الصفحات

في حضرة الحبر الأعظم: لوحات تربط الماضي بالحاضر في فلسطين ..**سارة فكري

جمعة الآلام أو الجمعة العظيمة حسب المعتقد المسيحي، وهو يوم صوم إلزامي للمسيحيين، وعطلة رسمية في معظم دول العالم، يتذكرون فيها صلب المسيح عليه السلام، إلا أن هناك محاولات أخري لذكر صلب المسيح بشكل آخر، حيث تشير إلى كل مسيح جديد يتم صلبه في عالمنا المعاصر، فالمسيح - عليه السلام - ليس هو آخر بريء يُظلم ويتخلى عنه رفاقه، وقد اُستخدم هذا المنظور عدة مرات بأشكال مختلفة أشهرها قصة سجين أبوغريب، علي شلال القيسي، عندما رفع ذراعيه إلى جانبيه أثناء تعذيبه متخذًا وضع الصلب وكأنه يقول لمعذبيه "إنكم تصلبون مسيحًا آخر!".


إلا أن واحدًا من أبرز الأحداث وأكثرها جمالاً التي استخدمت معاناة السيد المسيح من خلال اللوحات الكنسية لإسقاطها على الواقع المعاصر، كانت أثناء زيارة البابا فرانسيس للأراضي المقدسة في فلسطين العام الماضي، فقد حاول القائمون على المتحف الفلسطيني، الجاري إنشاءه في بيرزيت حاليًا، إيصال صرخة الشعب الفلسطيني والواقع المؤلم الذي عاشه ومازال يعيشه تحت وطأة الاحتلال، وذلك من خلال أعمال فنية تمزج بين معاناة الشعب الفلسطيني اليوم، ومعاناة السيد المسيح منذ مئات السنين على نفس الأرض. بدمج لوحات عالمية لرسامين مثل مايكلانجلو كرفاجيو ورفائيلو سانزيو؛ مشاهدها مستوحاة من الإنجيل والديانة المسيحية وكانت فلسطين في الماضى البعيد مسرحًا لها، مع صور فوتوغرافية صحفية وصور من أرشيف الأونروا للواقع اليومي في فلسطين المحتلة.

بدأ هذا المشروع الذي صممه المتحف بتكليف من اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس، وتم عرض هذه اللوحات في ساحة المهد ومخيم الدهيشة، على شكل لافتات كبيرة الحجم وبطاقات بريدية، لتوثق الزيارة التاريخية وتسلط الضوء على الحياة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون في ظل احتلال إسرائيلي مستمر.

قال مدير المتحف الفلسطيني جاك برسكيان، المسؤول عن فكرة وتنفيذ تلك اللوحات التي أطلق عليها "في حضرة الحبر الأعظم": "إن المشاهد التي أنتجها فريق المتحف الفلسطيني خلال هذا المشروع تعكس رسالة فلسطينية واضحة، مفادها أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المقدسة لايزال مستمرًا"، معبرًا عن أمله في أن تستوقف هذه الأعمال المشاهدين والمهتمين، لعلها تسهم في إحداث تغيير ولو بسيط في مفاهيمهم حول القضية الفلسطينية، وأن يتمكنوا من رؤية الأراضي المقدسة من منظور مختلف.

يُذكر أن المتحف الفلسطيني هو أحد مشاريع مؤسسة التعاون، وسيختص بالبحث والتعريف بتاريخ فلسطين الحديث والمعاصر، ومن المتوقع أن يفتح أبوابه أمام الزوار في عام 2016.

*لوحة "شك القديس توما" وصورة جندي إسرائيلي يفحص بطاقة الهوية لفلسطيني

اللوحة لمايكلانجلو ميريزي كرفاجيو رسمها عام 1602م تقريبًا توضح القديس توما وهو يضع يده على آثار الجراح في جسد المسيح جراء الصلب، بعد شكة في حقيقة قيامته؛ وذلك ليتأكد بنفسه، وكان قد قال حين أخبره الرسل بزيارة المسيح "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ"، وبعد تأكده قال "رَبِّي وَإِلَهِي!"، فقال المسيح "لأَنَّكَ رَأَيْتَنِي يَا تُومَا آمَنْتَ! طُوبَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَرَوْا".

أما الصورة فمن تصوير مات ميلستين، في رمضان - 20 أغسطس 2010 على حاجز قلنديا جنوب مدينة رام الله على الطريق التي تصلها بمدينة القدس المحتلة، ويعد من أكبر الحواجز العسكرية التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب الانتفاضة الفلسطينة الثانية، وهو مصدر معاناة لمن يرغب في التوجه إلى القدس أو منها إلى الضفة الغربية، حيث يخضع للتفتيش ويستغرق عبوره أحيانًا عدة ساعات.

*لوحة "تضحية إبراهيم" وصورة جنود إسرائيليين في مخيم جنين

اللوحة من أعمال الفنان الهولندي رامبرانت هرمنسزون فان راين حوالي عام 1635م لتضحية النبي إبراهيم عندما أمره الله أن يذبح ابنه، ونرى فيها إبراهيم ممسكًا برأس ابنه المقيد إلى المذبح مستعدًا لتنفيذ الأمر الإلهى، كما نرى الملاك الذي يظهر له ويعطيه الأمر بإطلاق سراحه، ويخبره برضا الله عنه.

تم دمج الجزء الذي يُظهر يد النبي إبراهيم على وجه ابنه ليخفيها مع يد جندي إسرائيلي في صورة لجنود إسرائيليين يضعون أقنعة لتجنب رائحة الجثث في مخيم جنين بالضفة الغربية، وذلك بعد عملية الاجتياح الإسرائيلي للمخيم التي تمت في الفترة من 1 : 12 أبريل، ودارت معركة شديدة بين الجيش الإسرائيلي والمجموعات الفلسطينية المسلحة، أسفرت عن مقتل 58 فلسطينيًا و23 إسرائيليًا، الصورة من تصوير المصورة الفرنسية ألكساندرا بولا في 16 أبريل.

*لوحة سيدة الوردية وصورة قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء اعتقالها لشاب

اللوحة من أعمال الفنان الإيطالي مايكلانجلو ميريزي كرفاجيو الذي رسمها سنة 1607 تقريبًا، وتظهر السيدة العذراء جالسة على العرش وتحمل صغيرها، ملوحة بيدها اليمنى تجاه القديس دومنيك، الذي يحمل مسبحته ويركع المؤمنون حوله طلبًا لرحمته، وعلى يسارها يقف القديس بولس الشهيد، وعلى جبهته أثر جرح من الفأس الذي قُتل به.
مع صورة التقطها جمال عاروري لقوات الاحتلال الإسرائيلي وهم يعتقلون شابًا، أثناء مشاركته في مظاهرة احتجاجية ضد قرار هدم منزل بقرية خربثا بني حارث شمال بلعين.

*لوحة "النزول عن الصليب" وصورة لحمل شاب فلسطيني بعد قتله على يد قوات الاحتلال

رسم اللوحة رفائيلو سانزيو دا أوربينو عام 1607 لمشهد إنزال المسيح من على الصليب بواسطة أتباعه الذين يظهر الحزن على وجوههم.
"فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَعْظُمُ النَّوْحُ فِي أُورُشَلِيمَ" زكريا 11:12
بينما الصورة التقطتها ألكساندرا بولا بوسط مدينة رام الله في مارس 2002، لجنود إسرائيليين يقتلون فلسطينيًا ويلقون القبض على آخرين يحملونه.

*لوحة "إنكار القديس بطرس"وصورة للاعتداء على الفلاحين الفلسطينيين

لوحة مايكلانجلو ميريزي كرفاجيو قام برسمها عام 1610م، للمشهد الذي يصور القديس بطرس، أحد تلاميذ المسيح الإثنى عشر وإنكار معرفته به ثلاث مرات أثناء المحاكمة التي سبقت الصلب، وكان المسيح قد تنبأ بذلك، ولكنه ندم على فعلته لاحقًا وقُبلت توبته.
قَالَ لَهُ يَسُوعُ: "الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنَّكَ فِي هذِهِ اللَّيْلَةِ قَبْلَ أَنْ يَصِيحَ دِيكٌ تُنْكِرُني ثَلاَثَ مَرَّاتٍ".
وتم وضعها مع صورة لألكساندرا بولا، التي توضح مهاجمة مجموعة من الفلاحين الفلسطنيين قرب نابلس من قِبل بعض المستوطنين في الضفة الغربية في 25 أكتوبر 2006.

*لوحة "سقوط المسيح في الطريق إلى جلجثة" وصورة طريق الآلام في وقتنا الحاضر

واللوحة من أعمال رفائيلو التي أنهاها عام 1516م تقريبًا، وتجسد مشهدًا شائعًا لخروج المسيح إلى جلجثة وهو يحمل الصليب عبر طرقات القدس، وتصور اللوحة لحظة سقوطه وانهيار العذراء.
جنبًا إلى جنب مع صورة التقطها جمال عاروري لطريق الآلام في البلدة القديمة في القدس.

*لوحة "قطع رأس القديس يوحنا المعمدان" وصورة للاعتداء على الناشطين في فلسطين

واللوحة رسمها أيضًا كرفاجيو وتعود لعام 1608م تقريبًا وتصف مشهد قطع رأس يوحنا المعمدان بناء على طلب ابنة هيروديا (سالومي) من الملك هيرودس بإيعاز من أمها؛ وذلك لحقد هيروديا عليه لأنه حرم زواجها من الملك، وتقف سالومى في اللوحة حاملة طبقًا ذهبيًا لتحمل عليه الرأس.
بينما الصورة للمصور إريك سانشيز، التقطها في 18 يناير 2014 لاعتداء واعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لناشط سلام ألماني لرفضه سيطرة الاحتلال على غور الأردن.

*لوحة "المسيح يشفي المشلول في بركة بيت حسدا" وصورة لمعاناة الفلسطينين بسبب الحواجز

كان يزور بركة حسدا ملاك باستمرار وكان أول من ينزل البركة بعد هذه الزيارة يُشفي من المرض، وعندما ذهب المسيح شكا إليه رجل مريض عدم قدرته على نزول البركة أولاً، فقال له "قُم، احْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ" فشُفي الرجل بمعجزة، رسم بارتولومي استيبان موريللو هذا المشهد في لوحته عام 1670م تقريبًا.
وذلك مع صورة لألكساندرا بولا أيضًا في 25 مايو 2006 وهي لمعاناة مواطن فلسطيني يعبر إلى غزة عبر حاجز إيريز العسكري، المعبر الوحيد بين الأراضي المحتلة وقطاع غزة ويقع تحت سيطرة الاحتلال ويستخدم لنقل المرضى والمصابين للعلاج، ورغم ذلك يعاني الفلسطنيون من الاجراءات الأمنية الإسرائيلية عليه وغلق السلطات له في بعض الاحيان.

*لوحة صلب القديس بطرس مع صورة الاعتداءات المستمرة التي يتعرض لها الفلسطينيون

الوحة من أعمال مايكلانجلو ميريزي كرفاجيو عام 1601 تقريبًا لمشهد صلب القديس بطرس على يد الرومان، وكان قد طلب أن يتم صلبه معكوسًا حتى لا يشبه صلبه صلب المسيح، ويظهر في اللوحة ثلاثة من الرومان وهم يعانون لرفعه وكأن الجريمة التي ارتكبوها قد أثقلت عليهم بالفعل.
تم وضعها مع الصورة للمصورة ألكساندرا بولا للاعتداءات التي تعرض لها الفلسطينيون على يد المستوطنين الإسرائيليين أثناء موسم قطف الزيتون، في مدينة سلفيت بالقرب من نابلس في الضفة الغربية في 25 اكتوبر 2006.

*لوحة "رثاء المسيح" وصورة صدمة السيدة الفلسطينية

اللوحة لمشهد البكاء على المسيح في القبر بعد صلبه وهذا المشهد لم يأتِ ذكره في الإنجيل ولكنه أصبح موضوعًا شائعًا في اللوحات، رسمها الفنان الإيطالي أنيبالي كراتشي عام 1606م تقريبًا، ويظهر فيها العذراء محتضنة جسد المسيح ومغشيًا عليها، وعلى يمين اللوحة مريم المجدلية أهم تلاميذ المسيح النساء راكعة وهى تنظر إلى جسده.
وُضع جزء اللوحة الذي يظهر فيه نحيب مريم المجدلية بجانب صورة سيدة من مخيم جنين تمشى في الطرقات لأول مرة بعد رفع حظر التجول يوم 15 فبراير 2002 وتشاهد الدمار الذي حل بالمخيم نتيجة المعركة التي دارت فيه، وهي من تصوير ألكساندرا بولا.

*لوحة "التحول على طريق دمشق" وصورة دمار مخيم بيت حانون

اللوحة لمايكلانجلو ميريزي كرفاجيو رسمها حوالي عام 1601م وتصور لحظة تحول شاول (القديس بولس قبل ان يعتنق المسيحية) إلى المسيحية وهى المذكورة في سفر أعمال الرسل حيث كان في طريقة إلى دمشق لاضطهاد المسيحيين فيها وإذا نور من السماء قد سطع حوله، فسقط إلى الأرض ودار حديث بينه وبين يسوع تحول على إثره إلى المسيحية.

تم الجمع بين الجزء الذي يظهر فيه القديس بولس بعد وقوعه من الحصان وظهور المسيح مع الصورة التي التقتطها ألكساندرا بولا في 14 نوفمبر 2006 لسيدة تنظر إلى الدمار في بيت حانون شمال غزة بعد القصف الذي قامت به المدفعية الإسرائيلية في 8 نوفمبر وأسفر عن مقتل 19 مدنيًا.

*لوحة "هوذا الإنسان" مع صورة فلسطيني يعبر الحاجز والمعاناة التي يتعرض لها

اللوحة تجسد مشهدًا من محاكمة المسيح التي انتهت بصلبه، عندما خرج على الحشد بعد جلده حاملاً إكليل الشوك وثوب الأرجوان، فقال بيلاطس البنطي الحاكم الروماني على اليهودية "هُوَذَا الإِنْسَانُ!"، لمايكلانجلو ميريزي كرفاجيو عام 1605م تقريبًا.
بجانب صورة لعبور فلسطينين حاجز قلنديا في طريقهم للقدس المحتلة، بعدسة المصورة الفرنسية ألكساندرا بولا بتاريخ 20 أبريل 2002.

*لوحة "سيدة الوردية" لكرفاجيو مرة أخرى والصورة لسيدة فلسطينية تحمل ابنتها

وفيها جزء اللوحة التي يظهر فيها السيدة العذراء حاملة طفلها بجانب صورة السيدة الفلسطينية التي تحمل طفلتها وتسقط عليها أشعة الشمس، من السقف المتهدم للمنزل في مخيم برج البراجنة، لبنان 1993م، والصورة من تصوير م. نصر من أرشيف صور الأونروا.

نون بوست


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.