الصفحات

الموتُ جاء صباحاً ..** ‏أحمد عبد الرزاق عموري‏

الموتُ جاء صباحاً
حاملاً صحنا من الفول... وضحكة..سريعاً كان لا يبطىء.
وقلبي لم يكنْ يعرفْ إن الموت يأتي على أحضان نكته
والموتى الّذين في مرآتهم تراءت الأحلام أملاً ..
بكوا حزناً من الحزن.
والسّاعة العجلى تنام في كفِّ الزّمان ...
ولا تضيق..ونحن غرقى في ذهول.
وظلال العقرب المشدود دواراً على الحسرة..
سريعاً كان لا يبطىء.

حلمنا إنّنا نلقي بجثة ذلك التاريخ للبحر ..
فهمنا فرحة النّصر.
.........
بغداد.....
الزّمان نحو الوراء استدار..
أهم المغول يترنّحونَ كالسكارى في ساحة المنصور؟
يتراكضون بأحصنة من حديد..
أم هم التتار يشقون بطون الثّكالى و رؤوس النّخيل
ونيرانهم تعوي في المزارع /
والمكاتب/والمتاحف /والدّروب.
وأجساد الكرام قطعٌ ممزقة الأوصال وسط العراء
كيف معارجُ الرّافدين أمستْ ملاعبَ للغزاةِ ؟
ألسنا من روضوا خيول الغابرين..
في ليلة ظلماء كالرحم المكين؟
خيّمَ البؤسُ بعينيها سياجاً للخراب...
واستراح.
زمرٌ من الغوغاء يتجمعون...
إنّي أراهم كالجراد
ظلّهم ظلُّ دجّالٍ عميل..
يتآمرون كي يطفئوا شمس الحضارة والبراءة والحياة.
.......
بغداد...
نَفْخُ صوّرٍٍ لا يوقظ الموتى..
آه ..وآه يلاطمنا..
(كبرَ الغمدُ على السّيف وصار السّيف أصغر).
ونوح لم يأتِ.. والأرض كالأبرص المنبوذ..
تعجُّ بالدّود والأشلاء
ولم يصنع لنا فلكاً كي يحمل الفرسان
والأرض كالأبرص المنبوذ..
تعجُّ بالدّود والأشلاء
تهذي في اضطراب على تقاسيم الضّياع
ففي كلّ (حاكوّرةٍ) غلالة سوداء وشهقة لا تذوي
توقد في دجلة ناراً وجرحاً معفّراً.
بغداد...تعرّينا....!
وخرجنا من تخوم الآدمية..
وتراثنا والأبجدية في أفلاك التلاشي.
وغيبوبة التخذير والصّمت رقيم أمّتي
والجهات المصلوبة في قامة الدّولار..
لم تحبلْ بغير العهر.
ودم التاريخ عزاء للقتيل
.....
بغداد...
في محيطكِ لا غناءَ سوى الهدير..
يلقي مواعظه العجاف عند ارتجافات الغروب.
وسندباد لم يصنْ خصلات شعركِ من الدّمار..
تركَ باب ثلّاجة الموتى مفتوح الفم
وأمام الغربان أفق الأكفان يعكس رائحة المآسي
وأنت معي تحلمين بمعجزة السّائر فوق الماء..
بعد لعبة الأمم
.....
أسدّي لي معروفــاً.
ودعيني أحمي مؤخرتي من ركّلِ السّجّانِ...
و(مافيا) النفط الّتي تغسل جسمَ الضّمير
وشعرها من الشّامبو والصّابون المصنوع من دهون الشّعوب.
ردّت بلاد النخيل المقتول بصوت أجهش:ــ
( أنا تحت تصرف عذرية الحرّيـّة ؛
أبيعُ في طريقها كنوز الرّوح )..
وفي ذبول صوتها المتناهي أسمع منها دعاءً ..
فقدنا نعمى الجاذبية الأرضية للأوطان..
( يــا ربّي أعطني خلاصي الأزليّ ).
يتدلّى هاتفاً ( يــا ربّنـا أعطني خلاصي الأزليّ ).
و أنا في لسان الطقس الخرافي..
أبدو مثل كـاهنٍ مبتـدىء ..
يتمرّن على منحها البركة في قدّاس إلغاء الخطيئـة.
......
بغداد..
محيّاها كثافة الفرح البشريِّ منذُ القدم
في فمها أقامت نقوش بابل..
وعلى سرّتها حمورابي ..
يتلو وحدهُ الألحان الجنائزية والقانون
قطعوا لسانها الحكيم..
فإلى متى تبقى بغداد على مرآى المجّرةِ
قذيفةً في منتهى الأنـاقة ..
في قلب اليتامى والأيامى والحزانى ؟.
وميزان حرارتهـا أجداث الضّحايا ..
رمزهـا الرقمي عدد القتلى كلّ يومٍ
و ديانتها اختراع منتج جديد ..
يناسب طهاة الثّقـافة المعلّبـة المستوردة ..
من خصّيتي (الكابوي) الغربي ذو المسدس المحشو دائماً ..
بالرصاص والموت المعاصـر.
أو من دهون الفقمة الرّوسية الّتي تحتاج إلى التدليك
حتّى تهضمَ في أسنان العقول الأممية.
.....
*الشاعر العربي الفلسطيني أحمد عموري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.