القصة:
هنا، في هذا المساء أمارس الترف الفرنسي، أمشي في الشارع الكبير للمدينة، تتلألأ الأضواء في أول أيام ديسمبر، تتراقص الألوان ويعلو بكاء الأطفال المختلط بضحكاتهم حالما يذعن الأولياء ويشترون من أول محل يومية نويل، أنظر في الواجهات المنمقة، أقف طويلا، أبحث عن شيء أعرف مسبقا أنه ليس خلف أي من تماثيل الشمع الواقفة في خشوع…
أدفع الباب البلوري، ألج المتجر، أتمشى قليلا بين أروقته، أقلب فستانا ما، تشدني تلك الفراشات الملونة التي تحط هنا أو هناك
على القماش الوردي، تبتسم البائعة إلي، أبتسم بدوري، تحدق في ملامحي، أرتبك قليلا، أعيد رسم الابتسامة وأطوي الفستان كما كان وأعيده إلى الرف…
_مرحبا سيدتي
_مرحبا …
_هل من مساعدة أقدمها لكم؟
أمقت هذا الهدوء في أصوات الباعة، حتى باعة السمك لا يصرخون هنا، كل شيء يسير على نفس الوتيرة، السيارات في معابرها، المشاة على الرصيف، الدراجات بمعبرها المرسوم بدقة متناهية ذهابا وإيابا، الكلاب تسير إلى جانب أصحابها دون أن تقترب منك، الآباء يهرولون تماما كما تهرول النساء جارّين ركوبة الرضيع ممسكين بطفل ذات اليمين أو ذات الشمال، لا شيء ملقى على قاعة المتجر، الألوان متدرجة و يغلب الأزرق على شق الذكور و الوردي على شق الإناث، أتساءل من أوعز للمصممين بهذا التقسيم الغبي، و أسترق من ذاكرتي صورة لدولاب ملابسي التي يغلب عليها الأزرق…
تنتشلني بصوتها الناعم الهادئ الذي يستفزني قليلا، حين أعادت علي السؤال إن كنت بحاجتها، وددت لو صرخت فيها أن ارفعي الصوت قليلا وأعطه قليلا من الصخب والعنف…
لم أجرؤ!
كم مرة طاف زوجي بنوافذ البيت يغلقها حين يسمعني أتحدث إلى أمي في الهاتف، يقول لي، إنها أقرب مني إليك فلا تصرخي! فضحتينا…
وكنت في كل مرة أبدأ مكالمتي بلطف وأنهيها والنوافذ مغلقة…
قلت لها، شكرا… أنا فقط أتخير هدية لطفلتي، لست على عجلة، قد أعود ثانية بعد أن أتجول ببقية المتاجر…
أعادت رسم تلك الابتسامة الهادئة، وفردت يدين رقيقتين وقالت… تحت أمركم سيدتي…
تحسست بطنها وهي تنقل بصرها بيني وبين الفستان المورد… ظلت أناملها تتحرك كعقارب ساعة، تواصل رسم نفس الدوائر وكأنها تكتشف الفستان الصغير.
ابتسمت لها بلطف ونسيت انزعاجي من صوتها المخنوق، قلت…
_جميل هذا الفستان!
_نعم، جدا… قالت
ثم أضافت
_ إنه يليق كثيرا بحفلات الميلاد القادمة…
ونصحتني أن أكمّل الكسوة بحذاء أبيض وشريط أحمر …
تماما كما هي الصورة المعلقة على الحائط الموازي لباب المتجر…
_نعم، سيكون زيا جميلا جدا!
قلت لها.
دون أن ترفع بصرها عن الفستان راحت ترتب ما تبعثر وتعيد طي القمصان والفساتين، بدا لي أنها تغالب بعض الضيق…
قبل أن أبادرها بالكلام ثانية، لمحتها تفرك يديها واحدة بأخرى، ترتعش زوايا شفتيها وتتحرك أهدابها بعصبية بالغة:
_إنها صوفيا، كنت اصطحبتها صباحا للمدرسة على أن تعود مساء معه، هكذا تعودنا…
ذلك المساء، وجدت رسالته، يخبرني أنه اصطحب صوفيا لزيارة أمه المحتضرة في قريته المتوسطية النائية ولم يتسن له انتظاري…
كبرت صوفيا!
عندما توصلت أخيرًا إليها بعد أن فشلت القوانين في ردها إلي، طالعتني الصغيرة وقالت: ماما ماتت!
سحبت يدي من تحت المعطف، توقفت عن مداعبة بطني المنتفخة وخرجت… أردد لست حبلى…
…
*القراءة
أولا أسجل إعجابي الشديد بهذا النص الرائع، وأقدم قراءتي التي تأخرت لأنني أحببت أن أتناوله بما يليق:
العتبة الأولى، العنوان، “قلب على الصليب”، عنوان صادم لما يحيلنا إليه معنى الصليب ورمزيته.
من الراسخ أن الصليب هو الموت البطيء والأشد تعذيبا وإيلاما، وهو أيضا رمز للتضحية … فما عساه هذا القلب المصلوب في هذا النص؟
لقد أبدعت الكاتبة في فن المخاتلة الأدبية، لقد نجحت في أخذ القارئ إلى أجواء المشهد وتفاصيل اللحظة في وداعة ونعومة متخذة لذلك إيقاعا سرديا هادئا واستعملت لخدمته جملا متراكبة متتابعة في هدوء حركته الظاهرة، وبالرغم من أنها كانت تسرب بحنكة من حين لآخر مؤشرات وامضة تشي بالحركة النفسية القلقة للبطلة في علاقة بما حولها في غموض مقصود، إلا أنها حافظت على خطة الإيقاع بالقارئ في أخذه بكل هدوء إلى قلب العاصفة، لحظة المكاشفة تلك القفلة المدهشة للنص والتي قلبت كل الموازين …
لقد حافظت الكاتبة في نصها على وحدة الانطباع، فلم تعدد الشخصيات وكذلك الأمكنة، بل اختارت لفكرتها مكانا وحيدا وزمنا محددا وشخصية رئيسية وأخرى ثانوية مؤثرة في الأحداث برغم تأخر ظهورها.
المكان حميم جدا، محل فخم لملابس الأطفال يضج حركة بالصغار والأولياء، ويفيض بالحب وبهجة الاحتفال… والزمان هو الفترة السابقة لعيد الميلاد والتي تتميز بالبهرج والحركة الاقتصادية الضخمة والملفتة.
الشخصيات: الشخصية الثانوية، سيدة فرنسية تقوم بعملها بصفة حرفية، تقدم البسمة وتبيع ملابس أطفال، وهي المنطوية على جرح وحزن والمحرومة من حقها في طفلها…
البطلة، سيدة أجنبية من بلد أفريقي متوسطي وبملامح تكشف أصولها المختلفة، تحاول ترويض نفسها على الاندماج في محيطها الجديد، بأن تستحسن مزاياه وتتطبع مع نمطه، في “ترفه” ورتابته ونظامه الذي لا يرتبك وعناصره التي تسير كلها على وتيرة واحدة فلا مجال للصخب والعنف واللخبطة وعدم التساوي وقلة الاحترام، عالم يحفظ للمرأة والرجل والطفل والمواطن وحتى الحيوان حقه وكرامته…. ومع كل تلك المحاسن يظل القلق يسكن البطلة، فهي لا تنجح في منع نفسها من الانجذاب إلى جذورها وأصولها والبحث عن شيء يعيدها إليه كصوت يرتفع فجأة يعطي معنى “للصخب والعنف”، أو أن يحدث شيء يخرج “تماثيل الشمع” عن جمودها وموتها….
كلها يُحاول وكلها ممزق، بين واقع بديل تتوق إليه، وماضي تنتمي إليه يشدها ولكنها تود أن تتحرر منه… “هنا، في هذا المساء أمارس الترف الفرنسي”، تمد خطاها على أرض ليس لها فيها جذور،
لكنها تحاول هي أن ترمي فيها جذورها كأرض جميلة بديلة …
ويتواصل صراعها ويظل قائما كلما تقدم النص بين توق وانجذاب وتراجع…لينتصر الطبع مرات لأنه غلاب: “وكنت في كل مرة أبدأ مكالمتي بلطف وأنهيها والنوافذ مغلقة” تماما لأن:
” ،…Chassez le naturel, il revient au galop”
ولكن تأتي اللحظة الحاسمة والصادمة والتي تقلب كل الموازين وترجح الكفة…، فملامحها التي هي علامتها المميزة والتي تخبر عن أصولها وانتمائها هي من سببت قلق البائعة وحركت جرحها الغائر والطاعن في سنين لخيانة: ذات زمن بعيد كانت لتلك السيدة الفرنسية حبيب سلمته قلبها فسلبها قلبين ورحل بلا رجعة …
ذلك البوح كان بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الصراع الذي كانت تكابده البطلة، وكشف عظم هشاشتها وضعف ثباتها أو ربما ثوابتها …
على مدى النص كانت تصارع الانشداد في داخلها إلى جذورها ولا تنجح في تبني الواقع الجديد، وفي لحظة انقلب المشهد الباطني وصار لا يحمل غير القبح والخديعة …
خرجت من هول ما أحست لا تلوي على شيء معلنة تبرؤها منه بل إلى حد القطع من كل ما سيحمل امتداده، ذلك الجنين ستقلعه من جذوره …
هو ذاك القلب المعلق على الصليب، قلب منبت، عروقه نازفة تنتظر موتها المحتوم البطيء.
وحتى لا أكون شريكة في هذه النبرة الانهزامية، أقول إن الأجمل يبقى دوما أن نثبت الجذور نرويها ونتعهدها بالتشذيب وتطهير كل ما يشوبها من زوائد عسى تقوى وتمد أغراسها يانعة مرفوعة في وجه السماء …
صحيح أن النهاية قاتمة جدًا وسلبية موجعة إلا أن ذلك لا ينقص من روعة النص وقوة فكرته وحرفية صنعته
بورك لصاحبته هذا القلم العتيد.
هنا، في هذا المساء أمارس الترف الفرنسي، أمشي في الشارع الكبير للمدينة، تتلألأ الأضواء في أول أيام ديسمبر، تتراقص الألوان ويعلو بكاء الأطفال المختلط بضحكاتهم حالما يذعن الأولياء ويشترون من أول محل يومية نويل، أنظر في الواجهات المنمقة، أقف طويلا، أبحث عن شيء أعرف مسبقا أنه ليس خلف أي من تماثيل الشمع الواقفة في خشوع…
أدفع الباب البلوري، ألج المتجر، أتمشى قليلا بين أروقته، أقلب فستانا ما، تشدني تلك الفراشات الملونة التي تحط هنا أو هناك
على القماش الوردي، تبتسم البائعة إلي، أبتسم بدوري، تحدق في ملامحي، أرتبك قليلا، أعيد رسم الابتسامة وأطوي الفستان كما كان وأعيده إلى الرف…
_مرحبا سيدتي
_مرحبا …
_هل من مساعدة أقدمها لكم؟
أمقت هذا الهدوء في أصوات الباعة، حتى باعة السمك لا يصرخون هنا، كل شيء يسير على نفس الوتيرة، السيارات في معابرها، المشاة على الرصيف، الدراجات بمعبرها المرسوم بدقة متناهية ذهابا وإيابا، الكلاب تسير إلى جانب أصحابها دون أن تقترب منك، الآباء يهرولون تماما كما تهرول النساء جارّين ركوبة الرضيع ممسكين بطفل ذات اليمين أو ذات الشمال، لا شيء ملقى على قاعة المتجر، الألوان متدرجة و يغلب الأزرق على شق الذكور و الوردي على شق الإناث، أتساءل من أوعز للمصممين بهذا التقسيم الغبي، و أسترق من ذاكرتي صورة لدولاب ملابسي التي يغلب عليها الأزرق…
تنتشلني بصوتها الناعم الهادئ الذي يستفزني قليلا، حين أعادت علي السؤال إن كنت بحاجتها، وددت لو صرخت فيها أن ارفعي الصوت قليلا وأعطه قليلا من الصخب والعنف…
لم أجرؤ!
كم مرة طاف زوجي بنوافذ البيت يغلقها حين يسمعني أتحدث إلى أمي في الهاتف، يقول لي، إنها أقرب مني إليك فلا تصرخي! فضحتينا…
وكنت في كل مرة أبدأ مكالمتي بلطف وأنهيها والنوافذ مغلقة…
قلت لها، شكرا… أنا فقط أتخير هدية لطفلتي، لست على عجلة، قد أعود ثانية بعد أن أتجول ببقية المتاجر…
أعادت رسم تلك الابتسامة الهادئة، وفردت يدين رقيقتين وقالت… تحت أمركم سيدتي…
تحسست بطنها وهي تنقل بصرها بيني وبين الفستان المورد… ظلت أناملها تتحرك كعقارب ساعة، تواصل رسم نفس الدوائر وكأنها تكتشف الفستان الصغير.
ابتسمت لها بلطف ونسيت انزعاجي من صوتها المخنوق، قلت…
_جميل هذا الفستان!
_نعم، جدا… قالت
ثم أضافت
_ إنه يليق كثيرا بحفلات الميلاد القادمة…
ونصحتني أن أكمّل الكسوة بحذاء أبيض وشريط أحمر …
تماما كما هي الصورة المعلقة على الحائط الموازي لباب المتجر…
_نعم، سيكون زيا جميلا جدا!
قلت لها.
دون أن ترفع بصرها عن الفستان راحت ترتب ما تبعثر وتعيد طي القمصان والفساتين، بدا لي أنها تغالب بعض الضيق…
قبل أن أبادرها بالكلام ثانية، لمحتها تفرك يديها واحدة بأخرى، ترتعش زوايا شفتيها وتتحرك أهدابها بعصبية بالغة:
_إنها صوفيا، كنت اصطحبتها صباحا للمدرسة على أن تعود مساء معه، هكذا تعودنا…
ذلك المساء، وجدت رسالته، يخبرني أنه اصطحب صوفيا لزيارة أمه المحتضرة في قريته المتوسطية النائية ولم يتسن له انتظاري…
كبرت صوفيا!
عندما توصلت أخيرًا إليها بعد أن فشلت القوانين في ردها إلي، طالعتني الصغيرة وقالت: ماما ماتت!
سحبت يدي من تحت المعطف، توقفت عن مداعبة بطني المنتفخة وخرجت… أردد لست حبلى…
…
*القراءة
أولا أسجل إعجابي الشديد بهذا النص الرائع، وأقدم قراءتي التي تأخرت لأنني أحببت أن أتناوله بما يليق:
العتبة الأولى، العنوان، “قلب على الصليب”، عنوان صادم لما يحيلنا إليه معنى الصليب ورمزيته.
من الراسخ أن الصليب هو الموت البطيء والأشد تعذيبا وإيلاما، وهو أيضا رمز للتضحية … فما عساه هذا القلب المصلوب في هذا النص؟
لقد أبدعت الكاتبة في فن المخاتلة الأدبية، لقد نجحت في أخذ القارئ إلى أجواء المشهد وتفاصيل اللحظة في وداعة ونعومة متخذة لذلك إيقاعا سرديا هادئا واستعملت لخدمته جملا متراكبة متتابعة في هدوء حركته الظاهرة، وبالرغم من أنها كانت تسرب بحنكة من حين لآخر مؤشرات وامضة تشي بالحركة النفسية القلقة للبطلة في علاقة بما حولها في غموض مقصود، إلا أنها حافظت على خطة الإيقاع بالقارئ في أخذه بكل هدوء إلى قلب العاصفة، لحظة المكاشفة تلك القفلة المدهشة للنص والتي قلبت كل الموازين …
لقد حافظت الكاتبة في نصها على وحدة الانطباع، فلم تعدد الشخصيات وكذلك الأمكنة، بل اختارت لفكرتها مكانا وحيدا وزمنا محددا وشخصية رئيسية وأخرى ثانوية مؤثرة في الأحداث برغم تأخر ظهورها.
المكان حميم جدا، محل فخم لملابس الأطفال يضج حركة بالصغار والأولياء، ويفيض بالحب وبهجة الاحتفال… والزمان هو الفترة السابقة لعيد الميلاد والتي تتميز بالبهرج والحركة الاقتصادية الضخمة والملفتة.
الشخصيات: الشخصية الثانوية، سيدة فرنسية تقوم بعملها بصفة حرفية، تقدم البسمة وتبيع ملابس أطفال، وهي المنطوية على جرح وحزن والمحرومة من حقها في طفلها…
البطلة، سيدة أجنبية من بلد أفريقي متوسطي وبملامح تكشف أصولها المختلفة، تحاول ترويض نفسها على الاندماج في محيطها الجديد، بأن تستحسن مزاياه وتتطبع مع نمطه، في “ترفه” ورتابته ونظامه الذي لا يرتبك وعناصره التي تسير كلها على وتيرة واحدة فلا مجال للصخب والعنف واللخبطة وعدم التساوي وقلة الاحترام، عالم يحفظ للمرأة والرجل والطفل والمواطن وحتى الحيوان حقه وكرامته…. ومع كل تلك المحاسن يظل القلق يسكن البطلة، فهي لا تنجح في منع نفسها من الانجذاب إلى جذورها وأصولها والبحث عن شيء يعيدها إليه كصوت يرتفع فجأة يعطي معنى “للصخب والعنف”، أو أن يحدث شيء يخرج “تماثيل الشمع” عن جمودها وموتها….
كلها يُحاول وكلها ممزق، بين واقع بديل تتوق إليه، وماضي تنتمي إليه يشدها ولكنها تود أن تتحرر منه… “هنا، في هذا المساء أمارس الترف الفرنسي”، تمد خطاها على أرض ليس لها فيها جذور،
لكنها تحاول هي أن ترمي فيها جذورها كأرض جميلة بديلة …
ويتواصل صراعها ويظل قائما كلما تقدم النص بين توق وانجذاب وتراجع…لينتصر الطبع مرات لأنه غلاب: “وكنت في كل مرة أبدأ مكالمتي بلطف وأنهيها والنوافذ مغلقة” تماما لأن:
” ،…Chassez le naturel, il revient au galop”
ولكن تأتي اللحظة الحاسمة والصادمة والتي تقلب كل الموازين وترجح الكفة…، فملامحها التي هي علامتها المميزة والتي تخبر عن أصولها وانتمائها هي من سببت قلق البائعة وحركت جرحها الغائر والطاعن في سنين لخيانة: ذات زمن بعيد كانت لتلك السيدة الفرنسية حبيب سلمته قلبها فسلبها قلبين ورحل بلا رجعة …
ذلك البوح كان بمثابة القطرة التي أفاضت كأس الصراع الذي كانت تكابده البطلة، وكشف عظم هشاشتها وضعف ثباتها أو ربما ثوابتها …
على مدى النص كانت تصارع الانشداد في داخلها إلى جذورها ولا تنجح في تبني الواقع الجديد، وفي لحظة انقلب المشهد الباطني وصار لا يحمل غير القبح والخديعة …
خرجت من هول ما أحست لا تلوي على شيء معلنة تبرؤها منه بل إلى حد القطع من كل ما سيحمل امتداده، ذلك الجنين ستقلعه من جذوره …
هو ذاك القلب المعلق على الصليب، قلب منبت، عروقه نازفة تنتظر موتها المحتوم البطيء.
وحتى لا أكون شريكة في هذه النبرة الانهزامية، أقول إن الأجمل يبقى دوما أن نثبت الجذور نرويها ونتعهدها بالتشذيب وتطهير كل ما يشوبها من زوائد عسى تقوى وتمد أغراسها يانعة مرفوعة في وجه السماء …
صحيح أن النهاية قاتمة جدًا وسلبية موجعة إلا أن ذلك لا ينقص من روعة النص وقوة فكرته وحرفية صنعته
بورك لصاحبته هذا القلم العتيد.
مع كلّ الحبّ والتّقدير للقراءة الجميلة والقصّة الأجمل هل من المقبول في الأدب العربي عند التّحدث عن قصّة ما أو رواية أو شعر أن نستخدم عبارات وجمل بلغات أجنبية مثل هذه التي ساقتها الكاتبة: "
ردحذف” ،…Chassez le naturel, il revient au galop”"