الصفحات

حجة اللهفات ...*أحمد إسماعيل

⏪⏬
الغروب بدأ رسم ملامحه في الأفق،
الأصوات تختفي بشكل متسارع في قلب الساحة المطلة على شرفة منزل محمود،

حتى الظلال تتلاشى....
وحده الكتاب الذي كان يتصفحه يمارس عليه شعوذة اليقظة،
تشرق أساريره كلما وجد نفسه في المغامرات الضاحكة التي نسجتها حيل ابنته الطبيبة و الكاتبة نغم في رواية ( سبعون حجة لأبقى معك )
القهوة التي تعشق شرود محمود تمررها لمياء بالقرب من أنفه...
لتتعقب النظرات الدافئة التي يخفيها خلف جليد نحنحته.
يتعلق محمود بتلابيب الفنجان، فتقع الرواية من يده ليغلقها ارتطامها مع الأرض...
يظهر أمامه العنوان مع اسم ابنته،
تسبقه الدموع لارتشاف القهوة... فتجبره التنهيدة لتذوقها بمرارين.
الحجر الصحي قلب معايير رواية نغم،
و الواقع الموبوء لم يحرمها فقط من احتضان والديها بل منعها حتى من الاقتراب منهما.
هي الآن في مغامرة مع الموت، تقايض بحياتها نبضات مستلقية على أسرة شاحبة...
الوسواس يغطي صبر محمود، وعلى الفور يرغمه على مغادرة الشرفة، ليغير ثياب بروده...
لكن عند الباب يجد حائط سد لم يشاهد عظمته و صلابته من قبل،
فلمياء تسلحت بإسمنت حبها لتمنعه من المضي في غبائه.
هنا محمود لم يجد حلا سوى استخدام جرافة ترددات صوته العالي ليزعزع ثبات لمياء.
عبثا تحاول يا محمود هكذا يهمس اليأس في داخله.
لم يهتز لها شعرة بفضل اليوغا المتدفقة سكونا من قلبها.
يرجع إلى الخلف قليلا و يركض بعدها بكل سرعته،ليكسر الباب بجسده و قبل أن يتجاوز ألمه بالقفز من فوق سكرته لمياء، يرقص جيب بنطاله من اهتزاز الهاتف، ينفخ بزفير كالأسد الموجوع، و يخرجها بكفه المرتعشة من عصف السنين، يثبتها بكلتا يديه، و يفتح مكالمة الفيديو بأرنبة أنفه حتى يخزن سريعا في مقلتيه ما استطاع من حجة لهفات نغم

*أحمد اسماعيل
سورية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يوميات عجوز في الحجر الصحي ح 3


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.