الصفحات

الأسْمَاءُ عُيُونٌ | قصائد ...* شعر: أحمد جنيدو

1
⏪الأسْمَاءُ عُيُونٌ

عُـنْـوَانُـنَـا بـعُـيُـوْنِـنَا أسْــــــــــــمَـاءُ.
لُـغَـةُ الـعُـيُـوْنِ وصُـوتُهَا الإصْغـاءُ.

ومَـلَامِـحٌ بِـوجُـوهِـنَـا مَـنْ أَعْـلَــنَـتْ
إنَّ الــسِّـــــــمَـاتَ بوصْـفِـها إيـحـاءُ.
مَـنْ يَـدْخُـلُ الأعْـمَاقَ مِنْ قَـسَـــماتِنا
مِـنْ بُـرْهـــةٍ قَــدْ يَـكْـتَـفِـي إيْـمَـــــاءُ.
الشـِّـعْرُ في الزَّمَنِ الوَضِيْعِ سَــخَافَةٌ
والنَّـطْـقُ فـيـهِ إلى الـبـهِـيـــمِ غَـبَـاءُ.
إحْـسـَـاسُــنا نَحْنُ الوَحِـيْـدَةُ مَـرْجِـعٌ
أجْــسْـــــــادُنا في مَـجْـدِهَــا إغْــواءُ.
وعُـقُـولُنَـا المَعْـنَى المُـسَـمَّى شـكْـلَنا
والـشَّـكْلُ في خُـدَعِ الجَّــمَالِ غِطـاءُ.
تَـتَـبَـاعَـدُ الأَفْـكَـارُ شِـــقَّ خِـلافِـهَـا
تَـتَـنَـاثَـرُ الأَلْـبَـابُ والأَشْـــــــــيَـاءُ.
والحَـقُّ عِـنْـدَ الظُّلْمِ سَخْفُ تَفَاهَةٍ
والظُّـلْـمُ لَـنْ يَـبْـقَى يَـرِدُّ رَجَـاءُ.
والعَـهْـدُ إِنْ بَــاعَ الوِثَـاقُ فَإِنَّهُ
فِي كُـرْبَـةِ الدُّنْـيَا خَنَا وهَـبَـاءُ.
والصِّدْقُ إنْ زَلَّ الأَمَـانَةَ مُرْغَماً
عَـظِـمَ الرَّخِيْصُ تَسِيَّدَ الإِرْضَاءُ.
مَادَامَ عَـقْـلُكَ منْ يُـسِـيِّرُ أمرَهُ
إنَّ الصِّـعَـابَ تُـهَـانُ هَـــلَّ عَـنَاءُ.
اللهُ فِي الأَرْوَاحِ لِـيْـس لِـسَـانَنَا
والدِّيْـنُ فِـعْـلٌ صَادقٌ و عَطَاءُ.
والقُـوْلُ فِي هَـرْجِ الجَّـمِيْعِ بِحِلْوِهِ
بُـوْحُ اللِـسَـانِ عَلَى المَـرَاءِ وِجَاءُ.
اقْـبِـضْ عَلَى الحَـقِّ المُـبِيْنِ بقَبْضَةٍ
فالمُـوْتُ وَعْـدٌ إِنْ حَمَاكَ بَـلاءُ.
واصْرِفْ عَنِ التَّدْلِيْسِ مَهْمَا أَسْرَفُوا
قُولُ الحَـقِـيْـقةِ فِي الصَّلِيْفِ ثَنَاءُ.


دَارَتْ بِـنَا الدُّنْـيَـا تُبِـيْـحُ وِصَايَـةً
دَوَرَانُـهَـا فِي فِـعْـلِنَا إِرْوَاءُ.
نُمْـسِـي عَلَى هَـشِّ الوُجُوْدِ حَمَاقةً
وَضَـعَـتْ عَلَى إِرْغَـامِـنَـا غُوغَاءُ.
مَا لِلْفَـجِـيْـعَـةِ تَـرْتَمِي فِي حُضْنِنَا
تَـبْـكِـي عَلَى أَشْـلَائِهَا فِـيْحَـاءُ.
اللِـيْـلُ يَـمْـضِـي تَارِكاً ظُلُمَاتِهِ
وعَلَى الصَّـبَـاحِ تَـبَـعْـثَرتْ أَشْـلاءُ.
الحُـبُّ يَـنْـثِـرُ فِي الـشَّـآمِ طُقُوسَهُ
و المَـغْـرِبِـيَّـةُ فِـي حَـمَـاةَ دَوَاءُ.
ويُـدَنْـدِنُ المُـوَّالُ صُـوْتَ رُصَاصَـةٍ
فِـي سَـــاحَـةِ التَّـحْـرِيْـرِ دقَّ عَـزَاءُ.
شَــــامِـيَّـتِـي أَنْـتِ الـهَـوَى بِـنَـقَـائِـهِ
ويَـقِـيْـنُ قَـلْـبِـي والـوِصَـالُ ثَـراءُ.
أَتَنَفَّـــــسُ الـذِّكْـرَى كَـخِـيْـلِ مُـرُوْءَةٍ
أَبْـقَــى الـبَـعِـيْـدُ و تُـثْـقَـلُ الأَعْـبَــاءُ.

ونَـمِـرُّ عِـبْـرَ الضُّـوْءِ فِي إِشْـــرَاقِـهِ
لَـمْـحاً تَـكَـنَّـي فِـيْـضَـهَـا صَـهْـباءُ.
مَـازِلْـتُ أَذْكُـرُ كِـيْـفَ كَـانَ عِـنَـاقُنا
و الـيَـاسَــــمِـيـنُ يَـلُـفُّـنَـا و غِـنَـاءُ.
و القَـاسَــيُـونُ يَـمُـوجُ وقْـتَ فُـرَاقِـنا
حِـيْـنَ الْـتَـقِـيْـنَـا أَيْـنَـعَــتْ جَـرْدَاءُ.
إِنِّـي أُحِـبُّـكِ فِـي الـثَّـوَانِـي غُـرْبَــةً
وَطَـرِيْـقَ عَـهْـدٍ فِـي الـبُـعَـادِ لِـقَــاءُ.
هَـلْ تَـذْكُـرِيْـنَ لِـقَـاءَنَـا بِـحَـدِيْـقَـةٍ؟!
وَ يُـحَــدِّقُ الـمَـارُوْنَ وَ الـغُـرَبَـــاءُ.
يَـتَـسَــاءَلُـوْنَ عَـنِ الـوُجُوْهِ وَمَنْ هُـمُ
عِـيْـنَـاكِ رَدٌّ وَالـــرُّؤىْ أَصْــدَاءُ.
تَـتَـشَـابَـكُ الأَيْـدِي فَتَـسْهُو نَجْمَةً
يَـتَـسَــــاقَـطُ الـنِّـعْـنَـاعُ وَ الأَضْـوَاءُ.
ونَـسُـوْقُ قُـطْـعَـانَ الصَّـدَى بأَصَابِعٍ
تَـتَـلُـوَّنُ الـسَّـــــــاحَـاتُ و الـبِـيْـدَاءُ.

فَـتَـنَاقَـلِي فِـي الهُـدْبِ مِثْـل يَـمَامَـةٍ
وتَـرَاقَـصِـي في العِـيْـنِ مِنْكِ ضِيَاءُ.
عِـنْـدَ المَحَبَّـةِ وَاصِلِي عَزْفَ الغِنَا
فَالـقَـلْـبُ فِـي وَجَـعِ الـحَـنِـيْـنِ يَـشَــاءُ.
مُـدِّي يَـدِيْـكِ إِلَى الغَـرِيْـقِ سَـلامَةً
يَـأْتِـي الوُصُـوْلُ بِـلَادُنَـا الـشَّــهْـبَـاءُ.
غَـنِّـي مَـرَاسِــيْـلَ الأَحَـبَّـةِ بَـسْــمَـةً
مَـازَالَ يَـحْـتَـضِـنُ الـوَدَاعَ وَفَـــاءُ.
زِيْـدِي هَـوَاكِ فَـإِنَّــهُ مِـنْ جَـنَّـتِــي
نَـبْـضـاً تُـغَـذِّي فِـي الـعُـرُوقِ دِمَـاءُ.
إِنِّـي أُحِـبُّـكِ لَـسْـتُ أَخْـشَى صَرْخَتِي
فَالـحُـبُّ فِـي صَـلَـفِ الحَـيَاةِ نِـداءُ.
والـحُـبُّ نُـوْرٌ وَالـصُّـدُوْرُ صَـلاتُهُ
والـنَّـفْــسُ كُـوْنٌ والـوِصَالُ رَجَاءُ.
هَـاتِـي الـمَـوَاوِيْـلَ الـقَـدِيْـمَـةَ عَـلَّـهَـا
يَـسْـــمُـو عَـلَى رَتْـعِ الأَنْـيْـنِ شِــفَـاءُ.

وتَـبَـارَكِـي مِـنْ لَـهْـفَـتِـي وتَجَاسَـرِي
قَـلْـبِـي الصَّـغِـيْـرُ مِنَ العِـنَـاقِ يُضَاءُ.
عُـوْدِي مَـلاذاً لِـلْـحَـيَـاةِ قَـصِـيْـــدةً
قُـرَوِيَّــةً نَـبْـضُ الـبِـلادِ صَـفَــاءُ.
أَسْـــمَـاؤُنَـا لِـعُـيُـونِـنَـا عُـنْـوَانُـهَـا
بُـوْحُ العُـيُـوْنِ عَـلَى الجِّـراحِ بَقَاءُ.


2
⏪مُعَاتِبَةٌ

مُـعَـاتِـبَـةُ الأَشْـوَاقِ قَـدْ هَـاجَـرَ الرَّدُّ.
وكُـلُّ تَـعَـابِـيْـري يَـضِـيْـقُ بِـهَا بِـدُّ.
أَشِــدُّ الـدُّنَـا بِـيْـنَ الأَصَـابِـعِ جُـمْـلَـةً
تُـفَـارِقُـنِـي الأَسْـمَاءُ يَـسْـتَـدُّهَـا شَـدُّ.
أُلَازِمُ صَـمْـتِـي والـنِّـهَـايَـةُ صُوْتُهَا
يَـرِدُّ صَـلاةَ الـسِّــرِّ فِـيَّ الجَّـوَى رَدُّ.
بـذَاتِ الـوَصَـايَـا أَنْـكَـرَتْـنِـي وَصِيَّةٌ
تُـقَـطِّـرُ شَـهْـداً والـشِّـفَـاهُ لها شَـهْـدُ.
مَـلَـكْـتَ فُـؤَادِي مَـرَّتِـيْـنِ وَ ثَـالِـــثٌ
يَـمِـرُّ بِمَيَّاسِ الضُّـحَـى سَـارِقٌ وَغْـدُ.
دَعِـيْـنِـي أَذُوْدُ الـيُـوْمَ عَـمَّـا أَكُـنُّــهُ
فَلَا عَاثِرُ الأَمْرِيْنِ فِي المُرْتَجَى وِرْدُ.
ولا شَارِبُ النَّخْبِيْنِ فِي الوَهْمِ شَاعِرٌ
فَـمُـرُّ كُـؤُوْسِ الحُـزْنِ فِي شِـرْبِهِ ودُّ.

ولَمْ يَغْتَرَبْ فِي الرُّوْحِ شِعْرٌ ولَمْ يَكُنْ
وَ لَـمْ يَـعْـتَـرِفْ بِالبُـوْحِ خَـطٌّ وَلَا حَدُّ.
فَـرَاسَــتُـنَـا العَـمْـيَـاءِ أَفْـضَـتْ مَتَاهَةً
تُـذِيْـقُ زَنَـازِيْـنَ الرُّؤَى جَـزْرُهَا مَدُّ.
وَإِنْ صُـنْـتَ لِلأيَّـامِ عَـهْـداً فَلا تَخَفْ
فَخُوْفُكَ فِي الأَهْوَالِ عَزْمٌ قَضَى عَهْدُ.
ومَا زَمَّـكَ الشِّـيْـطَـانُ طَقْـسَ قـدَاسِـةٍ
وكَـمْ يَفْرَحُ الشِّـيْـطَـانُ لُوْ قَادَكَ الحِقْدُ.
جَمَعْتَ البُغَاثَ الخَمْـسَ تِسْـعِيْنَ جَلْدَةً
ورَسْمُ احْمِرَارِ المُوْتِ فِي غَصِّهِ جَلْدُ.
وجِـلْـدُ المُـغَـطَّـى بالـرَّذِيْـلَـةِ فَـاحِشٌ
فَيَا لِيْتَ أَصْـحَابَ الخَـنَا جِـلْدُها جِلْدُ.
ضَـرِيْـرُ حَيَـاةٍ لَا يَـصُـونُ مَـدَارَهَـا
فَـسِـرْ خَـلْفَـكَ الأَبْعَـادُ يَـغْـتَـالُـهَا بُعْـدُ.

وكَـفْـكِـفْ دُمُوعاً صَارِتِ الآنَ مُبْتَغَى
وَرَاءَ ظِـلَالِ الوَهْـمِ كَـمْ مُـبْـتَغَى جَدُّوا.
جَـعَـلْـتَ لُـحُـوْمَ الـحَـقِّ أَشْـلاءَ لَـعْـنَـةٍ
زًنَـاةٌ بُـغَـاةٌ فِـي طَـوَابِـيْـرِهِـمْ تَـعْـدُو.
بِـسَــبْـعٍ عِـجَـافٍ تُـسْــتَـبَـاحُ مَـمَـالِـكٌ
وسَـبْـعٍ لُـطَـافٍ تُـسْــتَـعَـادُ لَـهُ الحَمْدُ.
طَوَى يُوْسُفُ الصِّدِّيْقِ يَرْعَى خِرَافَهُمْ
إِلـى الجُّـبِّ إِخْـوانٌ يَـخُـونُـهُـمُ الوَعْـدُ.
قَضَى الجُّـرْمُ مِنْ ذِئْـبٍ يُرَاوِدُ إِخْـوَةً
هِيَ الحِـكْـمَـةُ المُثْلَى لِمَنْ بَرَّهُ الرَّصْدُ.
أَيْا امْـرَأةً شَـــدَّتْ قَـمِـيْـصـاً لِـمُـؤْمِـنٍ
وَكَمْ يُـنْـقِـذُ الإِنْـسَـانَ فِي ضَـعْـفِـهِ قَـدُّ.
وَلَا تَعْـلَـمُ الأَمْـوَاتُ مَنْ عَـاشَ بَعْـدَها
فَتِلْكَ القُـبُـورُ الـشَّـاهِـدَاتُ مَـدَىً مَجْدُ.

كَـأنَّ جَـمِـيْـعَ الـلَاحِـقَـاتِ تَـوَابِـعٌ
وَأَنْـتَ اكْـتِـمَـالٌ يُـنْـقِصُ المُنْتَهَى فَرْدُ.
فَمَا عَـجَـزَتْ أَحْـلَامُـنا البيضُ فِـطْرةً
فَبَعْـضُ الأَمَـاني تَحْتَ جِـلْـبَابِها قَصْدُ.
وَ كُـلُّ انْـهِـيَـارٍ يَـرْتَـوِي مِـنْ جُـذُوْرِهِ
تَـقُـومُ مَـعَـانِـيْـهِ وَمَـا خَـانَـها الجَّـهْـدُ.


3
الوَدَاعُ
يَـا مَـنْ تُـوَدِّعُـنِـي، والنَّـفْـسُ تَـرْتَـحِـلُ.
تَـركْـتِ في القَلْبِ جُـرحاً كِيْفَ يُحْتَمَلُ.
الـحُـزْنُ خِـيَّـمَ فِـي الأَجْـوَاءِ هَـاجِـرتِي،
هَـلْ بَـعْدَ أَوْجَاعِنَا، قَـدْ تُهْـتَـدى الـسُّبُلُ.
تَعْـدُو المَـسَـافَـةُ، وَ الأَحْـشَـاءَ تَـفْـتُكُهَا،
ولَـمْـحَـةٌ وَضَـعَـتْ أَوْزَارَهَـا الـمُـثُـــلُ.
أَعَـدْتِ عَـهْـداً مَـضَـى بِالحُـبِّ يَغْـمُرُنَا،
ولَـمْـسَــــــةً وُلِـدَتْ بِـالـرُّوْحِ تَـبْـتَـهِــلُ.
أَتَـذْكُـرِيْـنَ قِـطَـافَ الـوَرْدِ مِنْ جَـسَـــدٍ،
وَالنُّـوْرُ مِنْ نَـظْـرَةِ الإِيْـحَـاءِ يَـشْـتَـعِـلُ.
والرَّسْــمُ فِي شَــفَـةٍ مَـاءٌ عَلَى عَـطَـشٍ،
والفَـجْـرُ مِـنْ قَـدِّكِ الـمِـيَّـاسِ يَـنْـهَـمِـلُ.
والهَـمْـسُ فِي لَـهْـفَةِ الأضْـلاعِ أُغْـنِـيَةً،
واللِـيْـلُ مِنْ شَـعْرِكِ المُنْـسَـابِ يَنْسَـدِلُ.
كِـيْـفَ الحَـيَـاةُ بِـدُوْنِ الـوَصْـلِ نَعْبُرُهَا،
وفِـي فُـرَاقٍ يَـغِـيْـبُ الـوَصْـلُ والنُّـزَلُ.
أَتَـذْكُـرِيْـنَ لَـهِـيْـبَ الـشُّــوْقِ فِي لُـجُـجٍ،
فُـرَاتُـهَـا بِـيْـنَ عِـيْـنِـيِّ الـمَـهَـا قُـبَـــــلُ.
واللَـحْـنُ مِنْ خَـطْوِها يَشْـدُو خَوَاطِرَنَا،
والضُّـوْءُ مِنْ خَـدِّها قَـدْ جَـاءَ يَـغْـتَـسِلُ.
تَخْضَرُّ تَحْتَ الخُطَى الصَّحْرَاءُ فِي فَرَحٍ،
ويَـرْقِـصُ الـطِّـيْـرُ عِـشْـقاً، يُنْشَدُ الأَمَلُ.
أَتَذْكُـرِيْـنَ حَدِيْثَ الضَّـمِّ يَـسْــــــحـرُنَا،
ولَـغْـوَةَ الوَجْـدِ فِي الأَحْـضَانِ تُـرْتَجَـلُ.
سَــأتْـرْكُ العَـتَـبَ الأُنْـسِـــيَّ يَـجْـرَحُـنَا،
فالنَّـطْـقُ في الضَّعْفِ تَجْرِيْحٌ بِهِ العَذَلُ.
يا منْ تغضُّ العيونَ الحورَ عن نظري،
والدَّمْعُ يُحْجبُ، في الأهْـدابِ يُـنْــدَمِــلُ.
تَـبُـوْحُ فِي لُـوْعَـتِـي سِـــرّاً مَـلَامِـحَـهَـا،
تَـكَـلَّـمَ الـصَّـمْـتَ مِنْ أَعْـمَـاقِـنَـا جُـمَـلُ.
كَـانَـتْ تَـضُـوعُ جِنَانَ المِـسْكِ مِنْ فَمِهَا،
ويَـشْـربُ الخَـمْـرَ مِنْ أَوْرَاكِـهَـا الثَّـمِـلُ.
ويُـبْـدِعُ الـشِّـــعْـرَ مَـجْـنُـوْنٌ بِـرَاحِـلَـةٍ،
ويـوْقِـدُ النَّـشْـوَةَ الـسَّـكْـرَى بِهَا الوَجَـلُ.
كُـنَّـا صَـغِـيْـرِيْـنِ لِـلـنِّـسْـــــيَـانِ ذَاكِـرَةً
بُـعْـداً يَـصُـوْلُ، ويُـغْـنِـي حُـلْمَنَا الأَزَلُ.
مَـرَّتْ عَـلِـيْـنَـا خُـيُـوْطُ الوَعْـدِ فِي مَلَلٍ،
فَـيَـكْـتَـفِـي رَوْعَـةً مِنْ سِــحْـرِنَـا المَلَلُ.
ويَحْزَنُ الكونُ إنْ مَـرَّ الصَّـدَى عَجِـلاً،
فَـمُـثْـلُـنَـا فِـي جُـمُـوْدٍ، يُـبْـدَعُ الـفَـشَـــلُ.
يَـا مَنْ أُعَـاتِـبُـهَـا ، والـدَّمْـعُ مِـحْـبَـرَةٌ،
عَـبَـرْتُ نَـزْفاً، تَـجَـلَّى جُـرْحُهُ الخَضِلُ.
هَـاتِـي قَـصَـائِـدَنَـا الغَـرَّاءَ مِنْ مُــــــزَنٍ
مرْقوقةَ الهَتْفِ حارتْ في النُّهى الرُّسُلُ.
وارْمِـي الـوِشَــاحَ لِكِي أَغْـتَابَ خَـاتِـمَـةً،
نَـقَـشْـتُ فِي مَـطَـرِ التِّرْحَـالِ مَـا يَـصِـلُ.
حَـسْــــــــــبِـي بِـأنَّـكِ مِـيْـعَادٌ بِـلا أَجَــلٍ،
لا يُـغْـمِـدُ النَّـصْـلَ في صُـوْلاتِهِ الأَجَـلُ.
إِنِّـي زَرَعْـتُ عَـلَـى الإِيْـمَـاءِ فِـطْـرَتَـــهُ،
هَلْ مَـاتَ قَـبْـلَ يَـقِـيْـنِي خِـفْـيَـةً أَسِـلُ.؟!
أَمْ قَـطَّـعَـتْ لَـحْـظَـةَ التَّـمْـزِيْـقِ قِـصَّتَنا،
مَـازَالُ، يَـفْـضَـحُ عُـمْـقاً طَرْفُها الخَجِلُ.
تَـمْـضِـي، وعِـيْـنِـي وَرَاءَ الظَّـلِّ لاهِثَةً،
وتَـسْـأَلُ الـقَـدَرَ الـمَـحْـتُـوْمَ مَـا الـعَـمَـلُ.
يَـرِدُّ مِـيْــلٌ، وَقَـدْ غَـطَّـــى الـدُّنَا وَجَعاً،
بَـاحَـتْ دُمُـوْعٌ سُـــؤَالاً فِـيْـكَ يُـخْـتَـزَلُ.
فِـي وَقْـفَـةٍ صَـارَ كُـلُّ الـكُـوْنِ مَـقْـبَـرَةً،
أَبْـقَـى أَنِـيْـنـاً خَـفِـيّـاً ذَلِـكَ الـشَّـــــــــلَـلُ.
فعُدْتُ أَحْـمِـلُ بَعْضَ الصَّبْرِ في جُعَبِي،
وأَمْـضَـغُ الحَـسْـرَةَ العَـمْـيَـاءَ، أَعْـتَـزِلُ.


⏪4
نَحْنُ عُبُورٌ
نَـعِـيْــشُ بحِـلْـمِـنَـا، فِـيْـهِ نَـدُوْرُ.
فَـنَـحْـنُ بِـهَـذِهِ الـدُّنْـيَـــا عُـبُـورُ.
ومَرْحَلَةُ البَقَاءِ بَـصِيْـصُ وعْـدٍ،
تُـعَـلِّـقُـنَـا بِأَلْـوَاحٍ سُـــــــــطُـورُ.
تَـدُوْمُ خُـرَافَــةُ الأَحْـوَالِ فِـيْـنَـا،
تَـصِـيْـغُ وُجُـوهَـنا خدعٌ قُـشُورُ.
فَلَنْ تُغْـنِي الصَّـلافَةُ فِي طَرِيٍّ،
لِأَطْـيَبِ لَـمْـسَــةٍ يَحْنُو شُــعُـورُ.
نَرَى شَـجَرَ الخَـمِـيلةِ باسِـقَـاتٍ،
ونَـدْرِي، الأُمُّ بِالأَصْـلِ البُـذورُ.
ونَمْلِكُ مِنْ أُمُوْرِ العِيْـشِ جزءاً،
تَـقُـوْدُ حَـيَـاتَـنَـا الأُخْـرَى أُمُوْرُ.
نُـسَـابِـقُ ظِـلَّـنَـا نَخْـتَـارُ لَـهْـواً،
وفِي الأَعْـمَاقِ يلتاعُ الـسُّـرورُ.
وفي جَهْلِ المعاني ألفُ معنىً،
مَـعَـانِـيْـنَـا يُـدَارِيْـهَـا الـغَـفُـورُ.
وأَنْـقَـاضُ المُـوَدَّةِ عِيْثُ نفـسٍ،
عَـلَـى تَـرْوِيْـعِ أَشْــلَاءٍ حُبـورُ.
وتَـسْـعَى لَحْظَةٌ تُلْـوَى سَـبِـيْـلٍ،
ونَـتْـلُـو نَزْعَةً، يُتْلَى الحُـضُورُ.
ومَا سِــرُّ الخَـفَـايا غِيْرَ جُـرْحٍ،
وفِي تَـكْـمِـيْـمِـهِ صُـوْتٌ جَـهُـورُ.
خُـذُوا تَـغْـرِيْـبَـةَ المِـيْـعَــادِ مِـنَّـا،
رَخِـيْـصاً بِـيْـعَ إِنْ زَادَتْ مُـهُـورُ.
كَمَا الأَمْـوَاتُ فِي وَطَـنِ التَّـمَـنِّي،
صَـلَاحُ المُـوْتِ يُـزْجِـيْـهِ النُّذُوْرُ.
نُـمَـارِسُ طَـقْـسَـنَـا للحَـالِ هَـدْراً،
نَـغُـوْصُ تُـرَابَنا، تُنْـسَى الزُّهُوْرُ.
نُـعَـلِّـقُ فِي الغُصُوْنِ مَرَاءَ قَلْـبٍ،
وأَصْـلَ الـدَّفْـقِ تُـمْـلِـيْـهِ الجُّذُوْرُ.
أَنَا الإِنْـسَـانُ فِي صَـدَأ التَّـبَـاهِي،
أَضِـيْـعُ بِصَحْوَتِي، غِيْرِي يَبُوْرُ.
دَعِـيْـنِـي لِـلبَـرَاءَةِ حِـبْـــرَ حَــقٍّ،
لِكِي لَا يَـعْـرِفُ المُـثْـلَى غُـرورُ.
نَـشَـافُ الوَجْدِ مِنْ عُرْفٍ تَعَالَى،
وغِـيْـثُ الـعَـقْـلِ تَـدْفِـقُـهُ النُّـهُورُ.
أَنَـا مَنْ يَقْـطِـفُ الشَّـمْسَ ابْتِهَالاً،
بِـعِـيْـنِـيْـكِ المَـتَـاهَـةُ والـظُّـهُـورُ.
وإِنِّـي مُـفْـعَـمٌ بِـالـشُّــوْقِ ظَـنِّـي،
يُـدَارِيْـنَـا فِـي وَرَعٍ طُـهُـــــــورُ.
يُـدَغْـدِغُـنَـا الـغِـيَـابُ بِأُمْـنِـيَـاتٍ،
فَـيَحْـبُـو فُـوقَ أَشْـــرِعَـةٍ عُـثُـورُ.
تَـرْكْـنَـا خَـلْـفَـنَـا جُـوعـاً وأَرْضاً
وآمَـالاً بِـهَـا الـمَـعْـنَـــى ثَـبُـــورُ.
سَــــنَـمْـلأ كَـفَّ أَسْـــمَـاءٍ بخَـطٍّ،
نُـحِـيْـكُ حِـكَـايَـةً، تَـحْـيَـا القُبُورُ.
فَـمَـنْ عَـاشَ المَـضَائِـقَ زَادَ إِدّاً،
صِـرَاعـاً لَا يُـلَازِمُـــهُ القُصُورُ.
رَغِـيْـدُ العِـيْـشِ فِي كُوخٍ تَمَاهَى،
فَـلا جَـدْوَى إِنْ زَانَـتْ قُـصُــورُ.
تُـقَـلِّـبُـنَـا الـحَـيَـاةُ كَـمَــا تَـرَانَـــا،
وفِـي التَّـفْـسِـيْـرِ تَـمْتَارُ الشُّـرُوْرُ.
صَفَاءُ الرُّوْحِ أَسْـمَى في ضَـلَالٍ،
عَـلَـى فَـرَحٍ تُـضَـلِّـلُـهُ الـخُـمُـورُ.
تُـقِـيِّـدُنَـا الخُـرَافَـةُ فِـي اعْـتِـنَـاقٍ،
وفِـي هَـزَلِ الحَـمَـاقَـاتِ الفُـتُـورُ.
تَـعَـالَ، لِتُغْدِقَ الإِحْـسَاسَ صدْقاً،
فَـكَـمْ نَـقَـشَـتْ عَلَى صَـدْرٍ دُهُوْرُ.
إِذَا الأَوْهَـامُ قَـدْ سَـلَـبَـتْ عُـقُـولاً،
فَـعَـقْـلُ النُّـصْـحِ نَـضْحٌ لا مرورُ.
نَـمِـدُّ إِلَـى الـنَّـجَـاةِ سَـــلَامَ رُوْحٍ،
لِيَـعْـدُو نَـحْـوَ عَـلْـيَـاءٍ جَــسُـــورُ.
وَمَا العُـمْـرُ الـقَصِيْرُ إِذَا تَجَـافَى،
مَـلَاذاً يُـرتَـجَـى فِـيْــهِ الـقُـتُــــورُ.
فَـلَا تَـقْـرَبْ خَـسِـيْـسـاً أو خَـبِيْـثاً،
فَـسُــوْءِ الـوَضْـعِ مَـأْفُـوْنٌ فَـجُورُ.
وَقِفْ فِي الأَرْضِ مَمْشُوْقاً شَدِيْداً،
وحَـاذِرْ، تِـلْـكَ أَرْضٌ قَـدْ تَـمُــورُ.
سَـتَـنْـفَـلِـقُ البِحَارُ مِنَ العَـصَـا يَا
فَـطِـيْـنـاً، فُـوْقَ شَـاهِـقَـةٍ غَـمُـورُ.
فَـعِــشْ حُـرّاً وحَـلِّـقْ فِي سَـمَـاءٍ،
صَغِيْراً قَدْ تَرَى الوَحْـشَ النُّـسُورُ.
هِـيَ الـدًّنْـيَـا و مَـا أَدْرَاكَ دُنْـيَـــا،
تُـلَاعِـبُ فِـكْـرَةً، يَـبْـقَـى الخُـدُوْرُ.
وفِـي تَـشْــــذِيْـبِ أَعْـمَـاقٍ رُؤَانَـا،
وخَـلْفَ جَـسَـارَةِ المعنى جُـسُـورُ.
نُـلَـمْـلِـــــمُ مِـنْ بَـقَـايَـانَـا حَـدِيْـثـاً،
حَـدِيْـثُ الـوَقْـتِ سُــلْوَانٌ شَـكُـورُ.
يُـنَــاوِرُ فِـي نَــوَايَــانَــا أَثِـيْـمــــاً،
وتُـبْـلِـغُ فِـي مَـآسِــيْـنَـا الـقُـشُــورُ.
فَلَا تَـعْـجَـبْ عَـلِـيْـنَـا إِنْ تَـدَاعَـى
عَـلَـى أَحْـوَالِـنَـا قَـشَـــبٌ فُـطُـورُ.

*أحمد عبدالرحمن جنيدو

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.