⏪⏬
شاهدت فيلما أمريكيا، ولأننى لست خبيرا فى الأفلام الأجنبية، لم أنتبه إلى إسم الفيلم، ولكن بعد آخر مشهد فيه اكتشفت أنه ليس مجرد عمل فني يحرص صناعه على جعله أكثر متعة وإثارة ليأتى بأكبر قدر ممكن من الإيرادات، وإنما كان يتضمن رسائل غاية فى
الأهمية لمن يشاهده خارج أمريكا أو حتى المشاهد الأمريكى نفسه.
معروف أن السينما جزء من القوة الناعمة التى تستخدمها العديد من الدول، ولكن هذا الفيلم مختلف تماما، حيث لا يشعر المشاهد أنه يعتمد على المباشرة التى تبدو مزعجة إلى حد ما وقد تأتى بنتائج عكسية، وتدور أحداث الفيلم داخل عربة لمترو الأنفاق تم إختطافها وفصلها عن باقى القطار، وعندما اكتشف مركز التحكم إضطرابا فى سير الرحلة وفصل العربة قام بالتحدث إلى السائق للسؤال عن السبب، وكان ذلك عن طريق الشخص المختص، والذى كان هو البطل رغم أنه طوال الفيلم يجلس فى مكانه ليحاور الخاطف ويقوم بالتفاوض معه، وذلك بعد رفض الخاطف التحدث إلى رجل الشرطة المسئول والإصرار على عودة الموظف مرة أخرى، وكان قد احتجز ركاب العربة كرهائن وطلب مبلغ 10 ملايين دولار، وقد لفت إصرار الخاطف على التحدث مع هذا الشخص تحديدا نظر المسئول الأمنى، وأخذ يجمع عنه التحريات واكتشف أنه متهم بتقاضى رشوة فى صفقة قطارات يابانية، وذلك زاد من شكوكه حول إذا ما كان هذا الموظف على صلة بالخاطفين، وسأله لماذ أنت هنا اليوم تحديدا رغم ان عملك ليس مراقبة سير القطارات؟ فأدرك انه فى دائرة الشك وكان هادئا جدا وذكيا وتبدو عليه علامات الرجل الفاضل وليس الفاسد، وفى نفس الوقت كان يقوم الخاطف بالبحث عن إسم الرجل الذى سأله عنه عبر الإنترنت ليعرف مع من يتحدث، فاكتشف أنه متهم بتقاضى رشوة، وذلك أثار فضوله ليعرف حقيقة الأمر وما إذا كان يمكنه الاعتماد على هذا الرجل فى إيصال الأموال إليه، سأله عن تفاصيل قضية الرشوة فأنكرها وعندها هدده بقتل أحد الرهائن إن لم يجيب وكان ذلك الخاطف يبدو مجنونا بعض الشئ، واضطر الرجل للإعتراف بجريمته التى بررها بدوافع إنسانية مع التأكيد أنه فى جميع الأحوال كان سيختار الصفقة اليابانية لأنها الأفضل بالفعل وقد برأ هذا الموقف الموظف من إحتمال صلته بالخاطفين وأثار موقفه الذى إعترف فيه على نفسه من أجل إنقاذ حياة أحد الرهائن إعجاب كل المسئولين، وهنا يريد الفيلم أن يقول أن الموظف الأمريكى حتى وإن فسد فلا يضر بالمصلحة العليا للدولة عندما أشار أنه تقاضى الرشوة لأنها تحصيل حاصل ولم تجعله يختار صفقة سيئة.
وحتى لا أطيل فى الحديث عن الفيلم أكثر من ذلك سأذهب إلى المشهد الأهم والأخير، حيث ذهب موظف المترو بالأموال للخاطفين وتمكن من إنقاذ جميع الرهائن وقتل كبير الخاطفين وقامت الشرطة بقتل الآخرين، وهنا يشكر عمدة نيويورك الذى كان متواجدا فى غرفة مراقبة القطارات موظف المترو بشدة ويثنى عليه، وكان من المتوقع أن تتم معاملته كبطل قومى ولا يلتفت أحد لقضية الرشوة التى اضطر لقبولها لظروف قهرية وفي لحظة ضعف إنسانى، وأيضا كان مرغما على الإعتراف بها حتى ينقذ حياة شخص آخر، ولكن حدث العكس وذكره عمدة نيويورك بأن لديه محاكمة بسبب قضية الرشوة وقال له بلطف، مدينة نيويورك تشكرك وستدافع عنك غدا بشدة ولا تقلق فلديها دفاع قوى .. هنا يريد مخرج الفيلم أن يشير إلى سيادة القانون فى أمريكا وأنه لا مجاملة لأى شخص مهما كانت تضحياته وبطولاته وإذا ما أخطأ فإنه سوف يحاسب بعيدا عن العواطف والمجاملة.
هكذا تعمل السينما الأمريكية كقوة ناعمة تساهم فى تحسين صورة أمريكا وتظهرها دولة لا تتستر على فساد مهما كانت دوافعه، ومهما كانت شخصية من يفعله وتلك هى الصورة التى تنقل للخارج، أما عن الداخل فتكون بمثابة تنبيه للمسئولين بما يجب أن يكون، وبالطبع دائما تكون الأعمال السينمائية معبرة عن الواقع وتتكون الصورة الذهنية عن الدول والمجتمعات من خلالها، وأيضا من الممكن أن تقوم بمعالجة القضايا والمشاكل المجتمعية بل وتساهم فى ضبط الأمور وضمان إحترام القوانين وتنفيذها وتدق ناقوس الخطر فى الوقت المناسب، بل فى بعض الأحيان تكون سببا فى إصدارها وقد حدث ذلك فى السابق عندما كانت لدينا سينما هادفة تعتمد على الإبداع والقيمة وليس نسبة الإيرادات وفقط دون النظر لأى إعتبارات أخرى، وما أريد أن أقوله أننا يجب أنت نعود إلى ذلك العهد خاصة أن هذه الأعمال لا تحتاج إلى تكلفة عالية والفيلم الذى أتحدث عنه مثال لذلك، رغم القيمة الكبيرة التى قدمها وأيضا التشويق والإثارة والمتعة.
-
*السعيد حمدي
شاهدت فيلما أمريكيا، ولأننى لست خبيرا فى الأفلام الأجنبية، لم أنتبه إلى إسم الفيلم، ولكن بعد آخر مشهد فيه اكتشفت أنه ليس مجرد عمل فني يحرص صناعه على جعله أكثر متعة وإثارة ليأتى بأكبر قدر ممكن من الإيرادات، وإنما كان يتضمن رسائل غاية فى
الأهمية لمن يشاهده خارج أمريكا أو حتى المشاهد الأمريكى نفسه.
معروف أن السينما جزء من القوة الناعمة التى تستخدمها العديد من الدول، ولكن هذا الفيلم مختلف تماما، حيث لا يشعر المشاهد أنه يعتمد على المباشرة التى تبدو مزعجة إلى حد ما وقد تأتى بنتائج عكسية، وتدور أحداث الفيلم داخل عربة لمترو الأنفاق تم إختطافها وفصلها عن باقى القطار، وعندما اكتشف مركز التحكم إضطرابا فى سير الرحلة وفصل العربة قام بالتحدث إلى السائق للسؤال عن السبب، وكان ذلك عن طريق الشخص المختص، والذى كان هو البطل رغم أنه طوال الفيلم يجلس فى مكانه ليحاور الخاطف ويقوم بالتفاوض معه، وذلك بعد رفض الخاطف التحدث إلى رجل الشرطة المسئول والإصرار على عودة الموظف مرة أخرى، وكان قد احتجز ركاب العربة كرهائن وطلب مبلغ 10 ملايين دولار، وقد لفت إصرار الخاطف على التحدث مع هذا الشخص تحديدا نظر المسئول الأمنى، وأخذ يجمع عنه التحريات واكتشف أنه متهم بتقاضى رشوة فى صفقة قطارات يابانية، وذلك زاد من شكوكه حول إذا ما كان هذا الموظف على صلة بالخاطفين، وسأله لماذ أنت هنا اليوم تحديدا رغم ان عملك ليس مراقبة سير القطارات؟ فأدرك انه فى دائرة الشك وكان هادئا جدا وذكيا وتبدو عليه علامات الرجل الفاضل وليس الفاسد، وفى نفس الوقت كان يقوم الخاطف بالبحث عن إسم الرجل الذى سأله عنه عبر الإنترنت ليعرف مع من يتحدث، فاكتشف أنه متهم بتقاضى رشوة، وذلك أثار فضوله ليعرف حقيقة الأمر وما إذا كان يمكنه الاعتماد على هذا الرجل فى إيصال الأموال إليه، سأله عن تفاصيل قضية الرشوة فأنكرها وعندها هدده بقتل أحد الرهائن إن لم يجيب وكان ذلك الخاطف يبدو مجنونا بعض الشئ، واضطر الرجل للإعتراف بجريمته التى بررها بدوافع إنسانية مع التأكيد أنه فى جميع الأحوال كان سيختار الصفقة اليابانية لأنها الأفضل بالفعل وقد برأ هذا الموقف الموظف من إحتمال صلته بالخاطفين وأثار موقفه الذى إعترف فيه على نفسه من أجل إنقاذ حياة أحد الرهائن إعجاب كل المسئولين، وهنا يريد الفيلم أن يقول أن الموظف الأمريكى حتى وإن فسد فلا يضر بالمصلحة العليا للدولة عندما أشار أنه تقاضى الرشوة لأنها تحصيل حاصل ولم تجعله يختار صفقة سيئة.
وحتى لا أطيل فى الحديث عن الفيلم أكثر من ذلك سأذهب إلى المشهد الأهم والأخير، حيث ذهب موظف المترو بالأموال للخاطفين وتمكن من إنقاذ جميع الرهائن وقتل كبير الخاطفين وقامت الشرطة بقتل الآخرين، وهنا يشكر عمدة نيويورك الذى كان متواجدا فى غرفة مراقبة القطارات موظف المترو بشدة ويثنى عليه، وكان من المتوقع أن تتم معاملته كبطل قومى ولا يلتفت أحد لقضية الرشوة التى اضطر لقبولها لظروف قهرية وفي لحظة ضعف إنسانى، وأيضا كان مرغما على الإعتراف بها حتى ينقذ حياة شخص آخر، ولكن حدث العكس وذكره عمدة نيويورك بأن لديه محاكمة بسبب قضية الرشوة وقال له بلطف، مدينة نيويورك تشكرك وستدافع عنك غدا بشدة ولا تقلق فلديها دفاع قوى .. هنا يريد مخرج الفيلم أن يشير إلى سيادة القانون فى أمريكا وأنه لا مجاملة لأى شخص مهما كانت تضحياته وبطولاته وإذا ما أخطأ فإنه سوف يحاسب بعيدا عن العواطف والمجاملة.
هكذا تعمل السينما الأمريكية كقوة ناعمة تساهم فى تحسين صورة أمريكا وتظهرها دولة لا تتستر على فساد مهما كانت دوافعه، ومهما كانت شخصية من يفعله وتلك هى الصورة التى تنقل للخارج، أما عن الداخل فتكون بمثابة تنبيه للمسئولين بما يجب أن يكون، وبالطبع دائما تكون الأعمال السينمائية معبرة عن الواقع وتتكون الصورة الذهنية عن الدول والمجتمعات من خلالها، وأيضا من الممكن أن تقوم بمعالجة القضايا والمشاكل المجتمعية بل وتساهم فى ضبط الأمور وضمان إحترام القوانين وتنفيذها وتدق ناقوس الخطر فى الوقت المناسب، بل فى بعض الأحيان تكون سببا فى إصدارها وقد حدث ذلك فى السابق عندما كانت لدينا سينما هادفة تعتمد على الإبداع والقيمة وليس نسبة الإيرادات وفقط دون النظر لأى إعتبارات أخرى، وما أريد أن أقوله أننا يجب أنت نعود إلى ذلك العهد خاصة أن هذه الأعمال لا تحتاج إلى تكلفة عالية والفيلم الذى أتحدث عنه مثال لذلك، رغم القيمة الكبيرة التى قدمها وأيضا التشويق والإثارة والمتعة.
-
*السعيد حمدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.