الصفحات

أنا رجل ..** بقلم :صفاء عبد السلام فرحات



لوهلة عابرة ظننت ظنا سرعان ما تراجعت عنه حيث أدركت أنني أسلك دربا من دروب الخيال, فقد ظننت أن بعضا ممن يطلق عليهم “ذكورا” أصبحوا “رجالا” يحترمون آدمية المرأة التي سخرها لهم المجتمع في هيئة “زوجة” وأن العنف الجسدي تجاه تلك
الزوجة قد اختفى عرفانا من الزوج لها بما تقوم به من تبادل الأدوار بينها وبين الرجل “الزوج” الذي يعدهو المسئول عن توفير حياة كريمة لأفراد أسرته , ولكن مع الأسف ففي ظل مصاعب الحياة وجب على الزوجة مشاركة زوجها المسئولية والسعي معا للتغلب على هذه المصاعب , وفجأة ينسحب الزوج “الرجل” من الساحة ويترك الزوجة وحدها.. فقد أصبحت الزوجة هي المسئولة مسئولية كاملة عن استمرار الحياة الأسرية برغم ما تتكبده من عناء ومشقة وجهد بدني ونفسي في سبيل تحمل تلك المسئولية التي أسندها إليها المجتمع في بعض المجتمعات المتدنية في مستواها الفكري والديني قبل أن يلقيها عليها الزوج حيث أنها يجب أن تكون صبورة وتستطيع تحمل قوامة “الرجل” فالرجال قوامون على النساء, وما ذلك إلا لأن تلك المجتمعات قد فهمت هذه القوامة على أنها القوة التي يمارسها “الرجل” ضد المرأة على هيئة سلطة وتحكم وإهانة جسدية ونفسية دون أدنى حق للمرأة في رفض ما تتعرض له من سلب لآدميتها كبني آم بصفة عامة أو كامرأة بصفة خاصة تحمل من المشاعر المرهفة ما اضطرت هي نفسها أن تتخلى عنه ولم تعد تلتفت إليه حيث أن مهامها الغير منتهية لتوفير الأساسيات المعيشية لا تسمح لها حتى بالتفكير في نفسها كأنثى فهي إذا تمردت على هذا الوضع المهين بين مطرقة الضياع في شوارع المجتمع بأطفال مشردة وبلا مأوى وسندان زوج لم يعي من الميثاق الغليظ الذي التزم به عند عقد القران بها إلا أنه “الرجل” وأن الرجال قوامون على النساء ولم يلتفت إلى أن هذا الميثاق على سنة الله ورسوله وهذا الميثاق يلزمه بأن النساء لهن مثل الذي عليهن بالمعروف وأنه كما على الزوجة من واجبات فأيضا لها حقوق على زوجها يجب عليه الالتزام بأدائها وأن معنى كلمة زوج يعنى بناء واحد مكون من قطبين غير منفصلين وأن هذا البناء هو اللبنة الأولى في الكيان الأسري والذي تقوم من خلاله الطريقة التي تتم بها تربية الأبناء لاحقا, وهؤلاء الأبناء في هذا النمط المجتمعي الخبيث إما أن يكونوا ذكورا يرثون سلوك آبائهم الإتكالي أو إناثا يرثون سلوك أمهاتهم كمغلوبات على أمرهن ولا نبالغ القول بأن الأمهات انفسهن لهن الدور الأبرز في تكوين تلك الشخصية من خلال طريقة تعاملهن مع الواقع المرير بكل استسلام , وهذا الكيان يعد بدوره لبنة أولى في البناء الاجتماعي الذي يقوم فيه العقل الجمعي بالسبات العميق تجاه ما يحدث من خلل, وبالرغم من كل هذه التضحيات لا يقوم الرجل بتقدير زوجته واحترامها ظنا منه أنه لو أبدى لها أي تقدير ستمن عليه بما تفعل بل إنه لا يدخر وسعا في صفعها وايذائها بدنيا ونفسيا معلنا بلهجة طرزانية “أنا الرجل”.
هل تظن بعد كل ما يحدث من تبادل للأدوار…أنك أنت الرجل؟!….يا رجل

*صفاء عبد السلام فرحاتباحثة في فلسفة التربية- كلية الدراسات العليا للتربية
جامعة القاهرة-مصر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.