الصفحات

سوسنة ...*غدير محمد وليد عبارة

⏪⏬   تمر الأيام بنفس الإيقاع الرتيب !!! تجبرها أمها على الصحو مبكرا ...تغسل وجهها بقسوة ثم تمشط شعرها وتجدله وإذا
اعترضت لقساوة المشط تنهرها الأم ...تدخلها المطبخ بنفس الطريقة تضع بضع لقيمات عنوة في فمها الصغير ...تلبس الأم ملابسها بسرعة وتمسك يد الصغيرة لتذهب بها إلى الحضانة ثم إلى عملها ....هناك في الحضانة الكل يلعب وهي تكتفي بالتحديق بهم دون أن تشاركهم اللعب ...تراه هناك بشعره الطفولي اللامع يقترب منها ...يسلم عليها يدعوها لتلعب معه ...تستجيب على استحياء ...بات يومها أجمل بوجود هذا القرين الذي يحاول بكل قوة إدخال السعادة لقلبها ...تعود أمها مساء لتأخذها إلى البيت ...تدخلان ...تبدل الأم ملابسها وملابس الطفلة وهي تتمتم نفس الأسطوانة التي حفظتها الصغيرة غيبا ...تقول الحكاية بأن الأب كان أنانيا رغم أنهما تزوجا عن حب ...لم تكتشف أنانيته إلا بعد أن أنجبت طفلتها الصغيرة التي تحولت بمرور الوقت لهم كبير لاتجد له الأم حلا !!! تركهما الأب وركض وراء امرأة تملك كل مايريده من مال ...لم يهتم كثيرا بماضيها الحافل بمئات القصص الليلية وسمعتها التي تلوكها الألسن في كل مكان ...لم يهتم كثيرا بطفلته الصغيرة ولا بمستقبلها تركها لأم تحولت مع مرور الوقت لبقايا شبح لكائن يمر على الأرض كل لحظة ويقول بضعف ما زلت على قيد الحياة ...أبوك لم يأت لرؤيتنا مذ هجرنا ...انظري إلى ذاك الدرج منذ عام ولا أدري ما الذي جعله يتذكر بعد خمس سنوات أرسل لي ورقة الطلاق ومعها ورقة كتب لي فيها لك حريتك فلتفعلي ما تشائين !!!
تسحبها الأم للمطبخ ثانية تلقي في فمها الصغير وجبة ما ...تجاهد الأم في مسح دموعها ...تذبل يوما بعد يوم ...تمد الصغيرة يدها تمسك بكف أمها تخبرها أنها تحبها كثيرا ولن تتخلى عنها ...تخرج الصغيرة للصالة تحاول اللعب مع دميتها ...توسعها ضربا لأنها تحادثها فلا تسمع لها ولا تجيب عن تساؤلاتها الكثيرة ... حاولت أن تفرض قواعد اللعب على ألعابها ثم اكتشفت عجزهاعن فرض قواعدها على الألعاب ....وأنها وحيدة مثل أمها ...الشئ الوحيد المفرح في حياتها هو صديقها ذو الشعر اللامع وخصلته التي حفظت عدد مابها من شعيرات من كثرة تأملها لها ...
تعالي نلعب ...أنا رب البيت وأنت زوجتي ...وهذه طفلتنا سوسنة ...حاولت إقناعه بتغيير الاسم لكنه رفض فهو يعشق السوسن حد الجنون ...
كان اللعب مسليا يذهبان للعمل معا يأخذان سوسنة إلى الحضانة تمشط شعرها بكل حب ..تحتويها بين ذراعيها ....تطعمها بكل حنان مع أبيها ذي الشعر اللامع الذي بدات تزحف بضع شعيرات بيضاء إلى مفرق رأسه ...كبرت سوسنة وقريبا سنفرح بزواجها وستنجب لنا أحفادا كثر ... دخلا المدرسة معا ...تخرجا من الجامعة معا وهما يحلمان بطفلتهما سوسنة ...ثم تزوجا بعد طول انتظار ...مرت السنة الأولى سريعا كالحلم ...تبعتها سنوات شقاء ...أصبح شبح عدم الإنجاب يطاردهما ...جميع الأطباء أكدوا سلامتهما وقدرة كل منهما على الإنجاب ...بدأ يبتعد عن البيت وبدأت هي تذوي يوما بعد يوم ...طفولتها وأوجاع أمها تراها كل لحظة ...حزمت أمرها ذات ليلة وفاجأته بطلب الطلاق ...لم يمانع استجاب سىريعا وكأنه كان ينتظر طلبها ...جمع كل ما له في المنزل وتركه لها وغادره سريعا ...مرت الأيام وبعد عشرة أعوام التقيا وقد أمسك كل منهما بطفلته الصغيرة سوسنة ....

*غدير محمد وليد عبارة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.