الصفحات

عليه العوض ...* أحمد جميل الحسن

⏬⏫
-"منّو العوض وعليه العوض" يا آمنة لقد فعلها ابننا " علي " معك كما فعلها معي،قال لزوجته أنك متسولة كما قال لها عنّي ذلك،عوضنا بالله يا آمنة.

أطرقا وبكيا بصمت .
أيقظتها زريفة البدر التي تبعتها من نوبة بكائها الهستيرية:
-"أم علي وكلي الله، الدنيا بألف خير، أبو علي شبع عمر الله يجعل مأواه الجنة،من خلّف ما مات،طولة العمر لعلي".
صرخت أم علي من قحف رأسها :"علي مات مات من زمان"
صفنت زريفة البدر وظنّت أن مساً من الجنون قد أصاب المرأة حزناً على زوجها،لكنها لمست شيئاً أكبر من الحزن بكثير،لاحظت،يأساً يعشش في ثنايا وجهها الذي أرهقته الأيام والليالي،وقهراً يخطف بريق عينيها اللّتين طالما كانتا محلاً لغزل الرجال ولاحظت أيضاً أنّ القهر والحزن يتزاحمان فيهما ، وحرقة تلذع كبدها ، وجرحاً نازفاً يقرّح قلبها،أيقنت زريفة أن هذه المرأة تعيش مأساة كبيرة قبل وفاة زوجها بكثير،تأبطتها أدخلتها البيت،كنسته فرشت الحصيرة الوحيدة وضعت فوقها الفرشة الصوفية الكبيرة التي تغيرت بطانتها مرات عديدة،وضعت مخدتين تجاه القبلة،ثمّ خرجت على عجل.
استكانت أم علي عندما رأت الرجال يحملون نعش أبي علي قادمين به إلى بيته،ولمحت زريفة البدر تحمل قماشاً أبيض وبيدها الأخرى "سخاناً" من التوتياء،ورأت أبو فتحي القرعاوي مغسل الأموات قادماً، شاكلاً دمايته محني الظهر بالكاد يجر رجليه.
اقتربت منها زريفة وهي تجلس قرب رأس أبو علي وهمست في أذنها:"كل شي جاهز،أبو عقل في المقبرة يحفر القبر الآن، أهل المخيم كلهم أهلك" .
ألقت برأسها على صدرها وأطلقت العنان لدموعها.

* أحمد جميل الحسن

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.