الصفحات

لماذا أعشقُ بُعدي عنكَ ؟ ...** ريم ربّاط


بحجَّةِ طولي الذي يزيدُ قليلاً عن زملائي في الصّفّ ،
كانت معلّمتي تأمرني بأنْ أجلسَ في المقعدِ الأخيرِ
هكذا تعوّدتُ أنْ أرى المعلّمةَ من بعيدٍ

كما مرّنتُ عينيَّ لأرى جيّداً-من بعيدٍ- كلّ ما كُتِبَ على اللّوح الصّفّيّ مهما صَغُرَ حجمُ الكلماتِ
و للسّببِ نفسه كان عليّ الوقوف في آخر الرّتل أثناء تأديةِ تحيّةَ العلمِ
و أحببتُ مكاني هذا فأنا أستطيع من خلاله أن أرى جميعَ الموجودينَ في الباحة
و منذ ذلكَ اليومِ و أنا أهوى الصّفوفَ الأخيرة !
أدخل إلى السّينما و لا أقبلُ الجلوسَ إلّا في الصّفّ الأخير
من القاعة
أذهبُ إلى المطعمِ و أختارُ آخرَ طاولةً فيه ،
حتّى أنّي بتّ أكره الطّاولات المستديرة ، لأنّ لجميعَ كراسيها البُعد نفسه عنها !
و أتذكّر مرّةً أنّي غادرتُ حفلةً موسيقيّةً قبل أنْ تبدأَ ... فقط لأنّني اضطررتُ إلى أنْ أجلسَ في الصّفوفِ الأماميّةِ .
أتفحّصُ الحافلةَ قبل الصّعودَ إليها ،
إنْ لم أجد كرسيّاً شاغراً ضمنَ المقاعد الأخيرة فأنا لا أصعد أبداً حتّى إنْ تأخّرتُ عن موعد امتحاناتي !
برضاي التّامّ أسمحُ لجميعِ مَن حولي في المحال التّجاريّة أنْ يتقدّموا ليدفعوا حسابهم قبلي
هكذا أكون آخرَ شخصٍ يدفعُ الحسابَ .
حقّاً -و لأسبابٍ لا أعرفها -أنا أهوى البُعدَ عن الجّميع و عن كلّ شيءٍ
كما أنّني أهوى الصّفوفَ الأخيرة

كلّ ما ذكرتُه سابقاً هو محضُ هراءٌ
أنا فقط أحاولُ أن أقول :
كمكانةِ الأنبياء للمعلّمين ، و كقدسيّة عَلَم بلادي ، و كضرورة العِلْمِ ، و كسحرِ السّينما ، و كتأثيرِ الموسيقا في روحي ،
و كالزّادِ ............ أنتَ !
كلّ ما ذكرتهُ سابقاً هو فقط محاولةٌ منّي لأقنعَ نفسي و أقنعكَ
بشيءٍ واحدٍ ... هو :
لماذا أعشقُ بُعدي عنكَ !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.