الصفحات

عَبّارة الموت ...** الشاعر رمزي عقراوي


 إلى كوارث الموصل التي لا تنتهي أبداً 

يا دجلة الموت !
أيها النهرُ الشقيُّ العنيدْ
منذ زمنٍ بعيدْ ---
وأنتَ تجري في غَضبٍ شديدْ

لقد ظلمتَ أطفالَ السفينة
وهُم يتمنَّوْنَ السَّعادةَ
ويُغنّون النشيدْ ---
لكنك ثُرْتَ كالثورِ الهائجِ بِوَجْهِهِمْ
في هذا اليوم السَّعيدْ ---
والناسُ تحتفلُ في عيدِ نوروزٍ
وهِيَ تسعى الى السّرورِ والفرَحِ الوَلودْ
لكنَّكَ أغرَقْتَهُم في أعماقِ الظلام حسْبما تُريدْ !
***
يا دجلة الموت !
يا أيها النهرُ البئيس !!
إنْ غَدَرَتْكَ دولُ الجِوار
فآجعلْ قلبكَ في العراقِ
كقلبِ الأمِّ الرؤوم
ومثلَ قلبِ الأبِ الوَدودْ !
وهكذا بدا الموتُ الجماعي
يُرِفْرِفُ فوق أمواجِكَ الغادِرة
بكلِّ قوّةٍ وجبروتٍ وغضبٍ عَنودْ
ويبدو أنكَ قد ظمِئْتَ أيها النهرُ التعيس
إلى شذى أرواحِ أطفالٍ
كانوا قبلَ لحظاتٍ كالورودْ !
وقد كان حَرّيٌ بكَ إذا ما ظمِئْتَ
أنْ تُروى من المنبعِ العذبِ
قبل الثوَرانِ والهيجَانِ العتيدْ !
فآمتزجتْ مياهكَ السَّوداءُ
بدموعِ الأمّهاتِ الثكالى والأيامى
وآنتشرَ الحُزنُ في العالَمِ المنكودْ
فهل الموتُ في أحضانكَ أيها النهرُ العِملاق
مهدٌ وثيرٌ تنامُ فيها الكائناتُ التي تبغي الخلودْ
***
يا دجلة الموت !
أيها النهرُ الشقيُّ التَّعيس
نحنُ العراقيين قصَّتُنا قِصَّة حزينة
ليست لها أصولٌ أو حدودْ ---!
وها قد جِئْتَ خرَّبْتَ المدينة
وحاصَرْتَ فلذاتَ أكبادَنا ---
وبين أمواجِكَ الهادرة
أقفلتَ عليهم سبيلَ النجاةِ من جديدْ !
فهنالِكَ في الأعماقِ ينتظرُ الموتُ الزُّؤامُ
كي يَضُمَّ القلوبَ إلى صَدرهِ
ليداويها من الألأم والجروحِ والقيودْ
ويبعثُ لأصحابها قروحَ الحياة
ويَحزنُها بالحسَراتِ والنَّدَمْ ---
طولَ الحياة ---
فهلْ من نهايةٍ للمآسي والكوارث
أم سَتظلُّ تطلبُ المَزيدْ ؟؟؟

*رمزي عقراوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.