انّ النقد البنّاء بشكل عام، هو فنٌّ وأي فنّ، فنٌّ ينمّ عن اطّلاع وسيع لصاحبه في امور شتّى، وعن سعة افق وكفاءة وجدارة ونزاهة، بحيث يأتي النقد مُقْنِعًا مدعومًا بالاثباتات والحجج مع توخي المصلحة العامّة لا الخاصّة الضيّقة.
وقديما كان الناقد يحتل مركزًا محترمًا في المجتمع فيُسلخ عليه لقب: الحكيم والمُجرّب والحجة في الشيء والخبير وما إليه.
انّ هذا التفسير العام، ينطبق انطباقًا تامًّا على الناقد الأدبيّ، الذي يرمي من خلال نقده الى رفع مستوى الكاتب وتصحيح مساره ووضع الإصبع على نقاط الضّعف، والإيحاء والتصريح غمزًا وجهارًا بهفوات هنا وهنا وهناك، كان الأجدر بالأديب ألا يقع فيها، وذلك حتّى يتلافاها لاحقًا.
لقد كان النقد دومًا دِعامة ترفع شأن الأديب وتُبرزه وتقوّم مساره، وكلّنا يذكر الكاتب الساخر برنارد شو كيف انه كان ينشر قصة، ثمّ يقوم بنقدها في الأسبوع الثاني وفي نفس الصحيفة وتحت اسم مُستعار فيهاجمها ويُبيّن نقاط ضعفها، ليعود في اسبوع آخر وتحت اسم مستعار آخر ليردّ على الناقد داحضًا نقده، مُظهرًا الجوانب الجمالية الأخّاذة في القصة أو المقالة.
هذا الكاتب المبدع جعل القرّاء يتابعون القصة والنقد والنقد المُضادّ، ممّا رفع من شأن برنارد شو في بداية طريقه رغم انّه كاتب مطبوع حقًّا ، وكان سيصل الى مصاف الادباء العالميين حتّى لو انّه لم يستعمل هذا الاسلوب الابداعيّ الظريف .
في ادبنا العربي كوكبة لا بأس بها من النُّقّاد صالوا وجالوا صولاتٍ وجولاتٍ ، وكان لهم الفضل الكبير في تصحيح مسار الكثير من الادباء ، ولعلّ اشهرهم الدكتور محمد مندور ، ايليا الحاوي ، حسين مروّة ، ميخائيل نعيمة ، مارون عبّود والعقّاد وغيرهم ، هذه الكوكبة تركت بصماتها جليّة واضحةً في حقل الادب العربي ، فجاء الحصاد كثير القمح قليل الزؤان ، فلم يحابوا احدًا ولم يتزلّفوا لقريبٍ ، بل كان نقدهم احيانًا هامسًا رقيقًا ، واحيانًا عاصفًا كما الحزّ في اللحم الحيّ، حتى انّ احدهم قالَ : " ان هناك بعض الأورام في جسم بعض النصوص علينا ان نقطعها".
اما في ادبنا المحليّ –وهنا بيت القصيد –فاننا والحقّ يُقال يتامى ، فإنك لن تجد ناقدًا فذًّا حتّى ولو فتشّت بفانوس ديوجين ليلاً ونهارًا.
قد اكونُ مُغاليًا وظالمًا ، ولكن هذا هو الواقع المرير فالنُّقّاد المحليون قِلّة ، وحتى هذه القِلّة المقبولة نوعًا ما ليست على اطّلاع وسيع على حقول الادب وسنابله.
كما انها ليست في مستوى النزاهة السامية ، فترى البعض يكيل المديح لفلان من الشعراء لانّه ابن ملّته وابن بلدته او كان زميلاً له على مقاعد الدراسة ، فيروح يغدق علية المزايا الالهية ، ويهيل عليه الثناء اللامُتناهي ، فكلّ نصٍّ كتبه هو خالدٌ سرمديّ يستحق ان يُسجّل بماء الذهب على أطراف السماء ، أمّا أدب غيره فهو فجٌّ وحِصرم .
من الخطأ بل من الجريمة التجنّي هكذا وبجرّة قلم، فنروح نشطب فلانًا او فلانة من قاموس الادب والشعر ، ونروح بجرّة قلم أخرى نتوّج فلانًا امبراطورًا لا يُشَقُّ له غبار ، في حين اننا لم نقرأ الادب بما فيه الكفاية ، ولم نسافر في فيافي ورياض القصائد العالمية والعربية حُفاة مكشوفي الرؤوس !!
من ناحيةٍ أخرى جميل أن يعترف احدنا نحن معشر الادباء، بالاخطاء وبضعف نصّ ما او عدم نضوج فترة ادبية ما من حياتنا، فالعُظماء نهجوا هذا النهج .
وهنا يحضرني ما صرّحَ به فيلسوف المهجريين جبران حين ندِمَ قبل صدور النبيّ على كلّ ما خطّه قلمه وقال بما معناه : "لو عُدت الى شبابي لاحتفظتُ بكلّ النِقاط وجمّعتها واطلقتها شلّالاً واحدًا يجرف كلّ الأدران .
وبالفعل اصدر جبران بعد ذلك كتاب "النبيّ "الذي رفعه الى مستوى العالمية، رغم ان جبران في كلّ كتبه من كتاب الموسيقى وحتّى النبيّ كان مقدامًا مُبدِعًا فيه حِسُّ الشرق وروحانيته الكثير الى جانب جبروت الغرب وصناعته.
جميل ان ننتقد ، ولكن بعد ارتواء وشبعٍ من شجرة ال حياة الادبيّة، وبعد ان نلفظ العائلية والطائفية والصداقة جانبًا فلا يصِحّ ان نُصفّق لشاعر ما وقد كتب عن " القعّادة ونروح نصوّبُ سهامنا نحو شاعرٍ أجادَ في موضوعٍ يقُضُّ مضجع العالم والإنسانية .
واخيرًا لعلّ كلمة النقد تحمل من خلال لفظها ايضًا معنى اللسع والهمز والغمز ، ولكنها يجب ان تبقى هامسةً ، رفيقةً فيها عنصر الأبوّة ، وما اظنّ ان الاب يقصد من وراء نقده لبنيه سوى الاصلاح ؛بل الاصلاح والنجاح .
وقديما كان الناقد يحتل مركزًا محترمًا في المجتمع فيُسلخ عليه لقب: الحكيم والمُجرّب والحجة في الشيء والخبير وما إليه.
انّ هذا التفسير العام، ينطبق انطباقًا تامًّا على الناقد الأدبيّ، الذي يرمي من خلال نقده الى رفع مستوى الكاتب وتصحيح مساره ووضع الإصبع على نقاط الضّعف، والإيحاء والتصريح غمزًا وجهارًا بهفوات هنا وهنا وهناك، كان الأجدر بالأديب ألا يقع فيها، وذلك حتّى يتلافاها لاحقًا.
لقد كان النقد دومًا دِعامة ترفع شأن الأديب وتُبرزه وتقوّم مساره، وكلّنا يذكر الكاتب الساخر برنارد شو كيف انه كان ينشر قصة، ثمّ يقوم بنقدها في الأسبوع الثاني وفي نفس الصحيفة وتحت اسم مُستعار فيهاجمها ويُبيّن نقاط ضعفها، ليعود في اسبوع آخر وتحت اسم مستعار آخر ليردّ على الناقد داحضًا نقده، مُظهرًا الجوانب الجمالية الأخّاذة في القصة أو المقالة.
هذا الكاتب المبدع جعل القرّاء يتابعون القصة والنقد والنقد المُضادّ، ممّا رفع من شأن برنارد شو في بداية طريقه رغم انّه كاتب مطبوع حقًّا ، وكان سيصل الى مصاف الادباء العالميين حتّى لو انّه لم يستعمل هذا الاسلوب الابداعيّ الظريف .
في ادبنا العربي كوكبة لا بأس بها من النُّقّاد صالوا وجالوا صولاتٍ وجولاتٍ ، وكان لهم الفضل الكبير في تصحيح مسار الكثير من الادباء ، ولعلّ اشهرهم الدكتور محمد مندور ، ايليا الحاوي ، حسين مروّة ، ميخائيل نعيمة ، مارون عبّود والعقّاد وغيرهم ، هذه الكوكبة تركت بصماتها جليّة واضحةً في حقل الادب العربي ، فجاء الحصاد كثير القمح قليل الزؤان ، فلم يحابوا احدًا ولم يتزلّفوا لقريبٍ ، بل كان نقدهم احيانًا هامسًا رقيقًا ، واحيانًا عاصفًا كما الحزّ في اللحم الحيّ، حتى انّ احدهم قالَ : " ان هناك بعض الأورام في جسم بعض النصوص علينا ان نقطعها".
اما في ادبنا المحليّ –وهنا بيت القصيد –فاننا والحقّ يُقال يتامى ، فإنك لن تجد ناقدًا فذًّا حتّى ولو فتشّت بفانوس ديوجين ليلاً ونهارًا.
قد اكونُ مُغاليًا وظالمًا ، ولكن هذا هو الواقع المرير فالنُّقّاد المحليون قِلّة ، وحتى هذه القِلّة المقبولة نوعًا ما ليست على اطّلاع وسيع على حقول الادب وسنابله.
كما انها ليست في مستوى النزاهة السامية ، فترى البعض يكيل المديح لفلان من الشعراء لانّه ابن ملّته وابن بلدته او كان زميلاً له على مقاعد الدراسة ، فيروح يغدق علية المزايا الالهية ، ويهيل عليه الثناء اللامُتناهي ، فكلّ نصٍّ كتبه هو خالدٌ سرمديّ يستحق ان يُسجّل بماء الذهب على أطراف السماء ، أمّا أدب غيره فهو فجٌّ وحِصرم .
من الخطأ بل من الجريمة التجنّي هكذا وبجرّة قلم، فنروح نشطب فلانًا او فلانة من قاموس الادب والشعر ، ونروح بجرّة قلم أخرى نتوّج فلانًا امبراطورًا لا يُشَقُّ له غبار ، في حين اننا لم نقرأ الادب بما فيه الكفاية ، ولم نسافر في فيافي ورياض القصائد العالمية والعربية حُفاة مكشوفي الرؤوس !!
من ناحيةٍ أخرى جميل أن يعترف احدنا نحن معشر الادباء، بالاخطاء وبضعف نصّ ما او عدم نضوج فترة ادبية ما من حياتنا، فالعُظماء نهجوا هذا النهج .
وهنا يحضرني ما صرّحَ به فيلسوف المهجريين جبران حين ندِمَ قبل صدور النبيّ على كلّ ما خطّه قلمه وقال بما معناه : "لو عُدت الى شبابي لاحتفظتُ بكلّ النِقاط وجمّعتها واطلقتها شلّالاً واحدًا يجرف كلّ الأدران .
وبالفعل اصدر جبران بعد ذلك كتاب "النبيّ "الذي رفعه الى مستوى العالمية، رغم ان جبران في كلّ كتبه من كتاب الموسيقى وحتّى النبيّ كان مقدامًا مُبدِعًا فيه حِسُّ الشرق وروحانيته الكثير الى جانب جبروت الغرب وصناعته.
جميل ان ننتقد ، ولكن بعد ارتواء وشبعٍ من شجرة ال حياة الادبيّة، وبعد ان نلفظ العائلية والطائفية والصداقة جانبًا فلا يصِحّ ان نُصفّق لشاعر ما وقد كتب عن " القعّادة ونروح نصوّبُ سهامنا نحو شاعرٍ أجادَ في موضوعٍ يقُضُّ مضجع العالم والإنسانية .
واخيرًا لعلّ كلمة النقد تحمل من خلال لفظها ايضًا معنى اللسع والهمز والغمز ، ولكنها يجب ان تبقى هامسةً ، رفيقةً فيها عنصر الأبوّة ، وما اظنّ ان الاب يقصد من وراء نقده لبنيه سوى الاصلاح ؛بل الاصلاح والنجاح .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
يمنع نشر أي تعليق مسيء للأديان السماوية, أو يدعو للتفرقة المذهبية والتطرف, كما يمنع نشر أي موضوع أو خبر متعلق بأنشطة إرهابية بكافة أنواعها أو الدعوة لمساندتها ودعمها,أو إساءة للشخصيات العامة
كُل المحتوي و التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع .
بعض صور الشعراء و الشاعرات غير صحيحة، نرجو تبليغنا إن واجهت هذى المشكلة
إدارة الموقع لا تتابع التعليقات المنشورة او تقوم بالرد عليها إلى نادراً.