الصفحات

قِصَّة الجَرِيمَة | الْجُثَّة الْمُعَلَّقَة ...* بِقَلَم الإديبة: عَبِير صَفْوَت

⏪⏬
قَتَلْت الْحَقِيقَة حِينَ قَالَ الْمَسْؤولُ عَنْ آمَن الْغُرَف :
خَرَجَت الافواج مِنْ غَرْفٍ الْفُنْدُق مُنْفَرِدَة ، كُلّ عَائِلَة لِحَالِهَا .

إنَّمَا النَّاطِق لِلْحَقِيقَة غَيْرِ ذَلِكَ ، وَإِنْ خَرَجَتْ الافواج مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ الْغُرَفِ ، فَمَا الَّذِى دَفْعِهَا لِذَلِكَ ؟ !

نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ منت عَنْ الْكَثِيرِ ، باح الطَّبِيب الشَّرْعِيّ بتعجت :

الْجُثَّة لِإِحْدَى فتايات خِدْمَة الْغُرَف ، فَتَاة جَمِيلَة وَصَغِيرَة خَنَقَت بِوِشَاح أَحْمَر طَوِيلٌ ، كَان يَعْلَق بعنقها مِنْ زَاوِيَةٍ التَّجْمِيل ، خَنَقَهَا الجانى وشجب الضَّحِيَّة بزاوية الدَّوْرِ الرَّابِعِ وَالْأَخِير ، وَتَبَيَّنَ مِنْ التَّحْقِيقَاتِ ، أَنَّ هَذِهِ الزَّاوِيَة الكئيبة كَانَ يَنْتَظِرُ بِهَا قانطين الْغُرَف حَتَّى يُفْضِى الْعَامِلِ مِنْ أَمْرِهِ ، وَكَانَتْ ذَاتَ مَأْخَذ بَعِيدًا عَنْ الأَنْظَارِ ، حَيْث لَن يَرَاهَا إلَّا صَاحِبَ الْغُرْفَةِ الْأَخِيرَة لِهَذَا الدَّوْر ، الغُرْفَة الْمُجَاوَرَة لزاوية الكئيبة فَارِغَةً مِنْ السَّكَنِ .

أَشاد الْمُحَقِّق " قسم" مُتَفَكِّرًا :

خَلَت الطوابق الثَّلَاثِ مِنْ الشُّبُهَاتِ ، بَعْدَمَا أَشَار التَّحْقِيق بِذَلِك ، إنَّمَا كَمَا أَرَى اللُّغْز بالطابق الرَّابِع ، وَتَسَاءَل باهْتِمام :

مَاذَا لَدَيْك عَنْ ذَلِكَ ؟ !

جَلَس الطَّبِيب يَتَحَدَّث بِرُؤْيَة ، كَأَنَّه اِسْتَطَاب لَهُ الْأَمْرُ وَأُمُورًا تَحَيُّرُه ، أَصَرّ أَن يَحْصُرْهَا لِيَنَال مِنْهَا ، وَاعْتَلَى الْأَمْر :

الطَّابَق لَهُ سِتَّةُ مِنْ الْغُرَفِ .

الغُرْفَة الَّتِى بِجِوَار الْمُصْعِد ، لرجلا وَامْرَأَةً مِنْ الْعَجَائِزِ تَحَرُّكُهُم الْقُدْرَة الْإِلَهِيَّة .

الغُرْفَة الثَّانِيَة لعائلة مُكَوَّنَة مِنْ خَمْسَةَ أَفْرَادٍ ، والانجال الثَّلَاثَةِ مِنْ الْأَطْفَالِ .

الغُرْفَة الثَّالِثَة لِضَابِط مُتَقاعِد مَع وَالِدَتَه الْمُسِنَّة .

الغُرْفَة الرَّابِعَة لفتايات الضَّابِط المتقاعد ، و الغُرْفَتَان الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَهُمَا بَابًا داخلى يُصَلِّ بَيْنَهُمَا لِيَكُونَ مَعًا دَائِمًا .

الغُرْفَة الْخَامِسَة لرجلا اربعينى وَامْرَأَةٌ توازية الْعُمْر ، يَقُول الْآخَرِينَ أَنْ الْمَرْأَةَ تَلَاحُقُه بِاسْتِمْرَار حَدّ الِارْتِبَاط الْعَمِيق .

حَارِسٌ الدَّوْرِيَّة لِدُور الرَّابِع ، رَجُلًا يَمُرّ ثَوْب الْغُرَف للاطمئنان ، وَتَبَيَّنَ مِنْ مُلاَحَقَة هَذَا الْحَارِس للقتيلة بِدَافِع الْحَبّ .

حَارِسٌ آخَرَ وَهُوَ مَا يُوَزَّع البطاقات عَلَى غَرَف النزلاء ، ليتعارف كُلًّا مِنْهُمْ عَلَى مَوَاعِيد الرحلات وَغَيْرِ ذَلِكَ .

تَبَيَّنَ مِنْ التَّحْقِيقَاتِ الِاخْتِلَاف فِى الْأَقْوَال ، أَن
قَال حَارِسٌ الدَّوْرِيَّة :

مَوْعِد تَنَاوَل الْعِشَاءِ مِنْ السَّاعَةِ السَّابِعَة مَسَاء حَتّى السّاعَةِ العاشِرَةِ مساءً ، بَيْنَمَا يَنْفُض الطَّعَام فِى تَمَامٍ السَّاعَةِ التَّاسِعَة .

قَال حَارِسٌ البطاقات للافواج :
أَنَّ هُنَاكَ طَعَامًا مُمَيِّزًا وَعَلَى الْجَمِيع الْحُضُور مُبَكِّرا ، لِذَلِكَ خَرَجَ الْجَمِيع فِى مِيقَات وَاحِد ، السَّابِعَة مساءً .

قَالَ الْمُحَقِّقُ " قسم" مُشِيرًا بغليونة يَنْثُر الأدخنة الزَّرْقَاء :

عَقِبَ ذَلِكَ ، مَاذَا قَالَت الْأَدِلَّة وَالتَّحْلِيل للعينات ؟ !

قَالَ الطَّبِيبُ الشَّرْعِيّ :

هُنَاك كُلًّا مِنْ الشُّخُوصِ الَّتِي هِى تَحْت بَنْد الِاشْتِبَاه ، حَارِسٌ الدَّوْرِيَّة وَحَارِسٌ تَوْزِيع البطاقات ، وَالزَّوْجَة الأَرْبَعِينِيَّة وَزَوْجُهَا الَّذِى تَلَاحُقُه ، برغم ذالك نَنْتَظِر الْكَثِيرِ مِنْ المفاجآت .

كَانَت الْمُفَاجَأَة ، حِينَ قَالَ الطَّبِيبُ الشرعى :

تَبَيَّنَ مِنْ الْأَمْرِ أَنَّ حَارِسٌ الدَّوْرِيَّة باح بِالْإِرْشَاد الْخَاطِئ للافواج عَن مَوَاعِيد الْعِشَاء ، حَتَّى ليتيح لَهُ الْأَمْرُ أَنَّ يَثْبُتَ جدارتة فِى اِسْتِقْطاب أَمْزِجَة الافواج ، وَإِثْبَات خَبَّرْتَه وَقُدْرَتِه ، بَعْدَمَا نَشِب عِرَاك بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِب الْفُنْدُق بِسَبَب الْإِهْمَال .

تَعَجَّب "قسم " متسائلا :

وَحَارِسٌ البطاقات ؟ !

قَالَ الطَّبِيبُ مُؤَكَّدًا :

لَهُ مِنْ البصمات حَوْل مِعْصَم الْجُثَّة فَقَط .

تَعَجَّب الْمُحَقِّق مُعَقِّبًا :

إذَا كَانَ يُرْشِد الأفواج نَحْو مِيقَات وَاحِد ، لِيَتَدَبَّر أَمْرَ ذَلِكَ ؟ !

قَالَ الطَّبِيبُ :

كَان مَبِيت النِّيَّة ، إنَّمَا يَبْقَى الْقَاتِل .

قَالَ الْمُحَقِّقُ :

هَل أَيْقَنَتْ أَنَّهُ حَارِسٌ البطاقات ؟ !

نَفَى الطَّبِيب الْأَمْر قَائِلًا :

تِلْكَ الْأَدِلَّةِ وَالْبَرَاهِين لَمْ تَثْبُتْ ذَلِكَ .

' '
جَلَسَت الْمَرْأَة الأَرْبَعِينِيَّة ترتجف وَلَا تَأْنَسُ بِخُلُوّ الْبَال ، حَتّى قَالَتْ متسرعة :

كَان زوجى بالبار بَعْدَ الْعِشَاءِ وَكُنْت أَنَا بِالْمُطْعِم حِينَ ذَاكَ .

ضَحِك الْمُحَقِّق قَائِلًا :

أَيْضًا كَانَ زَوْجُك يَسْتَجِمّ بِنَسِيم اللَّيْلِ عِنْدَ الحَدِيقَة ، وَشَهِد خَادِم الحَدِيقَة بِذَلِك .

قَالَتْ الْمَرْأَةُ الأَرْبَعِينِيَّة وَازْدَادَت الثِّقَة :

إذَا مَاذَا تُرِيدُونَ ؟ !

أَشَارَ الْمُحَقِّقُ :

كَيْف يَشْهَد صَاحِب الْبَارّ وَخَادِم الحَدِيقَة وَخَادِم الْمُصْعِد ، إنَّ زَوْجَك كَان بِثَلَاث أَمَاكِن فِى تَوْقِيت وَاحِد ، أَلَيْس غَرِيبًا ؟ !

اِنْهَارَت الْمَرْأَة ، حَتَّى قفزت كالمصعوكة تتلعثم بِكَلِمَات بكائية مَصِيرُهَا الِاعْتِرَاف :

لَيْلَة عقيمة وَوَقْت شيطانى حِين أَرْسَلَنِى زوجى لِلْمُطْعِم ، متحججا بِوَعْكَة صِحِّيَّةٌ ، بَيْنَمَا رَأَيْته يُحَدِّث الفَتَاة صَبَاحًا خَلْف الشَّجَرَة ، قَالَ لَهَا أَنْ تَأَتَّى لِئَلَّا حِينَ يَكُونُ الْعِشَاء لِتَرَتُّب الغُرْفَة .

أَيْقَنْت الْأَمْر وَعَلِمْت أَنَّ بِالْفِعْل خَبِيئَة ، ذَهَبَت الافواج بمقات وَاحِد ، وَرَأَيْت حَارِسٌ البطاقات يتحرش بالخادمة مُقَيَّدًا لمعصمها ، إنَّمَا تَحَرَّرَت وصعدت الطَّابَق الرَّابِع .

عُدَّتْ مِنْ حَيْثُ أَتَيْتُ ، وَكَانَت الْمُفَاجَأَة .

تَسَاءل الْمُحَقِّق بِكُلّ تَرْكِيز وَعُيُون ثَابِتَةٌ :

مَاذَا تَمَّ بَعْدَ ذَلِكَ ؟ !

اسْتَكْمَلَت الْمَرْأَة :

دَخَلَت الفَتَاة وبدى أَنَّهَا خَدَعَت بِأَمْر زَوْجِي ، حَاوَل التَّحَرُّش بِهَا ، صَدَمَت الفَتَاة برؤيتي خَافَت ارتعبت ، اِقْتَرَب مِنْهَا زَوْجِي ليهدئ امرها ، ثَار جُنُونِي ، اِنْهَلَّت ضَرْبًا عَلَى الفتَاةِ ، زَادَت الْمُشَاجَرَة بَيْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي وَمُحَاوَلَة هُرُوب الفَتَاة ، أُلْحِقَت بِهَا قَذَفْتهَا بِجِدَار الْحَائِط ، اِرْتَطَمَت وَقَعَتْ لَمْ تَتَنَفَّس ، نظرنى زوجى نَظَرِه ذَات مَأْخَذ ، قُلْت بِنَفْسِي :
قَطْعًا أَنَّهَا الجَرِيمَة .

أَجَاب زَوْجِي جَهْرًا :

أَن اسْتَيْقَظَت ستعترف ونقيد .

حُبُّك زَوْجِي الْمِنْدِيل الْأَحْمَر بعنقها ، وَعَلَّق جسمانها مُتَدَلِّيَةٌ بِالزَّاوِيَة الكئيبة ، حَتَّى آتِيَ الصَّبَّاح .

اسْتَكْمَل الْمُحَقِّق يَلْتَقِط أَنْفَاسَه :

وَكَانَت بَصَماتٌ زَوْجُك دَلِيلًا عَلَى ذَلِكَ ، وَبَعْض خَلَايَا مَنْ زَوْجُك بَيْن أَظَافِر الضَّحِيَّة ، ومنثور مِنْ شَعْرِ رَأْسَك كَانَ بَيْنَ الْأَصَابِعِ وَبَيْن طَيَّات مُلَابِسٌ القتيلة .

نَظَرْت الْمَرْأَة للبراح بسهد اليئس :

أَنَّهَا نِهَايَةٌ الْخِيَانَة الزَّوْجِيَّة ، كُنْت الاحقة لامنعة عَن اذاء نَفْسِه ، إنَّمَا اِنْفَرَط الْعَقْدِ مِنْ عُنُقٍ الْخَدِيعَة .

جَلَس زَوْجُ الْمَرْأَةِ الأَرْبَعِينِيَّة حَدّ الْبُكَاء يَتَلَفَّظ بَئِيس ملتفا بِالنَّدَم قَائِلًا بهمس الضُّعَفَاء :

أَنَا بَرِئ بَرِئ ، تِلْكَ الزَّوْجَةُ الْمُخَادَعَة اِسْتَطَاعَتْ أنْ توهمك بجرمي ، إِنَّمَا هِىَ الْقَاتِلَة .

قَالَ الْمُحَقِّقُ باهْتِمام :
أَثْبَتَ ذَلِكَ .

أَشَار الزَّوْج :

دَخَلَت زَوْجَتِي وَصَدَمَت مِن رؤيتي والخادمة ، نَشِب عِرَاك بَيْنَنَا تصارعنا ، حَاوَلَت الْخَادِمَة الْهَرَب ، زجت بِهَا زَوْجَتِي عُرْضَ الْحَائِطِ ، انْبَطَحْت الفَتَاة طَرِيحَة الْأَرْضِ بِلَا حَرَاك .

أَشَارَت زوجتى وَقَالَت :
أَن اسْتَيْقَظَت ستعترف ، عَلَيْنَا خَنَقَهَا لِتَسْقُط الْأَدِلَّة ، ذَهَبَت خَارِج الغُرْفَة دَقِيقَةٌ وَعَادَت قَائِلُه :
أُحِبُّك الْمِنْدِيل بعنقها ستعلق بِالزَّاوِيَة ، حِين يَأْتِى الصَّبَّاح سينفض أَمْرِهَا .

لَم الْأَحَظّ إِنَّهَا قَامَتِ بارتداء القفازات الَّتِى كَانَتْ بعربة الْخَادِمَة ، وَبَعْد إتْمَام الجَرِيمَة ، لَم تَتَذَكَّر هِى مُسَجَّل الْهَاتِف الَّذِى كَانَت تُحَاوِل أَن تُسَجَّل بِه علاقتى مَع الْخَادِمَة .

قَالَ الطَّبِيبُ بعد ليلة عميقة :

التَّسْجِيل أَثْبَتَ أَنَّ الْمَرْأَةَ هِى الْقَاتِلَة .

أَجَاب الْمُحَقِّق :
والقفازات الَّتِى قَامَت الزَّوْجَة بِالتَّخَلُّص مِنْهُمَا بالقائهما خَلْف النَّافِذَة دَلِيلٌ أَيْضًا أَنَّهَا الَّتِى خَنَقَت الفَتَاة .

اِصْطَكَّت اكوابا مِنْ الشَّرَابِ الْبَارِد ، عِنْدَمَا كَانَ يَأْنَس "قسم" بِمُلَازَمَة الطَّبِيب الشَّرْعِيّ قَائِلًا :

اقْتَرَبَتْ مِنْ الكهولة ومازالت اخشي مابعد الْعِشَاء .

قَالَ الطَّبِيبُ :

إلَّا توافقني أَن الْبَشَرِيَّة يَكْمُن بِهَا مِنْ الْآدَمِيِّينَ وُحُوشٌ ؟ !

قَال "قسم " :

أَن هُيِّئَتْ لَهُمْ الظُّرُوف .

نَظَرِ الطَّبِيبِ نَحْو ظِلاَلِ الأَشْجَارِ اللَّيْلِيَّة ملوحا :

أَيْضًا إذ تُوَافِق الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.