل يوم كان يذهب معهم ، ويجمع مثلهم قطعا من الحجارة يملأ بها كيسا من القماش ، لكنه لم يكن يشاركهم في رشق المستوطنين وجنود الاحتلال بها ، حتى حسبوه جبانا .

كان كثيرا ما يسمع بعضهم و هم يسخرون منه ، لدرجة أنهم كانوا فيما بينهم يسمونه (ابن أمه ) وكثيرا ما كان يسمعها منهم، فيشعر بالحزن الشديد ، صحيح أنه وحيدها ، لكن لهجة الاستهجان والسخرية التي يقولونها بها كانت تمزق قلبه كالسكين !

كان يتركهم ويذهب متسللا إلى إحدى العمارات السكنية العالية القريبة من الجدار العازل ؛ ويقضي وقتاً طويلاً فوق سطحها ؛ يتابع ببصره الطائرة التي تحلق فوق المكان يوميا ؛ إنها لم تخلف موعدها قط ! سمعهم يتحدثون عنها في قنواتهم ، ويتفاخرون بها وبأخواتها ؛ إن الكاميرات الموجودة فيها تكشف لهم كل صغيرة وكبيرة في القطاع ؛ منظومة جديدة للمراقبة يسمونها " النجم الساطع " ، دقيقة واحدة وتصبح أقرب ما تكون ؛ صوب نحوها ، كل يوم يرشقها بالحجارة لكنه حتى الآن لم يستطع إصابتها ، صرخ بأعلى صوته ( الله أكبر .. .. الله أكبر) ؛ لم يصدق عينيه ، وهو يراها تترنح في الهواء ثم تسقط فوق أغصان شجرة قريبة ؛ نزل سلالم العمارة بسرعة متلهفا ؛ وقطع الطريق غير آبه بالسيارات المندفعة ! وصل إلى الشجرة ، لكنهم كانوا قد وصلوا قبله ؛ أحاط به مجموعة منهم ، و قيدوه و ألقوه على الأرض ، بينما قام الآخرون بتخليص الطائرة الصغيرة من بين الفروع المتشابكة ، اقترب منهم بعض الأهالي يستطلعون الأمر وبينهم مجموعة من الصغار إنهم زملاؤه ، لقد عرفهم ، بدأوا يرشقونهم بالحجارة كعادتهم كلما رأوهم ، كان الجنود يحيطون به كقطيع من الذئاب أو الضباع المفترسة !

و هم يقتادونه و لا يكفون عن ضربه وركله ! قبل أن يفقد وعيه ، سمع أحد زملائه وهو يقول للبقية ( إنه هو هو .. .. ابن أمه ) ، لكن وقعها هذه المرة على أذنيه جعله يشعر بالفخر .
-
*متولي محمد متولي بصل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.