الصفحات

سناء ... * بقلم: عبير صفوت

⏫⏬
كفت عيون الأم التي بكت مطولا وهي تترصد ابنتها المسجية علي مرقد الموت ، تتأسي بتلك الفتاةالمسكينة ، التي عندما احبت بصدق ، كان مرسها حالة مرزية .

ولم تتناسي هذا الصباح الذي تراقصت به سناء بكل الحب ، و بكل امان وصدق ، عندها جذبت سناء يد الأم وتراقصا سويا ، وهي تهمس للنسيم و تقبل الشمس ، ماما ماما انا احب يا ماما .

انما تيبست الأم كأن صاعقة دوت الأسماع ،سقطت تتهافت بالبكاء ، حيث تنبهت سناء بسؤال يحجب بينها وبين الفرح متسألة وهي مشدوة : ماما لماذا تبكي ، ما الذي حدث ؟!

امسكت والدة سناء عن البكاء وهي تلتقط انفاسها ، قائلة : كل الحكايات تؤكد ، ان ابنتي الوحيدة احبت .
سناء تتعجب وتنبهر : اذا انها ليست مشكلة .

والدة سناء تعاود للبكاء وهي تعبر باناملها المعروقة متخوفة : الا تدركين ما هو الحب ؟!
الا تدركين؟! لماذا الرجل يقول للفتاة ، انا احبك .
الا تدركين ما بعد الحب يكون .

ونتيجة الحب المزهلة ، الا تعلمين يابنيتي ، ماهي النتيجة ؟! انها بالطبع مشكلة .

سناء لا تستوعب مما سمعت قائلة بتحدي ، وبكل تلك الأحساس الذي يتجاوب مع انهمار الدموع الساخنة والصوت المختنق الذي يكاد ان يطهق :
ماما الا تعلمون معني الحب ، الا تعلمون معني القلب عندما يدق ، الا تعلمون معني الأمان والثقة ، الا تعلمون القرار والأيمان بهذا الحب ، ماما ابدا لم احب من قبل ، انما الأن انا احب ، احب يا ماما .

تنبهت الأم عائدة من مضيها ، الي ابنتها الوحيدة ، وهي ترقد بالمشفي ، تري في عيونها الضباب وفي وعيها الغياب ، وفي جسدها جثة متأهبة للرحيل ، وقالت وهي تنظر لسماء : سبحان ربي الحافظ .

حينها رأت ابنتها تتجسد في عنفوانها وهذا العناد الأكيد ، تصارع العالم بكل اسلحة المقاومة ، صوتها يتردد بالبراح : لا تتحدثون كذلك عن الطهر ، لا تتحدثون عن عمري وحياتي وكل العالم ، ماذا تقولون !؟ ان العالم كاذب ، ان الحياة كاذبة ، ان الحب والصدق كاذبان ، ماذا تقولون عن حبيبي ؟! انه ابدا لا يخطئ .

لم تسع الام الا وهي قائلة : البراهين يابنيتي ، للأسف تلك هي البراهين .
حتي قالت سناء : أئتوني ببرهانكم هذا .

قالت الام كلمات قطعت بها حبل وريد العشم ، وقتلت اللحظة الوحيدة المتبقية في قلب ابنتها من حب وكبرياء يعانق هذا الحب في صمود : انزعي تلك الأفكار ، فقد تزوج حبيبك بأخري .

لم يسع وحيدتها الصدمة المدوية ،حتي تلاشت في صمت تعدي الأعوام ، و بقاية فتاة مسكينة راكدة جسدا بلا روح بلا احساس و بلا ادني حركة ، لا تري الا وجها واحدا وكلمة اخيرة واحساس واحد و صوت واحد يردد دائما : سناء احبك سناء ، احبك ، أحبك .

نظرت الأم نظرة مودع وهي تهم الرحيل ، قائلة : سناء ، سناء هل تودين شئ ؟!

ارتعشت اجفان سناء ودمعة حارة انهمرت من مٱقيها ، كأنها تعترض علي هذه المواجهة القاسية التي القت بها الأم في وجه ابنتها ، قنبلة تدوي الأسماع ، وتنزع القلب من ارضة التي كان يحيا ، في جنة نعيم ثباتها الحب .

*عبير صفوت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.