الصفحات

وسام أبو حلتم .. ومحسن عبد المعطي محمد عبد ربه في رسائل إلي ملك الموت

{1} 
رسائل إلى ملك الموت ..لـ الأديبة الأردنية  وسام أبو حلتم

الرسالة الأولى:
تصدير:
إذا القُلوب أُفْرِغَت من سكّانها، صار ليْلُنا بلا فجرٍ وحياتنا صَلوات بلا تهجّدٍ وحدودنا بلا أُفق.

هنا الفراغ، هنا جَلْجَلَةُ الرّيح في العقولِ الخاوية.
هنا الموت الذي لا جنّات نوعَد بها بعده.
--
لا أعرف لِمَ تتلازم عندي الرّغبة في البُكاء مع الكتابة؟
فِعلان يترادفان في تَتابُعٍ حيويّ.
ربما هو الوجد الضاجّ بالمشاعر، والعقل الذي يكسُوه موجٌ من الأسئلةِ و رغبةٌ ملحّة في حديث النّفسِ مع الذات.
قررت الكتابة للمجهول، فالواقعُ أنَّ ما مِن أحدٍ منّا يكتب لمعلوم حتى وإن تَهيأ له ذلك!
سأكتب لشُخوصٍ عرفتُها أو لم أعرِفْها الأمر سيان إذا تعلق بِبَلادَة المشاعرِ وغباء العقل، للمجهول للماضي سأكتب، لصديقٍ لم أَرَهُ يوماً ولم يكلِّمْه قَطُّ لساني، ستكون حروفي أكثر وفاءً.
إليكَ أيُّها القريبُ البعِيد الغريب الصّديق المُتَجاهل المدرك لكلّ الأشياء، سأكتب لكَ في رسائل اعترافي كلّ ما عرَفْتَه عنّي ومَا لَم تعرفْه بعدُ علَّها تكونُ صُكوكَ غفراني.
صديقي، إليكَ أولَى رسائلي:
لم أكنْ أتوقَّعُ يوماً أن تصل وحدتي إلى هذا البُعد، أن أكتبَ لغريبٍ ومجهول هوية ما كنت أخطّه لأحباب وأصدقاء لم يعد استجداء حضورهم مُجديا فكلّ الوسائلِ لمْ تعد تؤدّي دورها كما كانت سابقاً، لا البكاء ولا الانطواء، ولا كثرة اهتمامي بهم ولا قِلَّتُه، لا لَفْتُ انتباهٍ ولامبالاة، اعتدت دوري الصامت أمام شاشة حضورهم.
لم أكن أظنّ يوماً أنِّي سأفقِد مَنْ خُضْتُ لأجلهم أشدّ المعارك خسارة وأكثر المغامرات حُمقاً حتّى بات لكل مَوطِئِ ذكرى من تلك الخسائر والمغامرات فَتْق على شِغاف قلبي وجرحاً ينزف بمداد حروفي.
أنا التي لطالما كتبتُهُم بين السّطور لأُخْفِيَ قصصهم عمن يقرأ وينصت لما أَنجبَه عقلي، وتناسَل من خيالاتي، لم أكن أدرك أن الحِبرَ في محبرتي مسمومٌ وأنَّ الرِّواية ستنتهي بمَقْتَلي.
لو تعلمُ أيّها البعيد كمْ أمطَرتُ بسبب غيابهم وبسبب النتائجِ المترتّبةِ على مغامراتي ومعاركي التي عِشْتُها بسببهم.
أمطرْتُ حتَّى ماتَ القلبُ غرَقاً، وبكيتُهم حتى ابيضَّت العينان وتحَجَّرَ الدّمع في المُقَل.
كم تنازَلْتُ لغرورِ غيابهم وكبرياءِ حضورِهم.
كم..وكم لثَمْتُ زفَراتِ روحي بخَيْبَاتِهِم لِلَهْفَتِي علَيْهم حينَ كان حضورُهم خاطفاً لا يسدُّ جوعَ شَوقي لهم.
--

{2} 
رِسَالَةٌ إِلَى مَلَكِ الْمَوْتْ ..للشاعر محسن عبد المعطي محمد عبد ربه 

أَنْتَ بِأَمْرِ اللَّهِ مُسَيَّرْ = فِي قَبْضِكَ لَا لَنْ تَتَخَيَّرْ
إِنْ تَأْخُذْ أَغْلَى أَحْبَابِي = لَنْ أَسْأَلَكَ وَلَنْ أَتَغَيَّرْ

رَبِّي خَلَقَ الْمَوْتَ حَكِيماً = يَبْلُونَا مَنْ يُمْسِي الْأَخْيَرْ
أَنْتَ أَخِي فِي اللَّهِ حَبِيبِي = لَوْ أُبْغِضُكَ أَكُونُ الْأَخْسَرْ

مَهْمَا نَفْقِدْ مِنْ أَحْبَابٍ = لَنْ نَغْضَبَ لَا لَنْ نَتَجَبَّرْ
أَمْرُ اللَّهِ مُجَابٌ حَتْماً = لَنْ نَطْغَى لَا لَنْ نَتَكَبَّرْ

إِنْ تَقْبِضْ رُوحِي مُؤْتَمِراً = أَمْرَ اللَّهِ بِفِعْلِكَ تُؤْجَرْ
أَهْلاً مَلَكَ الْمَوْتِ حَبِيبِي = أَهْلاً أَمْرَ اللَّهِ الْأَقْدَرْ






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.