الصفحات

اقرأ وحاول أن تستمتع ...**د. إيمان الصالح العمري


تأمّل يا رعاك الله ما بين صراع الشقاء والبقاء وإثبات الذات وفلسفة التطلّع إلى عين القدر ومعاينته... ويكأن الله يخبرك بأني يا عبدي أصنعك على عيني وبأن رغبتك في تحقيق الشيء العالق بأفقك الحالمة سيكون بكسرِ شيء قد تدرك بعد حين أنه جبراً يليق بجلال الله
لترميم قاع روحك المشقوق... خيط شفيف رقيق لا يحسن الإمساك به إلاّ صاحب وكالة على أرض الله أن خلقتك لتقتنص بعض لا منطق في سبل الحياة في اقتناص حوائجك الخاشعة الخافضة الرافعة الباكية الممسكة بحقيبة كتب مدرسية ثقيلة جدا لتسير بها مسافة تقدر بأربع كيلو متر يومياً من كفركيفيا إلى سمو ع وقد تحظى بعض ايام بأن تلحق باص القرية أو لا تلتحق وقد تتعلق بأي سيارة كبيرة صغيرة تعرفه أو لا تعرفه لتلتحق بالطابور حالها كحالة بنات قريتها إلاّ أن محدثتكم كانت تنوء بحمل الحقيبة وفي مسيرة العودة قد تصل جميع الطالبات إلى بيوتهن ويتناولن الغداء ويقمن بواجباتهن المدرسية الكاملة ومحدثتكم تنتظر من يحمل حقيبتها معها أو ينتظرها لمتابعة المسير. .. في هذه المسيرة تعرفت على اسماء الله وفي كل يوم قد اناجيه باسم حتى الوصول. الله
معين.. حليم.. قدير.. كبير.... حنّان..منّان....كثيرة هي الحدائق التي تعرفت عليها في أعماقي وأدركت أنني وقعت في حبّ الحياة بالرغم من غشاوة الحزن التي تظللني فهي التي كانت تطرق الفرح على بوابة روحي ملوحة لي بأن أمارس الضحك على الأشياء التي تبدو بعين بعضهم قاتلة... الكلمات سجن النبض العالق فينا تستحثني دوماً بالبوح والناس تحب فيك نظرة الحزن والانكسار يتلذذون بشعورك بالألم ويبدون لك التعاطف وانت كثيراً ما تريد التخلّي عن هذا... إلاّ انهم يعيدون لك شعور الوجع باصرارِ عجيب.. واذا ما رزقك الله حسن التعامل فيما ابتلاك تجد من يحسدونك علئ ذلك ويلحّون عليك بالأسئلة الغبية أو المستفزة... قضيت السنة الأولى في المدرسة وحصلت على المركز الاول في مسابقات الشعر والخطابة على مستوى وزارة التربية والتعليم ثم اضطررت لتقديم امتحاناتي مبكراً عن الطالبات لإجراء عملية جراحية لرجلي التي تتهالك أعصابها.. قدمت الامتحانات وحصلت على نتائج عالية وقد كانت الاجراءات صارمة فأنا لم أسمح لأحد يوماً ما أن يقتنص نظرة شفوقة أسعده بها... ثم وبعد مجيئي للمدرسة في بداية العام لاتسلّم شهادتي الزاخرة بالعلامات الممتازة وجدت علامة الرياضة والتي كانت تحتسب في المعدل قد أخّرت درجتي عن المركز الأول والثاني والثالث فالمنافسة على أشدها فنحن طالبات لأربع قرى في هذا التجمّع كانت علامة الرياضة ـ ازبع وستين.. بكيت كما لم يبكي احد. قالت لي معلمة الرياضة يعني قديش بدك أحطلك ما انت شايفة وضعك.... علماً أنني كثيراً ما كنت اثبت لها وللطالبات في الصف أنني احسن اللعب..من يومها تكللت هالة حول روحي التعبة تذوقت شيئاً قضمته من جدار قلبي.. سحرني الطعم وكلما مالت رجلي على الأرض أحسست بالطيران ورفرفة الأجنحة وتصالحت مع ذاتي وعشقت أيامها مارادونا.....

*د. إيمان الصالح العمري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.