الصفحات

قراءة في قصيدة توبة قابيل للشاعر الفلسطيني عمار خليل

   توبة قابيل

هُما طفلان
مُلتصقان في المشفى ،

وأمهما لدمع الحزن ساكبة
لتزرعَ في صُداع الروح أمنية ً
لـيـفـتـرقا !؟..
**
يقول : طبيب أطفالٍ
- وقد ذ ُهلت ملامحُهُ -
بأنـّهما ..
بقلبٍ واحدٍ خَــفـَقـَـا !! ..
**
يُخيّم في
فراغ الصمت صمت ٌ،
كلّ مَن في
صدمة الميلاد مرتقب ،
ولم يدروا ..
بأنهما لمعنى الحب قد خـُـلقا .

الجنس الأدبي — قصيدة تفعيلة على بحر الوافر

يرتبط إسم قابيل بالذنب والإثم حيث ارتكب أول جرائم الأرض، فكان كمن سن قانون القتل وشرعه على هذه الأرض، وما وصل إلى القتل وإنهاء حياة الآخر الذي كان يتمثل في أخيه إلا بعد مسيرة طويلة من الحقد والكره والحسد، امتلك تلك المشاعر عاشها وورثها ل خلفه من بعده من بني البشر ...اعترف قابيل بذنبه حسب الشاعر وها هي (توبة قابيل )
عنوان مشوق لقصيدة موزونة ذات فكرة عميقة لحقيقة تاريخية أزلية، أرقت الأقلام والعقول لما بها من أثر في النفس البشرية .
في مطلع القصيدة يستدر الشاعر عاطفة القارئ نحو الأطفال فليس منا من لا يملك هذه العاطفة المتمثلة في الحب والرحمة والشفقة، هما طفلان
ثم يأتي مباشرة في تصوير المشهد لنرى أنهما في مشفى جسدان ملتصقان فتنطبع الصورة في مخيلة القارئ تغلفها عاطفة الحب والشفقة ،وأكمل صورته الخيالية للأم وهي تسكب دمع الحزن بلغة شعرية فصيحة وإيحاء بمدى رغبة الأم ودعائها بأن يكون هناك إمكانية لفصلهما فتعتري القارئ عاطفة الأمومة المكلومة ،فبعد عناء الولادة كان من الطبيعي أن ترتاح هذه الأم في سريرها بجانب وليدها، لا أن تكون في انتظار طبيب الأطفال، حيث جعلنا الشاعر ننتظره مع الأم بلهفة وترجي،والنظر يسبق الصوت ،فتقرأ الأم معالم وجه الطبيب المذهولة
يقول: طبيب أطفال
-وقد ذهلت ملامحه-
بأنهما ..
بقلب واحد قد خفقا
تتواتر عاطفة الحزن والألم والخيبة وينقطع الأمل ليدخل الجميع في حلقة الفراغ واللاحيلة، يعيش القارئ صدمة الولادة المرتقبة .
فكلمة الميلاد المنتظر تفصح عن العديد من المشاعر والتحضيرات والاستعدادات لاستقبال مولود جديد ...ثم تكون خيبة الأمل .
الأخوة هي رمز المحبة يكون الإخوة على قلب واحد وإن تعددت الأجساد وهو المعنى المجازي للوحدة والحب، لكن في القصيدة جاء هذا المعنى حقيقيا قلب واحد لجسدان ،فالقلب هو مركز الحب والأحاسيس ...وهنا تكون التوبة ،يكفر قابيل عن ذنبه بالتصاقه في جسد أخيه واتحاده به يقاسمه ذات القلب يعيشا به ما عاشا.
ولم يردوا...
بأنهما لمعنى الحب قد خُلقا.

*فاطمة عبد الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.