⏬
*جهاد الرنتيسي
مثل نبتة مزروعة في إناء زجاجي يطل عالم فلسطيني منسي من وراء “باب الليل” الذي اختاره الروائي وحيد الطويلة اسما لروايته التي تدور معظم أحداثها في مقهى تونسي .
بمبضع الجراح الذي يشق طريقه إلى علة الجسد يعيد الطويلة اكتشاف تلك الكائنات المعلقة بلا جذور تشدها إلى الأرض أو أجنحة تتيح لها الطيران إلى حيث ترغب أو يفترض أن تكون .
وبعين فنان تشكيلي يبحث عن الشظايا المتناثرة، ويعيد تجميعها في لوحة عمقها الوجع، ينفذ إلى أعماق فلسطينيين القتهم السفن في غفلة من الزمن على شواطئ تلك البلاد بعد انتصار زائف، وعادت دونهم .
يمنحون مقهى “لمة الاحباب” الذي يعرفه البعض بمقهى “الأجانب” معنى يليق بغربة المحشورين في أحلامهم المجترة ، الذين لا صفة لهم، ولا مكان على الأرض .
يتحدث الفلسطينيون الذين اختارهم الطويلة أبطالا لروايته بصوت خفيض، ثم ينسون، فهم يعيشون في المؤقت، وتثقل ذاكرتهم الأحداث التي تحولت إلى شريط سينمائي، تقطعت أوصاله .
الأفق مغلق أمامهم، لكنهم يحاولون مغادرة يأسهم، وراء سراب هنا، أو وهم هناك، عل المحاولة تصيب يوما، وينتهي دورانهم في حلقة مفرغة من كل شيء، سوى انتظار بلا معنى .
يختصر وجودهم في ذلك المكان تاريخ عبثي لهزائم تجر الخيبات وراءها، فهم أصحاب الأسماء المكتوبة بالأحمر في القوائم الاسرائيلية، والمشطوبة بالأحمر في القوائم الفلسطينية، وبذلك يميزهم عن رفاقهم المدرجين على القوائم البيضاء، والعودة التي حظيت بها الفئة الثانية على الأولى ليست سوى رحيل في الغموض.
يمعن في التمييز بين نموذجين من المناضلين، بعضهم تعددت جبهاته بتعدد محطات ثورة بساط الريح، وآخر لا يعرف من النضال سوى الذي يخاض على المنابر ومقاعد المقاهي، ليكتمل وصف الطريق الذي يؤدي إلى اللاشيء.
لا يكتمل المشهد بغير تشبيهات ومقارنات كائنات ليل وحيد الطويلة الفلسطينية التي تجد ما يجمع بنات الهوى مع مفاوضين وسياسيين ما رف لهم جفن وهم يضيعون قضيتهم.
يختلف الأمر حين تتحول التشبيهات إلى مقارنات حيث ترجح كفة ميزان المومسات باعتبارهن صاحبات تجربة ويحتفظن من القيم بما يفوق الطرف الآخر في المقارنة .
جزئية الحضور الفلسطيني لم تحل دون اكتماله المؤثث بدوافعهم لتجاوز هامشيتهم، انفعالاتهم، خلفياتهم، همهم الإنساني، وانسداد الطريق أمامهم، وفي أحيان كثيرة يتحول المقهى إلى مسرح لمآلات قضيتهم، تكتمل مناخاته بالعاهرات والمخبرين، والمتشبثين بأذيال ثوب السلطة الآخذ في الانكماش.
بروايته باب الليل قدم الطويلة قطعة مفقودة من لوحة الفسيفساء الفلسطينية التي بعثرتها المنافي ورغبة في النسيان يمليها تعب الذاكرة والإحباطات المتلاحقة وثقافة المسكوت عنه وفي ذلك خدش اخر لتابوهات آخذة في التهشم لتتحرر الذاكرة الفلسطينية من القداسة والسلطة .
*جهاد الرنتيسي
مثل نبتة مزروعة في إناء زجاجي يطل عالم فلسطيني منسي من وراء “باب الليل” الذي اختاره الروائي وحيد الطويلة اسما لروايته التي تدور معظم أحداثها في مقهى تونسي .
بمبضع الجراح الذي يشق طريقه إلى علة الجسد يعيد الطويلة اكتشاف تلك الكائنات المعلقة بلا جذور تشدها إلى الأرض أو أجنحة تتيح لها الطيران إلى حيث ترغب أو يفترض أن تكون .
وبعين فنان تشكيلي يبحث عن الشظايا المتناثرة، ويعيد تجميعها في لوحة عمقها الوجع، ينفذ إلى أعماق فلسطينيين القتهم السفن في غفلة من الزمن على شواطئ تلك البلاد بعد انتصار زائف، وعادت دونهم .
يمنحون مقهى “لمة الاحباب” الذي يعرفه البعض بمقهى “الأجانب” معنى يليق بغربة المحشورين في أحلامهم المجترة ، الذين لا صفة لهم، ولا مكان على الأرض .
يتحدث الفلسطينيون الذين اختارهم الطويلة أبطالا لروايته بصوت خفيض، ثم ينسون، فهم يعيشون في المؤقت، وتثقل ذاكرتهم الأحداث التي تحولت إلى شريط سينمائي، تقطعت أوصاله .
الأفق مغلق أمامهم، لكنهم يحاولون مغادرة يأسهم، وراء سراب هنا، أو وهم هناك، عل المحاولة تصيب يوما، وينتهي دورانهم في حلقة مفرغة من كل شيء، سوى انتظار بلا معنى .
يختصر وجودهم في ذلك المكان تاريخ عبثي لهزائم تجر الخيبات وراءها، فهم أصحاب الأسماء المكتوبة بالأحمر في القوائم الاسرائيلية، والمشطوبة بالأحمر في القوائم الفلسطينية، وبذلك يميزهم عن رفاقهم المدرجين على القوائم البيضاء، والعودة التي حظيت بها الفئة الثانية على الأولى ليست سوى رحيل في الغموض.
يمعن في التمييز بين نموذجين من المناضلين، بعضهم تعددت جبهاته بتعدد محطات ثورة بساط الريح، وآخر لا يعرف من النضال سوى الذي يخاض على المنابر ومقاعد المقاهي، ليكتمل وصف الطريق الذي يؤدي إلى اللاشيء.
لا يكتمل المشهد بغير تشبيهات ومقارنات كائنات ليل وحيد الطويلة الفلسطينية التي تجد ما يجمع بنات الهوى مع مفاوضين وسياسيين ما رف لهم جفن وهم يضيعون قضيتهم.
يختلف الأمر حين تتحول التشبيهات إلى مقارنات حيث ترجح كفة ميزان المومسات باعتبارهن صاحبات تجربة ويحتفظن من القيم بما يفوق الطرف الآخر في المقارنة .
جزئية الحضور الفلسطيني لم تحل دون اكتماله المؤثث بدوافعهم لتجاوز هامشيتهم، انفعالاتهم، خلفياتهم، همهم الإنساني، وانسداد الطريق أمامهم، وفي أحيان كثيرة يتحول المقهى إلى مسرح لمآلات قضيتهم، تكتمل مناخاته بالعاهرات والمخبرين، والمتشبثين بأذيال ثوب السلطة الآخذ في الانكماش.
بروايته باب الليل قدم الطويلة قطعة مفقودة من لوحة الفسيفساء الفلسطينية التي بعثرتها المنافي ورغبة في النسيان يمليها تعب الذاكرة والإحباطات المتلاحقة وثقافة المسكوت عنه وفي ذلك خدش اخر لتابوهات آخذة في التهشم لتتحرر الذاكرة الفلسطينية من القداسة والسلطة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.