الصفحات

شجرةٌ أنا.. من صُلبِ غابةٍ ...*ريتا الحكيم

⏫⏬
كما لو أنَّ التُّرابَ يتأفَّفُ من حُزنِنا
يرتمي على جُثثِنا ولا يغمضُ لهُ جفنٌ

يُحصينا.. ويُمَسِّدُ خصلاتِ الوجعِ على جبينِ الأرضِ
تتفتَّحُ غاباتُ الوحشةِ فنتهاوى منها أغصانًا يابسةً
لسنا سوى أحزانٍ تمشي على مَضَضِ الأيَّامِ

أرضى بكَ أيُّها الحُزنُ لو تأخَّرتَ قليلًا
كعاشقٍ خائنٍ.. وعَدَ وأخلَفَ
لكنَّكَ كنتَ وفيًّا.. وكنتُ غبيَّةً
وكان الزَّمنُ مُستبدًّا أحمقَ
يبتلعُ لسانَ الحكمةِ ويلسعُني بعقاربِهِ
أصمتُ الآن لأواريَ الكلامَ مثواهُ الأخير
لكنَّ الأصواتَ البعيدةَ تورقُ في حُضني
أهربُ كصرخةٍ لم تُكتَبْ لها النَّجاةُ من سوداويةِ النَّحيبِ
أُطلقُ أسرابَ عَجزي في قاعِ النَّدمِ
وأنسجُ للوطنِ الواقفِ بينَنا عباءةً من ظلِّي

أسألهُ: أما زلتَ ترقبُني وأنا أزحفُ على حدودِكَ؟
أنا العالقةُ ببن أنيابِ الغربةِ.. بكَ أستنجدُ
أملأُ دِنانَ الصَّبرِ
كي لا تتَّهمَني الطُّرقاتُ يومًا بالجحودِ
أنا التُّهمةُ الباطلةُ التي أطلقها الحنينُ ولاذَ بالفرارِ
أتقاسمُ الحيرةَ مع كلِّ الأسئلةِ والأجوبةِ
لأختمَ فصلًا من روايةٍ طويلةٍ تنفي عنِّي جريمةَ اقتباسِ
موتِ من ذرَّاتِ تُرابٍ أطبقتُ عليها أجفاني
وألجَ مقبرةً تتَّسعُ لأمنياتي
وأدفنَ معي يقيني
بأنِّي شجرةٌ من صُلبِ غابةٍ
تَشُقُّ صدرَها بأصابعِ حُزني

*ريتا الحكيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.