صفاء وهناء انت يا قيثارة الغرباء
مراهق أنا,أم عاشق ولهان – تواترات فكرية ,أم تغييرات فيسيولوجية , بيئة حاضنة متوسطة محافظة ,أم انه التمرد على أشياء وأشياء لكن فى النهاية طريق الى الغواية .
أحبو على طريق الجامعة , تلهبنى الدراسة على غير الهوى ,الذى هو أسير الصحافة والأعلام ,لكنها الظروف الغير مواتية – وفى نهاية العام يُكرم المرءِ أويُهان ,ولأنى توقعت الأِهانة فلابد من المغادرة تحاشيا للمهانة وهربا من النفس اللوامة .
بروح الأبوة وما أجدره بالمِروة والفكر الدينى الصوفى المستنير اِستوعب شيطانى
وأكرمنى بالمال اللازم لشد الرحال, ففى الأستجابة لطلبى ,الذى كلفة فوق أحتماله ,وهو العائل لست من البنات غيرى ,جعلته يذوب كمداً فى مصاريف الجامعات والزواج , أِلا أنه دبر لى المال ,حتى لا أنحرف الى تدبيره من غواية الشيطان .
على الخطوط الجوية الهولندية غادرتُ , متوقفاً فى أمستردام ساعات طوال سمحوا لنا فيها بالتجوال , شدنى بائعات الهوى داخل"فتارين"وكأنهن تماثيل حجرية ,فكل شىء بمقابل فيما عدا الحرية والنظام – فى مخيلتى الغرب الأوروبى جنة وأسطورة , لكن الصدمة كانت مبتورة , فالشوارع ليست من بلور,والطرق ليست زجاج مثقول , والدُور ليست كلها قصور , والسيارات لاتطير فى الهواء .
تعودت هذا النظر اللامثير حين هبطت بى الطائرة فى بلاد " الجن والملائكة", حسبما سماها "أُديب"طه حسين – دار بخلدى سؤال كيف شاهد هذا الكفيف باريس تتلألأ وتزغلل العيون ؟ لكنى أدركت الأكثر ببصرى الحاد ,وأيقنت قوة الأحساس فى وجدان عميد الأدب العربى.
لاح المغيب وأنا مازالت تحت الأرض بين أتجاهات المترو لاأدرك الأتجاه
عرقلتنى لغتى الفرنسية التى توقفت عند " MERCI":,الى أن أرشدتنى لبنانية فائقة الجمال , ظلت معى وانا ادق جرس باب 13 RUE D,ARMILLE PARIS 17EME.
صديقى صاحب العنوان غادر الى الألزاس – لحظتها سقط قلبى فى الأقدام ,أنتشلتنى اللبنانية الهيفاء ,وترجلنا الى مترو شارل ديجول اتوال لقربنا من الميدان حيث قوس النصر الشهير ,وحطيت الرحال فى أحد فنادق حى بيجال – حيث عرب شمال افريقيا , ورخص الأقامة .
مابين ليلة وضحاها تعددت الليالى – رويداً رويداً غادرت جيوبى المصارى – أشار علىَّ أحد العرب أن أحمل حقائبى الى (المدينة الجامعية )
la cité universitaire حيث الصيف وبيوتها خالية من الطلبة لذا يتم تأجيرها للغير بأسعار رمزية.
تجولت فى حدائق المدينة الفيحاء التى تضم بيوت من كل الأنحاء لكنى لم أجد بيوت عربية سوى لدول عرب شمال أفريقيه , عند البيت الجزائرى(Maison d'Algérie),تبادلت العيون النظرات , فى عيونها قرار وأستقرار , ونعومة شعرها المنسدل ذيل فرس عربى أصيل , غاصت عيونى فى جمالها الآخاذ , وأنا فى حيرة من أمرى , فبؤرة شعورى فى مرامى وأستقرارى فى أحد غرف تلك المدينة , لكنها أيقظتنى من الحيرة وزوغان العيون وأطلقت لثغرها الجذاب عطر الكلام (Bonjour)- تعلثمت , فبادرتنى السؤال (عربى)؟ أماءة خفيفة برأسى ,تابعت مصرى – أجبت : (أيوه)
قرأت وجهى بذكائها وعيونها المها, وأسترسلت : أكيد اللغة عائق لكن يبدو أن الأمور معك فاقت ذلك – كانت كلماتها تتكىء على الفصحى وأحيانا تخونها لتتابع بالفرنسية – أخبرتها رغبتى أَلا تتركنى اِلا وانا فى غرفة فى أى من بيوت المدينة , حيث لاملجأ لى الآن , خاصة وأن الفلوس استنزفتها فنادق باريس,
ربتت على كتفى وطمأنتنى , فأستقرت نظراتى الى داخل عيونها وأنفراجات أساريرها , تبدلت النظرات ترمق كل مافيها وسرحت , اخذتنى من يدى وسارت حيث وضعت حقيبتى , وطيبت نفسى وأردفت هذه غرفتى وهنا ستقيم معى , قلت لها دون استئذان القائمين على الدار , قالت: هذه مسئوليتى
ذكرتنى أن اليوم عطلة ,وأشارت أن نُمَضِيه فى الحى اللاتينى بسان ميشيل برقتها وحنوها وحنانها أرادت أن تأخذنى بعيداً عن مشقة الأيام .
من أول وهله رأيتها هامة وقامة وجمال أنثى لايقاوم , لكنها سقطت برهة من بين عيناى , كيف يغلق علينا الباب ؟!!!!!!!
فى لحظات الشرود وأحتياج الأنسان للآخر فى احلك الظروف لافرق بين ذكر و أنثى , داعبت فكرى الظنون , لكنها غامت حين اقنعت نفسى أننى انسان وهى بدت للأنسانية عنوان من ملامحها كانت ملاك.
على أحد كافيهات الحى اللاتينى تجاذبنا الحديث : فى فرنسا الولد والبنت صنوان ... :لكننا عرب....ضحكت وأردفَت : وثقتى فى المصريين ليس لها حدود .... كان زمان :.. ردت :على َّ وأنت الآن
كان جدى لأبى من ثوار جبهة التحرير الجزائرية , قِبلتَهُ دائما كانت مصر , وجمال عبد الناصر عنده الزعيم , قضى فى القاهرة أسابيع وقابل مسؤليين مصريين تخصصوا لمساعدة جبهة التحرير بكل المال والعتاد
والدعم اللوجستى , وكان عبد الناصر لايرى الجزائر اِلا مستقلة وتكونت بالقاهره اول حكومة جزائرية بالمنفى , وتابعت قرأت فى باريس فوجدت لكلام جدى صدى كبير عن عبد الناصر الذى وهب الكثير لثوار الجزائر من اجل التحرير , وَلتَعلم أنى أدرس علم السياسة بالسنة الثالثة جامعة السوربون وأطلاعاتى فى مكتبة الكلية تدوم ف تضحيات الشعب الجزائروالتى بلغت مليون ونصف المليون شهيد كانت الدافع لأجبار فرنسا على الرحيل , وقد توجت بأعتراف فرنسا بأستقلال الجزائر وكان جمال عبد الناصرعنوان لقرار ديجول الأعتراف بحق تقريرالمصير .
فكريا لم اكن تبلورت وكانت رؤيتى تتحسس الطريق , فى حين لبت الناصرية منهجى فى أندية الفكر الناصرى بالجامعة لكن كانت المحاذير .
"نور" ... ردت علىَّ )oui كان اسمها وضاء كقوامها وقدها المياس وعودها الزان )..: لقد هُزِم عبد الناصر فى 1967 !!
بأنفعال زاد وجهها أحمرار: لم ينهزم - كانت اجابتها بالنفى والأستنكار – وقفت معه الجزائر ترد الجميل وشد من أزره (هوارى بومدين)بالتمويل , وكل الأحرار فى العالم والشعب العربى من المحيط الى الخليج وتساءلت
كيف تبرر طوفان الشعب المصرى والعربى الذى طالبة بتكملة المشوار؟ هل هذه هزيمة أم ثقة على الأنتصار؟ وأنتصر جمال عبد الناصر فى حرب الأستنزاف , وأستشهد وهو يحقن الدم الفلسطينى المُراق , وكان عليكم ان تكملوا المشوار , تابعت تثير التساؤل ,ماذا عساكم الآن ؟ لِمَ الأنصياع وراء خيانة السادات ؟! : بُهِتُ ولم أجيب .
حين عادت الذكريات تيقنت أن ناصريتى القومية العربية ترسخت منذ أنارت لى "نور" هذا الطريق – والى الآن صدى هذا الحوار مازال يرن فى الآذان.
فى غرفتها , صارت غرفتنا , وبدأنا الذوبان
كانت تكبرنى بثلاث سنوات ,هى الأم وأنا اذوب حباً وحنان
دربتنى أن أكون فى باريس للعقل عنوان , وأن المراهقة لاتروى أنسان , ولاتبدل الشعور بالغثيان , اِنما لحظة الوجد قد تؤدى الى العناق , وبلسم الشفاه ترياق , وماعدا ذلك يفسد اللقاء ويلوح الفراق
أحتضنتى بكل مافيها من دماء العروق , وبكت لحظة أن هَوَت يدى تصفع خدها على أثرها غرق فى الأحمرار,فَأَقسمت أنى للرجولة عنوان .
كان فى يدها الفرنك فى أزدياد , ولما تمنعتُ أوجَدَت لى العمل فى مطعم والد صديقتها الفرنسية , فمنحتنى قيمة الأعتماد على الذات.
مرت الأيام والشهور , خلالها أنتقلنا للأقامة فيما يسمونه " أستوديو"" مكان مفروش من غرفة وحمام" , وكنا نمضى عطلة نهاية الأسبوع فى كل معالم باريس وضواحيها , وأحيانا فى الجنوب , خاصة " مونبيليه ".
ويوم أن صرنا نُطِل على باريس من "برج" أيفل لامسنا السماء بأيدينا وطِيرنا نحلق فى الآفاق – فكان الحلم بالزواج ,وكيف لى بأحضار اوراقى لتكملة الدراسة فى الجامعات الفرنسية , وغدونا فى التحليق , ثم هبطنا بسرعة البرق من اعلى البرج , ومشينا نعدو فى الطريق تطوق يدى خصرها النحيف , يداعب شعرها وجهى حين يطير وغردنا حتى الثمالة على وقع (داليدا وفيروز), وأفقنا ليتنا لانفيق .......
:"هناك خطاب لك يا أحمد – خبرتنى نور لحظة الدخول الى مكان أقامتنا المسحور .
فى اليوم التالى حزمت حقائبى الى مطار "أورلى" , وعلى الوعد بالعودة من جديد الى باريس , والزواج لابد أن يتم حال العودة من القاهرة بأسرع طريق , احتضنتى بكل مشاعرها السامية وسرت دمانا تلهب الوجدُ الذى ذَوَبَنَا.. حتى بَدَا قلبينا يرويهما ذات الوريدِ, وذابت بدلالها وجمالها وفتنة طلتها حال تقدمى الى مكان الطائرة , لكنها لم تغيب عن عينى طوال رحلة الأثير.
قُبلة طبعتها على تراب المحروسة , وسارعت الخطى التى ارهقتنى بأحساسى بمدى ثقلها رغم انها كانت كالبرق تسير الى مكان يرقد والدى المسكين الذى أحاط به المرض من كل الجوانب , وبعد يومين غادر الى خلود الجنة.
كانت أمى وأختان لى لم يتزوجا بعد , قد صاروا بلا عائل , وقد أكال لى بعض من الأهل والأصدقاء ( لكمات من تحت الحزام)فى صيغة توبيخ وتأنيب تنبىء مابين سطورها انى سبب مرض الوالد عليه رحمة الله , ولابد أذن أن أُكَفِر عن فعلتى ولا أغادر مرة ثانية , حيث الأم والأختين فى أشد الأحتياج الىَّ الآن , واِلا صرت جبان ونزعت عنى صفة الأنسانية .
لم يكن المحمول قد غزا وسائل الأتصالات , ولم تكن "نور" تعلم لى عنوان بريدى فى مصر , وأشار علىّ أصدقائى بالنسيان , من أجل أن أعيش فى حجر أمى وأرعى الأختين فى الدراسة وحتى الزواج .
تمر السنون تجرى بالعمر وتعجل بغزو الشيب مفرقى , وتدوس على القلب فى محاولة لكسر حدة خفقانه , لكن الذكريات تعود فى كل لحظة , تلهب الحنين وتضخ الدماء من جديد ,تستدعى باريس ونور وكل السطور التى كتبها الحب المغدور , من جانب " أحمد" , الذى يخلد الى نفسة كل ليلة لتطرح مهجته على ذاته هذا التساؤل ..هل أصبتَ "نور" فى مقتل وسقطتُ من نظرها تحت قدميها, حين لم أُلب الوعد بالعودة من اجل الزواج ؟
وماذا قالت عنك سوى أنك تحمل صفات اللا انسان , فالكلاب على الوفاء
وأنت لم توف بنبض كلمة وتبلدت حين كانت تتحرق ويتصاعد الدخان .....
مع صوت الكروان مغرداً الملك لك لك لك ياصاحب الملك ,أرسل لها دفاعى علها تصفح عنى وتدرك حجم معاناتى وقساوة الظروف .
وتغيم الليالى ...وليت للتمنى الذى لايُمَنِى ولايُدركنى عنوان لها فى وقتى الآنى .
لكن سرمدية قلبها , وعيونها المها وحدس زرقاء اليمامة أثير بصرها , لابد أن يدركها صومعتى التى أعبُد حبها فيها منذ البُعَادِ الى الآن .
*محمود كامل الكومى
كاتب ومحامى - مصرى
مراهق أنا,أم عاشق ولهان – تواترات فكرية ,أم تغييرات فيسيولوجية , بيئة حاضنة متوسطة محافظة ,أم انه التمرد على أشياء وأشياء لكن فى النهاية طريق الى الغواية .
أحبو على طريق الجامعة , تلهبنى الدراسة على غير الهوى ,الذى هو أسير الصحافة والأعلام ,لكنها الظروف الغير مواتية – وفى نهاية العام يُكرم المرءِ أويُهان ,ولأنى توقعت الأِهانة فلابد من المغادرة تحاشيا للمهانة وهربا من النفس اللوامة .
بروح الأبوة وما أجدره بالمِروة والفكر الدينى الصوفى المستنير اِستوعب شيطانى
وأكرمنى بالمال اللازم لشد الرحال, ففى الأستجابة لطلبى ,الذى كلفة فوق أحتماله ,وهو العائل لست من البنات غيرى ,جعلته يذوب كمداً فى مصاريف الجامعات والزواج , أِلا أنه دبر لى المال ,حتى لا أنحرف الى تدبيره من غواية الشيطان .
على الخطوط الجوية الهولندية غادرتُ , متوقفاً فى أمستردام ساعات طوال سمحوا لنا فيها بالتجوال , شدنى بائعات الهوى داخل"فتارين"وكأنهن تماثيل حجرية ,فكل شىء بمقابل فيما عدا الحرية والنظام – فى مخيلتى الغرب الأوروبى جنة وأسطورة , لكن الصدمة كانت مبتورة , فالشوارع ليست من بلور,والطرق ليست زجاج مثقول , والدُور ليست كلها قصور , والسيارات لاتطير فى الهواء .
تعودت هذا النظر اللامثير حين هبطت بى الطائرة فى بلاد " الجن والملائكة", حسبما سماها "أُديب"طه حسين – دار بخلدى سؤال كيف شاهد هذا الكفيف باريس تتلألأ وتزغلل العيون ؟ لكنى أدركت الأكثر ببصرى الحاد ,وأيقنت قوة الأحساس فى وجدان عميد الأدب العربى.
لاح المغيب وأنا مازالت تحت الأرض بين أتجاهات المترو لاأدرك الأتجاه
عرقلتنى لغتى الفرنسية التى توقفت عند " MERCI":,الى أن أرشدتنى لبنانية فائقة الجمال , ظلت معى وانا ادق جرس باب 13 RUE D,ARMILLE PARIS 17EME.
صديقى صاحب العنوان غادر الى الألزاس – لحظتها سقط قلبى فى الأقدام ,أنتشلتنى اللبنانية الهيفاء ,وترجلنا الى مترو شارل ديجول اتوال لقربنا من الميدان حيث قوس النصر الشهير ,وحطيت الرحال فى أحد فنادق حى بيجال – حيث عرب شمال افريقيا , ورخص الأقامة .
مابين ليلة وضحاها تعددت الليالى – رويداً رويداً غادرت جيوبى المصارى – أشار علىَّ أحد العرب أن أحمل حقائبى الى (المدينة الجامعية )
la cité universitaire حيث الصيف وبيوتها خالية من الطلبة لذا يتم تأجيرها للغير بأسعار رمزية.
تجولت فى حدائق المدينة الفيحاء التى تضم بيوت من كل الأنحاء لكنى لم أجد بيوت عربية سوى لدول عرب شمال أفريقيه , عند البيت الجزائرى(Maison d'Algérie),تبادلت العيون النظرات , فى عيونها قرار وأستقرار , ونعومة شعرها المنسدل ذيل فرس عربى أصيل , غاصت عيونى فى جمالها الآخاذ , وأنا فى حيرة من أمرى , فبؤرة شعورى فى مرامى وأستقرارى فى أحد غرف تلك المدينة , لكنها أيقظتنى من الحيرة وزوغان العيون وأطلقت لثغرها الجذاب عطر الكلام (Bonjour)- تعلثمت , فبادرتنى السؤال (عربى)؟ أماءة خفيفة برأسى ,تابعت مصرى – أجبت : (أيوه)
قرأت وجهى بذكائها وعيونها المها, وأسترسلت : أكيد اللغة عائق لكن يبدو أن الأمور معك فاقت ذلك – كانت كلماتها تتكىء على الفصحى وأحيانا تخونها لتتابع بالفرنسية – أخبرتها رغبتى أَلا تتركنى اِلا وانا فى غرفة فى أى من بيوت المدينة , حيث لاملجأ لى الآن , خاصة وأن الفلوس استنزفتها فنادق باريس,
ربتت على كتفى وطمأنتنى , فأستقرت نظراتى الى داخل عيونها وأنفراجات أساريرها , تبدلت النظرات ترمق كل مافيها وسرحت , اخذتنى من يدى وسارت حيث وضعت حقيبتى , وطيبت نفسى وأردفت هذه غرفتى وهنا ستقيم معى , قلت لها دون استئذان القائمين على الدار , قالت: هذه مسئوليتى
ذكرتنى أن اليوم عطلة ,وأشارت أن نُمَضِيه فى الحى اللاتينى بسان ميشيل برقتها وحنوها وحنانها أرادت أن تأخذنى بعيداً عن مشقة الأيام .
من أول وهله رأيتها هامة وقامة وجمال أنثى لايقاوم , لكنها سقطت برهة من بين عيناى , كيف يغلق علينا الباب ؟!!!!!!!
فى لحظات الشرود وأحتياج الأنسان للآخر فى احلك الظروف لافرق بين ذكر و أنثى , داعبت فكرى الظنون , لكنها غامت حين اقنعت نفسى أننى انسان وهى بدت للأنسانية عنوان من ملامحها كانت ملاك.
على أحد كافيهات الحى اللاتينى تجاذبنا الحديث : فى فرنسا الولد والبنت صنوان ... :لكننا عرب....ضحكت وأردفَت : وثقتى فى المصريين ليس لها حدود .... كان زمان :.. ردت :على َّ وأنت الآن
كان جدى لأبى من ثوار جبهة التحرير الجزائرية , قِبلتَهُ دائما كانت مصر , وجمال عبد الناصر عنده الزعيم , قضى فى القاهرة أسابيع وقابل مسؤليين مصريين تخصصوا لمساعدة جبهة التحرير بكل المال والعتاد
والدعم اللوجستى , وكان عبد الناصر لايرى الجزائر اِلا مستقلة وتكونت بالقاهره اول حكومة جزائرية بالمنفى , وتابعت قرأت فى باريس فوجدت لكلام جدى صدى كبير عن عبد الناصر الذى وهب الكثير لثوار الجزائر من اجل التحرير , وَلتَعلم أنى أدرس علم السياسة بالسنة الثالثة جامعة السوربون وأطلاعاتى فى مكتبة الكلية تدوم ف تضحيات الشعب الجزائروالتى بلغت مليون ونصف المليون شهيد كانت الدافع لأجبار فرنسا على الرحيل , وقد توجت بأعتراف فرنسا بأستقلال الجزائر وكان جمال عبد الناصرعنوان لقرار ديجول الأعتراف بحق تقريرالمصير .
فكريا لم اكن تبلورت وكانت رؤيتى تتحسس الطريق , فى حين لبت الناصرية منهجى فى أندية الفكر الناصرى بالجامعة لكن كانت المحاذير .
"نور" ... ردت علىَّ )oui كان اسمها وضاء كقوامها وقدها المياس وعودها الزان )..: لقد هُزِم عبد الناصر فى 1967 !!
بأنفعال زاد وجهها أحمرار: لم ينهزم - كانت اجابتها بالنفى والأستنكار – وقفت معه الجزائر ترد الجميل وشد من أزره (هوارى بومدين)بالتمويل , وكل الأحرار فى العالم والشعب العربى من المحيط الى الخليج وتساءلت
كيف تبرر طوفان الشعب المصرى والعربى الذى طالبة بتكملة المشوار؟ هل هذه هزيمة أم ثقة على الأنتصار؟ وأنتصر جمال عبد الناصر فى حرب الأستنزاف , وأستشهد وهو يحقن الدم الفلسطينى المُراق , وكان عليكم ان تكملوا المشوار , تابعت تثير التساؤل ,ماذا عساكم الآن ؟ لِمَ الأنصياع وراء خيانة السادات ؟! : بُهِتُ ولم أجيب .
حين عادت الذكريات تيقنت أن ناصريتى القومية العربية ترسخت منذ أنارت لى "نور" هذا الطريق – والى الآن صدى هذا الحوار مازال يرن فى الآذان.
فى غرفتها , صارت غرفتنا , وبدأنا الذوبان
كانت تكبرنى بثلاث سنوات ,هى الأم وأنا اذوب حباً وحنان
دربتنى أن أكون فى باريس للعقل عنوان , وأن المراهقة لاتروى أنسان , ولاتبدل الشعور بالغثيان , اِنما لحظة الوجد قد تؤدى الى العناق , وبلسم الشفاه ترياق , وماعدا ذلك يفسد اللقاء ويلوح الفراق
أحتضنتى بكل مافيها من دماء العروق , وبكت لحظة أن هَوَت يدى تصفع خدها على أثرها غرق فى الأحمرار,فَأَقسمت أنى للرجولة عنوان .
كان فى يدها الفرنك فى أزدياد , ولما تمنعتُ أوجَدَت لى العمل فى مطعم والد صديقتها الفرنسية , فمنحتنى قيمة الأعتماد على الذات.
مرت الأيام والشهور , خلالها أنتقلنا للأقامة فيما يسمونه " أستوديو"" مكان مفروش من غرفة وحمام" , وكنا نمضى عطلة نهاية الأسبوع فى كل معالم باريس وضواحيها , وأحيانا فى الجنوب , خاصة " مونبيليه ".
ويوم أن صرنا نُطِل على باريس من "برج" أيفل لامسنا السماء بأيدينا وطِيرنا نحلق فى الآفاق – فكان الحلم بالزواج ,وكيف لى بأحضار اوراقى لتكملة الدراسة فى الجامعات الفرنسية , وغدونا فى التحليق , ثم هبطنا بسرعة البرق من اعلى البرج , ومشينا نعدو فى الطريق تطوق يدى خصرها النحيف , يداعب شعرها وجهى حين يطير وغردنا حتى الثمالة على وقع (داليدا وفيروز), وأفقنا ليتنا لانفيق .......
:"هناك خطاب لك يا أحمد – خبرتنى نور لحظة الدخول الى مكان أقامتنا المسحور .
فى اليوم التالى حزمت حقائبى الى مطار "أورلى" , وعلى الوعد بالعودة من جديد الى باريس , والزواج لابد أن يتم حال العودة من القاهرة بأسرع طريق , احتضنتى بكل مشاعرها السامية وسرت دمانا تلهب الوجدُ الذى ذَوَبَنَا.. حتى بَدَا قلبينا يرويهما ذات الوريدِ, وذابت بدلالها وجمالها وفتنة طلتها حال تقدمى الى مكان الطائرة , لكنها لم تغيب عن عينى طوال رحلة الأثير.
قُبلة طبعتها على تراب المحروسة , وسارعت الخطى التى ارهقتنى بأحساسى بمدى ثقلها رغم انها كانت كالبرق تسير الى مكان يرقد والدى المسكين الذى أحاط به المرض من كل الجوانب , وبعد يومين غادر الى خلود الجنة.
كانت أمى وأختان لى لم يتزوجا بعد , قد صاروا بلا عائل , وقد أكال لى بعض من الأهل والأصدقاء ( لكمات من تحت الحزام)فى صيغة توبيخ وتأنيب تنبىء مابين سطورها انى سبب مرض الوالد عليه رحمة الله , ولابد أذن أن أُكَفِر عن فعلتى ولا أغادر مرة ثانية , حيث الأم والأختين فى أشد الأحتياج الىَّ الآن , واِلا صرت جبان ونزعت عنى صفة الأنسانية .
لم يكن المحمول قد غزا وسائل الأتصالات , ولم تكن "نور" تعلم لى عنوان بريدى فى مصر , وأشار علىّ أصدقائى بالنسيان , من أجل أن أعيش فى حجر أمى وأرعى الأختين فى الدراسة وحتى الزواج .
تمر السنون تجرى بالعمر وتعجل بغزو الشيب مفرقى , وتدوس على القلب فى محاولة لكسر حدة خفقانه , لكن الذكريات تعود فى كل لحظة , تلهب الحنين وتضخ الدماء من جديد ,تستدعى باريس ونور وكل السطور التى كتبها الحب المغدور , من جانب " أحمد" , الذى يخلد الى نفسة كل ليلة لتطرح مهجته على ذاته هذا التساؤل ..هل أصبتَ "نور" فى مقتل وسقطتُ من نظرها تحت قدميها, حين لم أُلب الوعد بالعودة من اجل الزواج ؟
وماذا قالت عنك سوى أنك تحمل صفات اللا انسان , فالكلاب على الوفاء
وأنت لم توف بنبض كلمة وتبلدت حين كانت تتحرق ويتصاعد الدخان .....
مع صوت الكروان مغرداً الملك لك لك لك ياصاحب الملك ,أرسل لها دفاعى علها تصفح عنى وتدرك حجم معاناتى وقساوة الظروف .
وتغيم الليالى ...وليت للتمنى الذى لايُمَنِى ولايُدركنى عنوان لها فى وقتى الآنى .
لكن سرمدية قلبها , وعيونها المها وحدس زرقاء اليمامة أثير بصرها , لابد أن يدركها صومعتى التى أعبُد حبها فيها منذ البُعَادِ الى الآن .
*محمود كامل الكومى
كاتب ومحامى - مصرى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.