الصفحات

آخر الليل ــ قصة قصيرة ...** ناديا ابراهيم


منذ توفيت زوجته وهو ينبش ذاكرة لا تنام ، يداري روحا متعبة من التشظي والانكسار حتى ملت وصارت تدفعه للخروج من أجواء البيت ،إلى شوارع المدينة الساهرة ، كل مساء يسير في خضم البرد والمطر ،وكلما مر أمام ذاك البناء المطل على الحديقة الصاخبة

بالزوار ،كان يقف ينظر إلى الأعلى نحو نافذة مغلقة، فيتذكر حبا تخلى عنه ذات يوم عندما كان في الجامعة، فيتمنى لو يراها ولو مرة  واحدة، ليعتذر لها عما مضى ربما
يسألها:
_ ترى هل مازالت تفكر به ؟
لعن الفقر وضيق الحال وقلة الحيلة يوم ارتبط بامرأة غنيه تكبره بعشر سنوات ،لماذا
باع حبها وتخلى عنها ؟
فهي لم ترتكب ذنبا حتى يعاقبها عليه سوى أنها وهبته قلبها ومشاعرها الصادقة،
توقف أول الحي في مكان منعزل،بعيدا عن عيون الناس،كان الليل قد هبط وأرخى
شعره الأشيب على الأزقة والكائنات، وما تزال الهواجس تغتال هدوءه، فيما
لو تفتح له الشباك ويشاور لها بيده ويلتقيان في الحديقة كما كانا يفعلان منذ زمن مضى،
وبينما كانت روحه تلهث في رمادها، والشوق يفتت أعصابه كضربات معول في أرض
يابسة، اقتحم عليه خلوته شرطيان،وألقيا القبض عليه وهو ينشد للقلب أغاني الربيع
والأشواق،حالما بمرج أخضر من السنابل الخضراء، ظنا منهما أنه الشاب الذي تعود التحرش
بالنساء في كل زقاق،لكنهما اعتذرا منه بعد أن تبين لهما أنه مصاب بمرض الاكتئاب
لحظة اتصل بطبيبه الخاص يطلب منه الحضور بسيارته ،ليخلصه من حالة الذعر
والاضطراب التي أوقعته في ورطة لا تغتفر.

* ناديا ابراهيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.