الصفحات

قصة صوفيا تولستوي المناقضة لـ "سوناتا لكرويتزر"


نشر قصة تكشف ألم صوفيا تولستوي (المصدر)
⏫⏬
حكي رواية "سوناتا لكرويتزر" لـ "ليو تولستوي" قصة رجل اغتال زوجته من الغيرة، ما دفع الكثيرون للاعتقاد بأنها انعكاس لحياته الزوجية، ورداً على هذا الاعتقاد، كتبت زوجة الكاتب الروسي الشهير قصة للرد عليهم، قصة مضادة تماماً، بحسب ما أفادت جريدة
"الإسبيكتادور" الكولومبية.
وكانت صوفيا في الـ 18، أي أصغر منه بـ 16 عام، عندما ارتبطت بـ ليو تولستوي. وبداية من 1962 وحتى موته في 1910، كانت تحمل الاسم المؤنث من اسمه: تولستوية، وأصبحت القارئة الأولى له وناسخة رواياته وقصصه وجامعة كتاباته. وبينما كان تولستوي يكتب الروايات الأساسية في الأدب الروسي والعالمي مثل "الحرب والسلام" و"آنا كارنينا" و"البعث"، كانت تولستوية تقوم بالمهام الأكثر دنيوية: إعالة البيت وتربية 13 ابناً والاهتمام وتغذية طموحات زوجها.
بداية سعيدة..
كانت حياتهما، في البداية، سعيدة. عادة ما تتحقق السعادة في البدايات. لكن مع مرور الوقت، قرر تولستوي أن يطلع زوجته على اليوميات التي كان يدون فيها تجاربه الجنسية الماضية. فاطلعت تولستوية على مغامراته قبل الزواج، وعثرت بها على سبب وجيه للحزن، تجاوزته وكرست حياتها لمساندة زوجها، الكونت، المحاط بحياة ثرية ومتع. ومر 50 عاماً مائعاً في حياتهما الزوجية، ورويداً رويداً، وجد تولستوي أن حياته لا تتفق مع أفكاره حول الأرض، الدين، العفة. لقد تغيرت أفكاره وأصبح عفيفاً ومعتدلاً، وتنازل عن جزء من أراضيه، وتوقف عن الحصول على حقوق المؤلف عن كتبه الأولى.
هذا التحول حدث في السنوات الأخيرة لزواجه -بحسب كُتّاب سيرته، وما يردده التاريخ- في ليلة رياحها حزينة.
الرواية القاتلة..
وخلال تلك السنوات التي كانت تتشكّل فيها الكارثة، نشر تولستوي رواية "سوناتا لكوريتزر" وهي رواية -أو قصة طويلة- يرويها البطل بضمير المتكلم ويعترف من خلالها ويتذكر أنه قتل زوجته من الغيرة.
نجح الكتاب لأسباب واضحة: أن تولستوي من كتبه، وكان فيه، ربما، جزء من سيرته الذاتية. النجاح انتشر في روسيا وذاع صيت الكتاب. أما يوميات تولستوية المحتقنة فكانت تؤكد أن البعيد والقريب كان يعتقد أن القصة بها شيء من الحقيقة. وأن أحاسيس البطل ليس إلا رغبات كامنة عند تولستوي. حينها قررت أن ترد بنشر مخطوط عنوانه "من المذنب؟"، وكان بطله كاتباً لديه هواجس حول العملية الجنسية. قرأ النص أقرباؤهما، وبعض أولادهما، غير أن القصة لم تنشر أبداً. فضّلت تولستوية أن تحتفظ بها على الهامش، ربما احتراماً لزوجها، وربما لتظل تحافظ على مكانها في الهامش. ليو لفوفيتش، أحد أبنائهما، فضّل الرأي المضاد، وأطلع أباه عليها. حينها قال عنها تولستوي: "إنها حمقاء وبلا موهبة".
جرح عميق..
مع ذلك، الأثر الأكبر وقع على تولستوية. شعرت ربما بأن المجتمع يقع في أحكام سهلة، أنهم يفكرون أن زوجها يريد قتلها وأن سبب رغبته هذه أنها لا تقوم بواجباتها الزوجية. كتبت تولستوية في يومياتها: "لا أعرف كيف ولا لماذا ربط الجميع رواية "سوناتا لكريتزر" بحياتنا الزوجية، لكن هذا ما حدث، من الأقارب والبعيدين، حتى أخو ليو وصديقه العزيز دياكوف، يشعرون بشفقة ناحيتي". وأضافت: "وبعيداً عما يفكره الآخرون، أنا أشعر بقلبي أن هذه القصة مكتوبة ضدي، وأنها جرحتني أشد الجرح، وأذلتني أمام أعين العالم ودمرت البقايا المتبقية من حب كان بيننا. كل ذلك حدث رغم أني خلال حياتنا الطويلة كزوجين لم أرتكب خطأ ولا مرة واحدة في حق زوجي، لا بإيماءة ولا بنظرة لرجل آخر".
الخيال إذن قاد الواقع بأسوأ طريقة: طريق الألم. ربما لو كانت قصة زواج ليو وصوفيا مختلفة، ما فعلت الرواية هذا الجرح. تولستوية راجعت مخطوط "سوناتا" صفحة صفحة، كانت تبدو غير سعيدة بالمحتوى، بأطروحاته الفلسفية، بأفكاره العميقة. ما يفسر تناقض المجتمع الروسي حينها -ومجتمعات أخرى- أنه قد تكون معارضاً لشيء لكن من المستحيل أن تتمرد.
القصة الي كتبتها تولستوية كانت مؤرشفة منذ 100 عام، والآن فقط حاول الورثة –الموزعون في سويسرا ودول أخرى، نشر المخطوط- الطبعة الإنجليزية ستضم مراسلات ضرورية ومقاطع من يومياتها وملاحظات، ومذكرات ستسمح بمشاهدة الجدل القائم حول الجنس في تلك الفترة.

*إعداد: أحمد ضيف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.