الصفحات

قراءة باذخة مقدمة من الناقد الكبير علاء الحامد على نص (هذيانُ يقظْ) ...*للشاعر قاسم سهم الربيعي

⏪الاندماج التصوّري في اشتغالات الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي
⏪الإهداء إلى انتفاضة ساحة التحرير المجيدة
⏪كتابة : علاء حمد – العراق
⏪إشارة بقلم الدكتور حسين سنك ،موقع الناقد العراقي:

أمام هذا النشاط الثر والمُثقل بالأطروحات الجديدة للناقد العراقي المبدع “علاء حمد” لابُدّ من تقديم التحية له على هذه السلسلة من الكتب والدراسات التي تحمل بصمة نقدية مُميّزة وسمة أسلوبية خاصة ، والأهم هو وفاؤها للابداع العراقي ورموزه التي تعاني قلّة الاهتمام من نقّاد وطنها برغم علوّ كعب منجزها. تحيي أسرة موقع الناقد العراقي الناقد علاء حمد وتشكره على ما يخص به الموقع من دراسات وتتمنى له الصحة الدائمة والإبداع المتجدد. كما تحيي روحه العراقي الغيور وهو يهدي دراساته (إلى انتفاضة ساحة التحرير المجيدة).

⏪القراءة بقلم الناقد الأستاذ علاء حمد:

يجتمع في القصيدة نوعان من الجمال، الجمال الفلسفي والجمال التصويري.. فالجمال الفلسفي يظهر من خلال تصورات الشاعر العميقة، وهي بحد ذاتها جمالية تقودنا إلى البنى الصغرى والتي تتجانس مابين الجمل النصية، كزخرفة يُجيد تطريزها الشاعر، فيتحول الشاعر من خالق منظوري إلى حائك يتمسك بأدواته لكي يستطيع الوصول إلى المحدود الجمالي، هذا من وجهة نظر تفكرية فقط، ولكن ومن خلال الغور في معظم النصوص الشعرية نلاحظ أن الشاعر يتجاوز ذلك المحدود ويرسم التيه اللانهائي في المدارات الجمالية العائمة من حوله.. والمسلك الثاني ( الجمال التصويري ) من المسالك التي تعتمدها الشعرية من خلال الصور الشعرية الموظفة في النصّ، وهي التي تقودنا إلى جماليات المعاني وتصوّرات الشاعر من خلال المساحة الخيالية التي يعتنقها عادة، ويبادر الشاعر بطرق لحظته الشعرية والوقوف نحوها لكي يتحول من لحظة إلى أخرى، وهنا تتبين لنا البنى المعتمدة ومنها البنية اللغوية والبنية الصغرى والبنية الكبيرة والبنية الجمالية.. تعددية البنى لاننتهي فها إذا توجهنا نحو اتجاهات النصّ الحديث، وربما تجتمع أكثر من بنية في القصيدة الواحدة، أو تكتفي القصيدة بأسس البنى التأسيسية لها ولا تتجاوزها..
من خلال النصّ والنصية في نصوص الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي، نبحر في الميزان المعرفي، وتعددية البنية الصغرى والتي تشكل أساسيات الخلق الجديد في اتجاهات النصّ الحديث..
هذيان يقظ : العنونة مغامرة تأويلية في عتبة النصّ الشعري، وعندما ننحصر في هذه المغامرة، سوف نكون مع المغامرة المحدودة؛ وهذه اشتغالات برؤية ضيقة، فالعنونة اتصال وديمومة لها استقلالها بداية من أول عتبة نصية، لذلك عندما تتكوّن علاقة مابين مغامرة النصّ الشعري ومغامرة العنونة، فسوف نكون بانفتاح تام نحو البنية الكبيرة والتي لاحدود لها، إذن ومن خلال العنونة نستطيع أن نغامر مع النصّ كعلاقة جسدية، علاقة جسد الذات مع العنونة، وعلاقة جسد الذات مع الجسد النصي، ومن خلال هذه العلاقات توصلنا إلى نظرية الدمج، لكي نكون مع جمالية المعاني وتأويلها في النصّ الشعري الحديث..
تنقلب الصورة في الاختلاف، ووجه الانقلاب الذي يحدث أن نرى الأشياء ليس كما هي، فالألوان الطبيعية نخلطها مع ألوان الذات الكتابية، ومن خلال الذاكرة النصية ستختلف التعابير لتقودنا إلى تأويلات عميقة.. وهذا يعني أن التجريد بمنطقة الصورة الشعرية..
هَوَسٌ في هَوَسْ.
دوي صَمْتٍ يخترقُ
الوجدانْ..
يُزَلْزِلُ الأعماقْ.
عَسْعَسَةٌ .. تكادُ جدرانُ
الغرفةِ تطبِقُ على
جسدي.
من قصيدة: هَذَيانُ يَقِظْ – الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي
الصورة تخبرنا عن هدم الواقع والبقاء على الجسد الذاتي؛ فإذا انقلبت جدران الغرفة، فسوف تشتغل الذاكرة الذاتية بشكل جنوني والخروج من الغرفة..
هَوَسٌ في هَوَسْ. = دوي صَمْتٍ يخترقُ + الوجدانْ.. + يُزَلْزِلُ الأعماقْ. + عَسْعَسَةٌ .. تكادُ جدرانُ
الغرفةِ تطبِقُ على + جسدي.
ومن هنا رسم الشاعر قاسم سهم الربيعي علاقة العنونة مع جسد القصيدة، فموضوعنا هذيان يقظ؛ وعند انتقاله إلى ( هوس في هوس )، فمازلنا في منطقة الذات التي تحولت إلى ذات عاملة وتركت ترتيباتها اليومية التي تتعامل بها، مما رسم رسمة جديدة، وجسدا نوعيا قادنا من خلال الجمل الشعرية المتواصلة إلى البنية الكبرى كنصّ منفصل، وتم انفصاله بواسطة النقطة والتي دلت وحصرت المعاني بين هلالين..
حشرجةٌ تكتظُ في الحناجرْ.
أفراحُ وشموعُ الأهلةِ
تقوضُ أعمارَنا.
سنونٌ تُضَرِّسُنا بأنيابها..
تطحنُنا كالرحى.
من قصيدة: هَذَيانُ يَقِظْ – الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي
الاندفاعات التصويرية وأنواعها تتعلق بالذات وأنواعية تواجدها في المناطق القابلة للتفكيك النصيّ، لذلك لو اعتبرنا أن الاندفاعة الأولى قد هيمنت من خلال وحدة تصويرية في الجملة، فستقودنا في طبيعة الحال إلى اندفاعات عديدة متواصلة، وتظهر مابين الذات العاملة وبين الذات البصرية التخييلية..
حشرجةٌ تكتظُ في الحناجرْ. + أفراحُ وشموعُ الأهلةِ + تقوضُ أعمارَنا. + سنونٌ تُضَرِّسُنا بأنيابها.. + تطحنُنا كالرحى.
يحاول الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي من خلال هذا المقطع أن يُظهر المعادلة التصويرية بين حالة الاختلاف اللغوي وحالة الذات كصيرورة أدائية تؤدي غرضها في الرسم والتصوير.. وعندما يميل الشاعر إلى حالة التشبيه نلاحظ بأن الجملة الموصولة مع المعنى؛ أعطتنا ميزة حياتية مأخوذة من بيئة الشاعر بالتسمية والتشخيص ( تطحننا كالرحى )، وهي إضافة فعالة للمؤثرات التي تبناها في قصيدته الشعرية ليدفعنا أكثر ويخبرنا بأن بيئته بيئة عراقية لاحدود لها.. ومن خلال هذا التقييم اليومي والعفوي في الرسم والتوضيح نلاحظ أنه يصنع فردوسا أنسانيا، بداية من جنوب العراق، ونهاية في العاصمة بغداد..
تُحلقُ ذاكرتي في سالفِ
الأيامْ..
حيثُ (صِريفةُ) أهلي المُتِهَرِئَةُ
كثوْبِ العَوَزْ..
(الصوباطُ) و (مَهَفَةُ) أبي
ألتي تستجدي النسماتِ في
قَحَطِ القَيظْ.
(چاي خانة) (جابر) ..
عبقُ الشاي المنبعثُ من
موقدِ الفحمْ..
من قصيدة: هَذَيانُ يَقِظْ – الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي
تشير نظرية النصّ إلى النصوص اليومية المنظورة والمكتوبة، لذلك عندما رسم الشاعر قاسم الربيعي بعض المصطلحات اليومية، فقد شكلت لنا صيرورة تواصلية مع مفهوم النصّ الشعري ومسميات أهل العراق اليومية..
تُحلقُ ذاكرتي في سالفِ + الأيامْ.. = حيثُ (صِريفةُ) أهلي المُتِهَرِئَةُ + كثوْبِ العَوَزْ.. + (الصوباطُ) و (مَهَفَةُ) أبي + ألتي تستجدي النسماتِ في + قَحَطِ القَيظْ. + (چاي خانة) (جابر) ..+ عبقُ الشاي المنبعثُ من + موقدِ الفحمْ..
نلاحظ من خلال تجمعات الصيغ النصية والتي تكونت من البنى الصغيرة، لتنفذ إلى البنية التامة، بأن الشاعر وظف مسميات أهل الجنوب، وهناك بعض المسميات المشتركة في أنحاء العراق، ولكن ومن خلال هذه الدالة التي قادتنا، فهناك عدة دالات تؤدي إلى مفهومية النصّ لدى الشاعر قاسم سهم الربيعي.. فمفهوم النصّ إذا ماقادنا بشكل تجلي إلى محاولات لتبيان المسميات النظرية، يتحوّل إلى مسمى آخر ليعانق الحالات والمسميات القريبة من الباث.. لذلك تتجمع النصوص في حالة واحدة وتحت مسمى النصّ التام، ليتمكن الشاعر من الغوص أكثر في المسميات اليومية وعكس نوافذها.. وعندما نطرق مفهوم النصّ ” Text ” نعتني بتلك اللغات الأنواعية والتي يجمعها النصّ وينتقل من خلالها من لغة إلى أخرى، فحتى عندما عرفوا مفهوم النصّ، اعتمدوا على اللغة التي تقتحم النصّ وتشدّ تعابيره ووحداته التي نعتبرها نافذة دقيقة في التجلي والغور في الجمالية ومقارباتها مابين الرؤية القريبة والرؤية البعيدة..
أيها الغابرونَ عبرَ طياتِ
الزمنْ..
لماذا صوركُم تتراءى إلى
خلدي؟..
لماذا أنا؟..
من أنا؟..
أيْنَ أنا؟..
هل أنا أنا؟…
من قصيدة: هَذَيانُ يَقِظْ – الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي
تتجمع في قصيدة الشاعر العراقي قاسم الربيعي ( هَذيان يقظ )، الممكنات والمسميات.. الممكنات هي تلك الأشياء المنظورة في البصرية، وتحتفظ الذات البصرية بها حتى إذا غادرها الشاعر أو انتقل من بيئة إلى أخرى، فتبقى عالقة غير قابلة للإزالة.. والمسميات، هي الأشياء التي تشتهر بها البلاد، وطالما الشاعر ابن الجنوب، فهناك علاقات مشتركة مابين الجنوب والشرق، والجنوب والغرب، والجنوب والشمال، وأخيرا الجنوب والوسط، وتعتبر المنطقة الوسطية ( العاصمة ) جامعة لجميع الاتجاهات، باعتبارها السنتر الرئيسي للناس، وتلاقحهم واندماجهم في خصلة واحدة وتحت مسمى واحد اسمه العراق..
أيها الغابرونَ عبرَ طياتِ + الزمنْ.. =
لماذا صوركُم تتراءى إلى + خلدي؟.. + لماذا أنا؟.. + من أنا؟.. + أيْنَ أنا؟.. = هل أنا أنا؟…
مازلت أنا.. أنا.. من خلال هذه الصرخة الأحادية التي أدت إلى انسجام عناصر النصّ، فهذا يعني أنّ النصّ الشعري يحوي على عدة عناصر، وخصوصا أن صرخة الشاعر موجهة إلى مجموعة ما، فنستنتج بأنّ هناك علاقات عموم، وليست علاقات خصوصية، وذلك لعدم ظهور العناصر بشكل واضح، فقد أخفى الشاعر عناصره ولكنه في نفس الوقت أعلن عنها من خلال صرخة تساؤلية..
الشاعر العراقي قاسم سهم الربيعي، يكتب لبيئته الجنوبية – العراقية، وهنا نقول إنّ حالات الاستدلال واضحة من خلال انتماء الجملة الشعرية وتأويلاتها، فأعطانا الصورة المتواصلة من خلال علاقة القول الشعري بالصورة الشعرية، وهي من الحالات التي يتبعها الشعراء اليوم، ويعتمدها النصّ الشعري الحديث وتوجهاته الآنية، لذلك وجلّ ماتبيّن لنا من خلال مشهدية النصّ، بأن الشاعر يميل إلى الحدث الآني، ويتجاوز الماضوي، ويحوّل الأشياء من حالات طبيعية جامدة إلى حالات تؤدي إلى حركة شعرية ضمن المنطوق الشعري المعتمد..
هَذَيانُ يَقِظْ
::::::::::::::::
هَوَسٌ في هَوَسْ.
دوي صَمْتٍ يخترقُ
الوجدانْ..
يُزَلْزِلُ الأعماقْ.
عَسْعَسَةٌ .. تكادُ جدرانُ
الغرفةِ تطبِقُ على
جسدي.
وشْوَشَةُ هَمْسٍ..
حشرجةٌ تكتظُ في الحناجرْ.
أفراحُ وشموعُ الأهلةِ
تقوضُ أعمارَنا.
سنونٌ تُضَرِّسُنا بأنيابها..
تطحنُنا كالرحى.
تُحلقُ ذاكرتي في سالفِ
الأيامْ..
حيثُ (صِريفةُ) أهلي المُتِهَرِئَةُ
كثوْبِ العَوَزْ..
(الصوباطُ) و (مَهَفَةُ) أبي
ألتي تستجدي النسماتِ في
قَحَطِ القَيظْ.
(چاي خانة) (جابر) ..
عبقُ الشاي المنبعثُ من
موقدِ الفحمْ..
(قوري الشاي الزجاجي) المُرَفَلِ
بأسﻻكِ الألمنيومِ كثوبٍ مُرَّقَعْ..
(دكانُ امِ جاسم ) ووجهُها الأسمرُ
المتجهمْ..
عيناها الجاحظتانِ وأنفها
الكبيرْ..
زوجُها صاحبُ التمائمِ والغضاراتِ
المتدليةُ من طاقيتِهِ كالأطفالْ .
صورٌ كثيرةٌ تُداهمني ..
أتقلبُ في أمواجِ الحُمى
المتﻻطمةْ.
فقدنا آدميتنا؟.
أورثنا قابيلُ الوحشيةْ..
هابيلُ أورثنا القرابينْ.
يا ميكيافيلي مازالتْ شرورنا
مستحوذةًعلينا.
ياهوبزْ ذئبيتُنا تحاصرُنا.
أُخوةُ يوسُف صاروا أنبياءْ ..
زُليخةُ تحقَقَتْ أمانيها.
ﻻ توصدوا الأبوابَ أو تتألهونْ.
أيها الغابرونَ عبرَ طياتِ
الزمنْ..
لماذا صوركُم تتراءى إلى
خلدي؟..
لماذا أنا؟..
من أنا؟..
أيْنَ أنا؟..
هل أنا أنا؟…
………….
ضوابط خاصة للناطقين بالعراقية :
الصريفة : كوخ من القصب تشتهر بهذه التسمية عند المناطق الجنوبية والوسطى والفرات الاوسط من مناطق العراق.
الصوباط : كذلك يصنع من القصب وهو مفتوح ليس فيه ابواب ويكون عبارة عن ثقوب ،اي ان القصب مرصوص بطريقة تجعل وجود فتحات كبيرة وباشكال هندسية جميلة ويستخدم الصوباط كمكان استراحة في اوقات الحر الشديد.
المهفة: آلة بدائية جدا مصنوعة من خوص سعف النخيل ومن عوده تستخدم لجلب الهواء للوجه.
چاي خانة : هي مقهى شعبي ع الرصيف وهذه التسمية تقريبا مشتهرة في العراق .
جابر : صاحب المقهى.
قوري الشاي : هو إبريق الشاي وهذه التسمية تقريبا فقط في العراق.
ام جاسم صاحبة دكان للبيع بمثابة أسواق تجارية .
قاسم سهم الربيعي – العراق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.