⏪⏬
بعد جهود حثيثة قام بها محامو وأفراد عائلة الفنان والمؤرّخ والناقد الفلسطيني كمال بُلّاطه (1942 – 2019)، الذي توفي بعد ظهر يوم 19 آب/ أغسطس 2019 ونقل جثمانه الى القدس المحتّلة التي احتضن ثراه بعد غياب دام خمسة وثلاثين عاماً.
وأخيراً سيعود ابن القدس كمال بُلّاطة إلى وطنه كي يوارى في مقبرة بطريركية القدس للروم الأرثوذكس في جبل صهيون، إلى جانب أجداده وأفراد عائلته”. وأضافت “وُلد كمال في القدس وترعرع في المدينة المقدسة، وتعود جذور عائلته في المدينة القديمة إلى أكثر من ستمئة عام، وهذا بحسب وثائق الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية ومختار العرب الأرثوذكس في المدينة القديمة المرحوم السيد متري الطبّه”.
ومنذ نصف قرن، مُنع كمال بُلّاطة من العودة إلى مدينته، لأنه كان في الخارج، من أجل إقامة معرض فنّي له في بيروت عام 1967 حين وقوع الاحتلال. وقد فشلت جميع محاولاته للعودة إلى القدس، ولم يستطع العودة سوى مرة واحدة خلال زيارة قصيرة عام 1984، قام فيلم “غريب في وطنه” بتسجيلها”.
“لكن رغم ذلك فقد بقيت القدس في قلبه وفنّه. كانت أمنيته أن يعود إلى القدس ويُدفن فيها. وبعد أسبوع كامل من الجهود الحثيثة التي قام بها محاموه وأفراد عائلته حصلنا اليوم على إذن بنقل جثمانه إلى مدينته من أجل أن يرقد فيها”.
أن “حقّ عودة كلّ فلسطيني إلى وطنه هو حق ّمقدّس، وهذا الحقّ ينطبق بشكل خاص على المقدسيين الذين تشكّل المدينة المقدّسة جزءاً من حياتهم وجوهر وجودهم”. وأنه “من المُحزن أن يُمنع هذا الحقّ عن كثيرين، ونحن اليوم نشعر بمرارة الرضا عندما يستطيع شخص له قامة كمال بُلّاطه الفنية ويحظى بالاحترام والتقدير في العالم أن يُحقّق أمنيته الأخيرة. فليرقد بسلام وليكن ذكره مؤبّداً”.
وجرت مراسم الدفن في القدس عند الرابعة من بعد ظهر يوم 19 آب/ أغسطس 2019، في كنيسة صهيون حيث واري في مثواه الأخير. علماً أن صلاة الجنّاز لراحة نفسه اقامت في في “كنيسة القديس جاورجيوس الأنطاكية الأرثوذكسية” في برلين.
يُذكر أن كمال بُلّاطه من أبرز المشتغلين في تأصيل الفن العربي والإسلامي والفن التشكيلي الفلسطيني عبر مؤلّفاته التأريخية والتنظيرية والنقدية التي قدّمت بحثاً أصيلة وقراءات نقدية عميقة، وفي مسار موازٍ أتت أعماله الفنية خلاصة متطوّرة ومبتكرة لفهمه للهندسة والزخرفة والفنون الإسلامية.
عاش بُلاطة في الولايات المتحدة وشارك في مبادرات ثقافية عديدة، قبل أن يترك واشنطن ويتوجه إلى المغرب في تسعينيات القرن الماضي، حيث عاش لبضع سنوات هناك، أجرى خلالها مجموعة من الدراسات عن الفن الإسلامي والأندلسي. ثم انتقل بعدها إلى بلدة مونتون في جنوب فرنسا، والتي تركها قبل سنوات قليلة في تغريبة جديدة إلى برلين التي وصلها على مشارف السبعين من عمره، وتوفي فيها.
ويعدّ بُلّاطة أحد مؤرخي الفن القلائل في العالم العربي، فقد وضَع سلسلة من الأعمال النقدية من أبرزها كتب مثل: “استحضار المكان: دراسة في الفن التشكيلي الفلسطيني المعاصر” (2000)، و”الفن الفلسطيني – من 1850 إلى اليوم” بالإنكليزية (2009)، هو الذي رسم عدداً كبيراً من ملصقات المقاومة الفلسطينية التي تضيء جوانب الصراع الفلسطيني مع الاحتلال، إلى جانب نشاط ثقافي واسع لصالح القضية الفلسطينية وقضايا التحرر. وحين اشتعلت انتفاضة العام 1987 الفلسطينية ألّف كتاباً بعنوان “شهود أوفياء.. أطفال فلسطين يعيدون خلق عالمهم” يضمّ مجموعة من رسومات لأطفال من فلسطين لم يتجاوزوا الـ 14 عاماً، وقدّم للكتاب وقتها جون بيرجر.
عرف عن بُلّاطة صداقاته مع الشعراء إذ أقام معارض مع بعضهم وأنجز كتبا فنية لمجموعة منهم، كما ترجم للإنكليزية قصائد لمحمود درويش (في بدايته قبل أن يترجم للإنكليزية) وأدونيس (أحد أول ترجماته للإنكليزية أنجزها بُلّاطة بالتعاون مع ميرين غصين)، كما ترجم وقدّم آخرين غيرهما، فيما تُرجِمت عديد مؤلفاته إلى اللغات الفرنسية والألمانية والإيطالية والعبرية والإسبانية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.