⏪⏬
لأول مرة الجنون يأخذ حيزا من وقت الشحاد العجوز زيكو نقاوة،
كسر عكازته و راح يراقصها و صوت ضحكاته تبحث عن وسيلة للهدوء، و دونما جدوى تتابع مع اضطرابه،
ترتفع الوتيرة يركض هنا و هناك كالشمبانزي، لن يصدق أحد أنه قرد قبله خريف السبعين منذ أسبوع هرب منه في غفلة،
يصيح في كل مكان ليسمع الصدى و هو يصوب أذنه بهوائي كفه ليسمع...
زيكو فاز.....زيكو فاز،
الجائزة الكبرى اليانصيب كانت من حظه،
يقرص خده ليتأكد يتوجع يدرك أن الحلم لا يخدعه،
يجلس بعد عشر دقائق و يأخذ نفسا عميقا،
ثم ينادي صديقته الوفية من جيبه:
تعالي يا سيجارتي الحبيبة ، أنت الوحيدة التي تفهمين على جنوني،
يقربها من أنفه ويشمها كساق فتاة عارية تقوم بالمستحيل لإرضائه،
يشعل السيجارة ويسحب منها نفسا عميقا وينفث الدخان،
السيجارة : اشتقت إليك ياسيدي
زيكو : و أنا كذلك
السيجارة بكل خفتها و غنجها تقول : إسأل يا سيدي فطلبك مجاب،
زيكو: هذا عهدي بك أيتها المخلصة،
أريد مشروعا ناجحا يغدق علي الأموال الكثيرة ،
السيجارة ودون أن تسأله عن ميوله ترسم مشهدا لشركة ضخمة و السكرتيرات يتسابقن في تقديم مهاراتهن في العمل وهو يتأمل طولهن وجمالهم ومذاق القهوة الفاخرة التي يذهبن بها عقله،
يخزه قلبه مع أول لمسة من إحداهن و هي تقدم لائحة احتياجاتها،
ينزعج، يلوح بيده حتى لا يبقى أثر للدخان،
ثم يسحب شفة أخرى من سيجارته و يعيد يديه إلى الوراء، ليحصل على الاسترخاء الكامل.
السيجارة: ما رأيك يا سيدي بشراء نادي كرة قدم و شراء اللاعبين المحترفين الذين تحبهم، والفوز بالكثير من البطولات،
زيكو: يبتهج...و خلال ثانية يجد نفسه مع ميسي و رونالدو
ويتعاقد مع بيب غوارديولا كمدرب لفريق الكرامة الحمصي
ويبدأ بتدليعهم وهو يوزع المراكز
أبو الميس إنت صانع ألعاب
ميسي : أمرك معلم.
أبو الرور إنت هجوم طويل وبتعرف تنطح كويس
رونالدو : كبير يامعلم.
يقترب منه غوارديولا قائلا: مافي منك يامعلم بتعرف تحط الرجل المناسب بالمكان المناسب.
زيكو ينفش و يطبطب على كتفه قائلا : نريد نتائج.
غوارديولا : صغيرة معلم.
يدخل زيكو أول مبارة للفريق الكل سعيد إلا رئيس إتحاد الكرة، بعد ٦ دقائق الحكم يطرد الحارس، ويطلب عدم الاعتراض فالحارس خلع قميصه بعد هدف ميسي
ولأنه ابن رئيس الفيفا السابق يستحق الطرد
ولشدة تعصيب زيكو يلوح بيده فتفر سحب الدخان،
يسحب شفة أخرى و يضع رجلا على رجل و هو مستلق على ظهره.
السيجارة: ما رأيك ببناء مدرسة ضخمة مجهزة بأحدث الكوادر واللوازم العلمية،
انتعشت الفكرة في دماغه، وراح يتجول في أبنية المدرسة و صفوفها، و عندما نزل إلى الباحة شاهد طالبين يهربان من فوق سور المدرسة،
تذكر عندما كان يشحد على باب المدرسة، كيف ترمى الكتب و تمزق بعد انتهاء الامتحانات،
وكيف كان يبكي لأن أولاد اليوم يفعلون هذه الأشياء بكتب كانت الشغل الشاغل لظمأ عينيه ،
فهو يشحد طويلا ليقتني كتابا، ويسهر على قرائته في الليل،
و حتى لا ينفعل حلقت أسراب الدخان هاربة،
سحب الشفة الأخيرة ،احترقت شفته، انتفض واقفا من نومه،
و تمطمط قائلا: لعن الله الجوائز و الغنى، لقد انتصف النهار،
كيف سأعوض ما أشحده في يوم حرم صباحه من زقزقة كعاب المسؤولين ، فكل الكرماء الآن خلف الكراسي.
* أحمد اسماعيل
سورية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.